لقد اتضح لنظام المخزني جيدا أن الريف صخرة تكسرت عليها كل الرهانات المخزنية فكل محاولات الإحتواء كان مصيرها الفشل الذريع، وذلك عبر إستخدامه لبيادقه وأذنابه ونذكر على سبيل الذكر لا الحصر الظاهرة العمارية ومن دار في فلكها والتي أصبحت في الآونة الأخيرة شأنها شأن الذي يتداوى من الخمر بالخمر أو كما قيل ترقص رقصة الديك المذبوح حتى العماري بنفسه يعرف أن الكثير من أمثاله سبقوه إلى أحضان المخزن وأرادوا أن يقدموا له الريف على طبق من ذهب ولكنهم سقطوا في مزبلة التاريخ وألحق بهم الخزي والعار، فهذا ما يؤكد أن الريف يصعب زحزحته وترويضه فكلما إستشعر بخطر يهدد هويته وخصوصياته كان التمرد من طبيعته . فلنعد قليلا إلى التاريخ، ففي كتاب "إكتشاف الريف والمغرب المجهول" حيث أكد الكاتب أن الريف لم يكن يوما عبدا مطيعا لسلطان وكما تؤكده أيضا أطروحة دافيد هارت، وفي تجربة مولاي محند لا أقول أنه كان إنفصاليا أو أوطونوميا ولكني أقر أن الشهيد أسس كيانا سياسيا ريفيا لم يكتب له أن يعيش طويلا بمعنى أن تجربته كانت بداية الوعي السياسي بالريف أو بالأحرى جعلت الريفيين يمارسون السياسة من أجل الريف. أما إنتفاضتي 5859 المجيدتينن لخير دليل على تجسيد القضية الريفية مجددا والتي سقط فيها الألاف من الشهداء والمعتقلين على يد ميليشيات عصابة الإستقلال بتحالف مع المخزن، وفي سنة 84 كان الريف في الواجهة أستشهد من أستشهد وأعتقل من أعتقل ونعت أهله بأبشع الأوصاف وذلك دفاعا عن الكرامة والعيش الكريم، فكما لا ننسى أيضا إستشهاد الدكتور قاضي قدور من أجل اللغة والثقافة الريفيتن وهذه الأحداث التي ذكرناها جعلت من دماء الشهداء مرجعية للريف لا تقبل المزايدة ولا المساومة فرغم كل الشعارات التي يطبل عليها النظام المخزني فالريف يرفضها جملة وتفصيلا بإعتبارها تكريس لسياسة التفتيت والتقسيم. من قبيل الجهوية الموسعة والتي أعلن عنها مؤخرا في حين لم تراعى فيها لا الخصوصيات الثقافية واللغوية ولا الإقتصادية وإنما كان تقسيما أمنيا لتخوفهم من كثرة الإحتجاجات التي عرفها الريف مؤخرا الساخطة على المخزن وسياسته ما أدى إلى تشتيت الريف مجددا ، ومن هذا كله فالريف لن يقبل حلا إلا بتمتيعه بالتسيير الذاتي لفرض هويته وإستغلال ثرواته في إطار نظام فيديرالي تسود فيه الديمقراطية والقانون الذي يضعه الشعب ومن هذا المنبر نحيي اللجنة التحضيرية للحركة من أجل الحكم الذاتي للريف التي حملت المشعل وجعلت القضية الريفية فوق كل إعتبار،أما بخصوص الإخوة المخالفين لهذا الطرح مشكلتهم تكمن في عدم طرحهم لأي بديل علمي منطقي يخرج الريف من دائرة التهميش والإقصاء التي عان منها أهلنا لعقود طويلة من الزمن، فإننا نؤمن أن لا أحد يملك الحقيقة المطلقة فمرحبا بأي طرح بديل لما فيه مصلحة الريف أما الرفض مه أجل الرفض فهذا مشكل. على أهله أن يعالجوه، وفي الأخير أقول لقد آن الأوان ليقول الريف كلمته وأن يرفع صوته في وجه كل التحديات لينال مكانته وشرفه و من أجلهما سالت الكثير من الدماء.