بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية(الرجل المريض) كان الوقت الأنسب ليعلن الغرب عن مشاريعه المستقبلية التي عمل عليها أثناء الموت البطيء للعثمانيين فأعد العدة وامتطى فرس التقدم على كافة الأصعدة: صحيا، تعليميا، تكنولوجيا واقتصاديا، بل حتى جغرافيا إذ أصبح له نفوذ ممتدة على الأرض العربية أيضا، إلا أن العرب كانوا لا يزالون يشكون مصابهم فتظنهم يحيون على أنهم تحث غمامة العثمانيين إلى أن تفاجئوا بالشرخ الكبير بين بلادهم وبلاد الغرب. فأية علاقة تلك التي تجمع بين مواطن عربي يحلم بسماء الإمبراطورية العثمانية ومواطن غربي يبني لإمبراطورية جديدة تسيطر على العالم كأخطبوط كاسح دون ؟؟؟ لقد كانت المفاجئة بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية التي مازال يعتقد المواطن العربي أنها صفعة أتت أكلها دون شك، فما آل إليه العالم الغربي من حضارة وازدهار واضح لم يكن ليصعد سلالم القوة لولا ما قدمه من دماء وخسائر على كل المستويات. لقد كان لزاما على المواطن العربي أن يستفيق بوعي وفكر بعدما أن غزاه الغرب بكل أنواع الأسلحة الممكنة، فمن الاحتلال بالكموندوهات السرية والتغلغل في أطراف البلاد(هذا الاحتلال الذي كشف عن خبايا آمال المحتل الغربي في التوسع تكهنا منه بمدى استراتيجية المنطقة العربية فدامت حروبه لعقود طويلة تجاوزت إحداها القرن كحرب الجزائر مع فرنسا، والتي لولا المقاومة الباسلة وصمود الشعب وتمسكه بخيار النصر أو الشهادة لما طرد المحتل مدحورا مهزوما) إلى الاحتلال بالتخدير الفكري من أجل طمس الهوية العربية. أمام هذه الحقائق المفجعة أعلن الوطن العربي”ثورة اليقظة الفكرية” من أجل توعية الشعوب العربية وربطها بأحداث العالم ككل لتلتحق بالركب، لكنها ورغم كل الجهود التنموية المخجلة إلا أنها لا تزال المؤخرة ( المملكة المغربية تحتل المرتبة الأخيرة على مستوى التعليم في إحصائيات 2008 الدولية) ناهيك عن ميادين الصحة والبيئة. “بلاد في طور النمو” هكذا باتت البلاد العربية تنعت بعدما أن كانت أميرة البلاد وتاج الأمم، لكن يبدو أن حظنا “قميص عثمان” لا أكثر... فإلى أين يسير الوطن العربي؟؟ هل أصبح لزاما أن يذوق صفعة كتلك التي ذاقها الغرب لينهض؟؟ أو ما تعلم بعد من حرب فلسطين والعراق والبوسنة والهرسك والشيشان والصومال والبقية الباقية على لائحة الانتظار؟؟ هل أصبح الوطن العربي مقتصرا على ثورات الفكر يختزل اسما ويزيد آخر وكأن مهنته التحليل والاستنباط لا أكثر؟؟ ألا يكفي العرب فخرا ماضيهم المجيد كأساس متين لإعلاء طوابق التقدم؟؟؟