رأينا في المقال السابق كيف أن على المغرب استعادة قوته البحرية، وأن تاريخه يؤهله لذلك، كما أن تحقيق التنمية المطلوبة لعموم البلد أمر يقتضي هذه العودة إلى البحر. فركوب البحر واستغلاله قرار استراتيجي كبير وضروري وعاجل، سيعود بالنفع الهائل على المغرب. واليوم سنرى كيف نحقق ذلك؟ أولا- أمثلة عربية وإسلامية: يمتلك المغرب شريطا ساحليا يتعدّى ثلاثة آلاف كيلومتر، بينما شواطئ مصر أكثر قليلا من ألفيْ كيلو.. رغم ذلك تملك مصر أكبر وأقوى بحرية في إفريقيا وفي الشرق الأوسط متفوقة بذلك على "إسرائيل" أيضا، بل هي القوة السابعة عالميا، حيث تمتلك نحو 320 قطعة بحرية مختلفة، منها 11 فرقاطة، و9 غواصات، و174 زورق مرور ساحلي، بالإضافة إلى عدد كبير من لنشات الصواريخ والزوارق البحرية.. وبينما لم يؤسس المغرب مدارس بحرية إلاّ متأخرا، فإن مصر أنشأت أول مدرسة بحرية متخصصة في سنة 1825 في عهد محمد علي. كذلك الجزائر متقدمة على المغرب في هذا المجال: أولا من حيث عدد القطعات البحرية وتنوّعها، فهي مثلا تملك أسطولا من الغواصات هو الأكبر في أفريقيا. ثانيا من حيث التصنيع البحري، فقد أسست الشركة الوطنية للصناعات البحرية عام 1974، وظهرت مؤسسة البناء والتصليح البحري بوهران، وهي هيئة عسكرية ذات طابع صناعي واقتصادي، ودُعمت بالخبرات اللازمة واللوجستيك المناسب كحوض السفن وآليات الرفع والجرّ.. وتنقسم لوحدة البناء البحري التي تصنع السفن، ووحدة التصليح وصيانة الهياكل والأجهزة.. على المستوى الإسلامي توجد تجارب ناجحة كأندونيسيا وماليزيا، وتحتل البحرية التركية المركز 12 على مستوى العالم. وهذا كله بحسب موقع "غلوبال فاير." وتطمح تركيا -التي تملك أحد أكبر أساطيل الغواصات في حلف الناتو- إلى إنتاج الغواصات، كما أنها تصنع سفينة كورفيت محلية بنسبة شبه كاملة، ومشروعها في المستقبل القريب هو صناعة الفرقاطات. وتبيع لدول كبيرة كباكستان وأندونيسيا. لذلك فإن تركيا تتقدّم بسرعة في سلّم القوة البحرية. إن البحر ليس إمكانات مادية فقط، بل خبرات متراكمة عبر الأجيال.. والأهم أن امتلاك البحر هو إرادة وقرار دولة كما شرح ذلك ابن خلدون في أدقّ وأجمع وأجمل صفحات كُتبت عن التاريخ البحري الإسلامي في الماضي، كما يقول كريستوف بيكار، المختص بالتاريخ البحري لغرب حوض البحر الأبيض المتوسط في العصر الوسيط. لذلك لاحظ ابن خلدون أن تراجع البحرية الإسلامية في القرون الأخيرة ليس بسبب تفوق شعوب جنوب أوربا المطلة على البحر وإتقانهم لركوب البحر بالفطرة، خاصة من أهل البندقية وجنوة، كما كان يُعتقد أحيانا.. فالقوة البحرية لا تختص بشعب أو بلاد معينين، بل بالدولة نفسها: هل لها سياسة بحرية أم لا، أي هل تملك إرادة بناء قوة بحرية؟ ثم هل تتوفر على الخبرة بالبحر والتي يختزنها البحارة والصانعون وسائر الرجال الذين لهم علاقة بالبحر؟ ثم إن استثمار البحر لا يتوقف دائما على إمكانات ضخمة، بل يحتاج لحسن تدبير للموارد المتاحة، فالبحرية المصرية مثلا استطاعت باستخدام لنشات الصواريخ أن تغرق المدمرة «إيلات» والتي كانت تعتبر من أكبر الوحدات البحرية الإسرائيلية، وذلك 21 أكتوبر عام 1967، فاستفاد الفكر الاستراتيجي أنه يمكن لوحدات بحرية صغيرة أن تصيب وحدات كبيرة كالمدمرات والفرقاطات. وهذه الفكرة هي ما تشتغل عليه حاليا البحرية الإيرانية، ولهم فكرة معروفة في هذا المجال، أعني في حال مواجهةِ بحريةٍ أقوى منهم. ثانيا: أهل الريف أمة بحرية: إذن يجب أن يكون المغرب أمة بحرية، وأن يكون الريفيون بالشمال رأس حربة القوة البحرية المغربية، المدنية والعسكرية على السواء، ويكون غيرهم كذلك على الأطلسي. فيكون عندنا أسطولان: الأسطول الشمالي والأسطول الغربي، فأسطول الشمال يتحكم في البحر المتوسط وتكون قيادته بالحسيمة، وأسطول الغرب يتحكم في الأطلسي. إن الريفيين -بحسب بعض المؤشرات والدراسات التاريخية- هم أكثر من اهتم بالبحر بين المغاربة، بالمقارنة مثلا مع أهل سوس، بل حتى مع الطنجيين.. وهذا منذ ما قبل الإسلام. فقد امتلكت بعضُ قبائل الريف –كما يقول أ.مصطفى غطيس- المراكبَ الكافية لعبور المضيق باستمرار لمهاجمة الشواطئ الإيبيرية طوال العصر الإمبراطوري الروماني، في عصر نيرون وماركوس أوريليوس وأنطونيوس التقي.. بل وصلوا حتى الغال (فرنسا الحالية).. وكانت حربا حقيقية. خاصة في القرنين الثاني والثالث الميلاديين. لذلك بينما يوجد نقاش بين المؤرخين حول علاقة السكان بالبحر، خاصة على الواجهة الأطلسية، فإنه يوجد توافق عام على قوة اشتغال الريفيين بالبحر منذ منتصف القرن الثامن، انطلاقا من موانئ بادس والمزمة. فقد كان عدد المراسي بالريف كبيرا منذ أيام الرومان، وازداد في العهد الإسلامي، ذكر منها البكري في "المسالك والممالك" وغيرُه: مرسى ملوية وهرك وكرط ومرسى الدار ونكور وأوفتيس من مراسي تمسمان ووادي البقر والمزمة وباديس ومرسى بقيوة وبالش.. في حديث الرسول الكريم: "اعملوا فكل ميسّر لما خُلِق له". وأهل الريف مقاومون بالفطرة. وكأن المولى إسماعيل رحمه الله فهم هذا جيدا، فعمل تنظيما محكما للجيش مستفيدا من "أقسام أو أنواع" أربعة: من بقايا الجيش الذي ورثه عن السعديين، ومن رجال القبائل الذي يجنّدهم عند الحاجة، ومن قبائل المجاهدين وهم في معظمهم ريفيون، وكان المولى إسماعيل يثق فيهم فترك لهم الخيول والسلاح في حين جرّد قبائل كثيرة من أي قوة عسكرية. وقد جاء تأسيس جيش المجاهدين ضمن خطة تقنين الجهاد، وكان العلامة الفقيه اليوسي ممّن نبّه السلطان على أهمية هذا العمل في رسالته المعروفة إليه. وهذا "الجيش الريفي" – ويسمى أيضا: الفرقة الريفية- هو الذي حرر عددا من الثغور من الإسبان والبرتغال كالمهدية وأصيلا وطنجة والعرائش.. فسكنوا فيها. ومن أبرز العائلات القائدة في هذا الجيش: أعراس والريفي والبطوئي.. ومن قادتهم أيضا: عمار بن حدو البطوئي، وأبو العباس أحمد بن حدو البطوئي، وعلي بن عبد الله الريفي.. رحم الله الجميع. وكانت قبائل الفحص من قبائل المجاهدين الريفيين، الذين وطّنهم المولى إسماعيل بطنجة وما حواليها بعد تحريرها سنة 1684م. أولا مكافأة لهم، وثانيا لحراستها والدفاع عنها. وقد تجاوز هذا الجيش دور الجهاد المحض، فمثلا أشركه المولى إسماعيل في حصار مراكش برئاسة أبي محمد بن عبد الله أعراس. للأسف أن هذا النظام الفعال تراجع كثيرا بعد وفاة إسماعيل، فتنافس الأمراء واستخدموا القبائل بعضها ضد بعض، وكان من أكثر المتضررين من هذه الفوضى أهل الريف. لذلك لابد من إدماج أعداد كبيرة من أهل الريف في مختلف التشكيلات العسكرية وشبه العسكرية للمملكة. إن بإمكان شباب الريف أن يكونوا فرسان البحر حقّا. فهذا حلّ للبطالة أيضا. ويجب على أهل الريف أن يفهموا هذا، فالانضمام للجيش كان تاريخيا مصدرَ رزق مهمّ. ومن جهة أخرى ينبغي تحسين الجوّ العام للجيوش فتكون العلاقة فيها قائمة على الاحترام والثقة، مع الانضباط طبعا، حتى لا ينفر منها الشباب، أي يجب أن تكون الحياة العسكرية جاذبة لهم. ثالثا: القطب البحري بادس. من أين نبدأ؟ لمنطقة الحسيمة موقع فريد، فهي تتوسط الساحل الشمالي للمملكة، أي على المسافة نفسها تقريبا بين السعيدية وطنجة، وهما أقصى نقطتان على البحر المتوسط. لذلك سنبدأ بإحياء بادس: الميناء والمدينة، لكن بشكل عصري متطور. فنبني الميناء ونقيم قريبا منه منشآت متنوعة: 1-الميناء أولاً: نبني ميناءً دوليا كبيرا ببادس وما حولها، ويُراعى فيه توزيع الوظائف وتكاملها مع مينائيْ الناظور (وهو لايزال مشروعا) وطنجة. ميناء بادس هو في الحقيقة ميناءان: واحد مدني، والآخر عسكري. فيكون قاعدة لبحريتين: البحرية التجارية والصيد. والبحرية الحربية. 2-القطب التعليمي: من المدارس والمعاهد الابتدائية والمتوسطة والعليا. 3-القطب الصناعي: وهي المنطقة الصناعية ببادس على أرض لا تقلّ عن 30 هكتار، وتكون مرتبطة بالمناطق الصناعية للناظور وفاس وطنجة، فضلا عن الدارالبيضاء. وتركز هذه المنطقة على الصناعات البحرية. 4-القطب العسكري: وفيه المنشآت العسكرية اللازمة: أ- منها غير بعيد عن الساحل قاعدةٌ جوية عسكرية تكون تابعة للبحرية الملكية. ب- قاعدة بحرية عسكرية كبيرة تضارع القاعدة الموجودة بالدارالبيضاء. إذ إن القواعد البحرية للبلد توجد حاليا بأكادير والداخلة وطنجةوالدارالبيضاء. وكانت توجد قاعدة صغيرة جدا بالحسيمة ثم ألغيت. بمعنى أنه لا توجد أيّ قاعدة كبيرة على البحر المتوسط. أما طنجة، فوضعها استثنائي جدا، فهي ليست متوسطية ولا أطلسية، وليست حتى من "الريف" التاريخي أو الجغرافي. ج- يتم إنشاء قاعدتين جويتين كبيرتين بالريف (واحدة شرق الناظور، والثانية غرب الحسيمة) حيث الموجود (34 قاعدة جوية عسكرية) يقع بأقاليم الرباط/سلا، ومكناس، والقنيطرة، والعيون، وسيدي سليمان، وابن جرير، وقاعدة تدريب بمراكش.. بمعنى لا يوجد توازن في التوزيع الجغرافي للقواعد الجوية الحربية، فليس في الشمال ولا قاعدة واحدة. د- إنشاء كتيبة متخصصة في حروب الجبال: فهي كتيبة جبلية من أهل الريف أساسا، وتكون قاعدتها بتاركيست. 5-مدينة سكانية: بالطبع توجد حاجة لبناء مدينة قائمة وكاملة التجهيزات والمرافق يسكن بها كل من يشتغل ضمن هذا المركب البحري/الصناعي/المدني/ العسكري الضخم، أو كل من له صلة به. ثم نربط هذا المركب (المدينة والقطب الصناعي والميناء وسائر المرافق..) بطريق سريع يربطها بمدينة الحسيمة الكبرى، وبطريق سريع آخر يربطها بمدن: تاركيست وتاونات.. أما الربط بتطوانوطنجة فهو حاصل الآن عبر الطريق الساحلية. اقتراحات لبناء أسطول الشمال المدني: الصناعة والطاقة: تأسيس معهد -بمعمل تجارب- للبحث في استخراج طاقة الأمواج، واستخراج الطاقة من ماء البحر أيضا. وبناء معامل لتحلية ماء البحر. وأخرى لصناعات الملح بشكل متطور وليس بالأسلوب البدائي. النقل والنقل البحري: ينبغي التفكير في: إعادة الخط البحري تطوان-الحسيمة. وإحياء الحج السياحي، أي الذهاب إلى الحج عبر البواخر. ويجب أن نربط مناطق تازة وفاس وجرادة وفكيك.. وغيرها، بالساحل، بحيث يُصدّر الإنتاج الفلاحي والصناعي لهذه المناطق عبر ميناء بادس. وهذا سهل الآن بفضل الطريق السريع القائم الحسيمة-تازة. ثم نشق طُرقا بعمق 20 كلم على الأقل داخل الريف، أي من الشاطئ إلى عمق الريف، حيث توجد عشرات القرى الآهلة بالسكان.. هذه السلسلة الطرقية تكون كالشرايين المغذية للشريان الكبير، فتمتد من أقصى الريف شرقا إلى أقصاه غربا، وتربط هذه التجمعات السكانية بعضها ببعض وبالساحل. ويكون بين كل طريق وطريقٍ مسافة 20 كلم أيضا، فيكون مجموع هذه الطرق شبه المتوازية بعضها مع بعض حوالي 15 طريقا. هذا تفكير على طريقة كينز الاقتصادي المعروف. الجزر: يعتبر الشاطئ المغربي المتوسطي فقيرا من ناحية الجزر، وهذا طابع عام للشواطئ الإفريقية. حتى ما هو موجود للأسف احتله الإسبان. لكن هذا لا يمنع من إحصاء جميع الجزر –حتى لو كانت جدّ صغيرة- لاستغلالها في مشاريع سياحية من السعيدية إلى طنجة. وفي المستقبل يمكن بناء جزر اصطناعية، فهذه تقنية معروفة. الموانئ: يحتاج المتوسط لثلاثة موانئ كبيرة: أحدها قائم، ما بين طنجةوتطوان، والآخران يجب أن يكونا بالحسيمةوالناظور. ومع ذلك توجد حاجة لإنشاء سلسلة موانئ صغيرة على طول المتوسط، وتكون مجهزة للتخزين والتصدير. وينبغي أيضا بناء كثير من قرى الصيد، ونقاط التفريغ، إذ إن نصف القوارب التقليدية بالبلد توجد بالبحر المتوسط. الغابة: يجب العمل أيضا على إعادة تشجير الريف، فقد يكون من أسباب ضعف البحرية في المغرب في القرون الأخيرة -كما يرى بعض المؤرخين-: تراجع المساحات الغابوية. لابد من سياسة غابوية تخدم المشروع الكبير: قطب بادس، وذلك بغرس الأشجار المناسبة لصناعة السفن. أي تكون الغابة في خدمة البحر. إذ لايزال الخشب مكونا مهما في صناعة بعض السفن والآلات. السياحة: من المفيد أيضا إعادة إحياء وإبراز المعالم السياحية التي تندثر بسرعة، كالأربطة والزوايا والقلاع والقرى والأضرحة.. وأكثرها بالساحل. والحفاظ على ما تبقى من معالم جهاد الريف ضد الإسبان كدار الخطابي وموقع أنوال وقلاع الناظور.. كما يمكن تحويل أنوال لمنطقة جذب سياحي. والسياحة صناعة، إذ توجد اليوم دول سياحية صنعتْ سياحتها من الصفر. ينبغي أيضا إنشاء نواد للغوص باعتباره هواية، وباعتباره حرفة أو مهنة أيضا. كذلك يمكن بناء مصحات على الشواطئ، بما في ذلك المصحات النفسية. وهذا معروف عند أهله. ويمكن بناء قرى سياحية بمواصفات مدروسة، وتجزئتها، وبيعها. والأموال المحصلة تذهب لصندوق تنمية الريف. السمك: يمكن استزراع السمك والمرجان في البحر المتوسط، كذلك يجب فتح معامل لتصبير السمك. ونقوم أيضا بدراسة شاملة وتقنية لباطن البحر (ضمن السواحل الإقليمية وسواحل المنطقة الاقتصادية..). مثلا هل المغرب متأكد من عدم وجود النفط أو الغاز في باطن المتوسط؟ اقتراحات لبناء أسطول الشمال العسكري: هذه بعض البيانات لكي نعرف أن القاعدة المقترحة ببادس قاعدة كبيرة وضرورية لمستقبل البلد الذي عنده ما يكفي من التحديات لتحديث أسطوله البحري، بنوعيه: التجاري والخاص بالصيد. المهام: إن القوة البحرية مهمة لأنها في أوقات السلم تراقب الشواطئ والمياه الإقليمية والاقتصادية، وتؤمّن الموانئ، بل تحرس حتى المدن الساحلية ومنشآتها الحيوية.. كما أنها تراقب أيضا الثروات السمكية وغيرها، كالنفط والغاز لو ظهر مستقبلا بشواطئ المملكة. أما في أوقات الحرب فعليها: تأمين خطوط الملاحة الدولية وحركة النقل البحري.. والتصدي لكل هجوم معادٍ بأنظمة التسليح المعروفة من مدفعية وصواريخ سطح-سطح. من مهام الأسطول الملاحي للشمال أيضا: الإنقاذ البحري، ومعالجة الهجرة غير القانونية والتهريب بأنواعه والمخدرات ونقل الأسلحة.. ومكافحة التلوث البحري. وهذا كله على مدى أربع وعشرين ساعة، ما يدلّ على حجم المهمة الملقاة على عاتق البحرية، فتحتاج قرارا سياسيا قويا بالدعم. يجب أن يكون هذا الأسطول قادرا على إنجاز جميع ما تقوم به البحريات العالمية، كمواجهة القطع المعادية، والاستطلاع، والإمداد بالوقود والذخائر، واكتشاف الألغام وتحييدها.. الجنود: يحتاج الأسطول العسكري للشمال إلى مضاعفة عديد القوات البحرية بزيادة 3 آلاف جندي على الأقل: ألفان على السطح، ضِمنهم المقاتلون على ظهر السفن، وألف من مشاة البحرية، أي قوة برمائية (على شاكلة المارينز)، إضافة إلى فرقة الغواصين، أو الضفادع البشرية. أنواع القطعات البحرية: يكون لأسطول الشمال القطعات الأساسية كالفرقاطات، والمدمرات أو الطرادات، والزوارق.. لكن أيضا: كاسحات الألغام، وسفن الإنزال البحري، وسفن الدعم، وسفن نقل الجنود والمعدات إلى مسافات بعيدة، فضلا عن الزوارق الصغيرة السريعة.. ولا يكتفي بسفن الكورفيت... ينبغي أيضا امتلاك حاملة حوامات بحرية، فهي بديل جيد لحاملة الطائرات التي يحتاج امتلاكها لإمكانات وكفاءات لا تتوفر عادة إلاّ للدول الكبيرة. التسلح: لا ينبغي أن تقتصر البحرية المغربية على التسلح الدفاعي فقط، إذ المخاطر متنوعة (المخدرات، والإرهاب، والقرصنة البحرية..)، لذا على بحرية الشمال امتلاك منظومات القتال الأساسية: كإدارة النيران، وأجهزة الاستشعار، والحرب الإلكترونية من التشويش والتخفي.. ويكون عندها كافة التخصصات الحربية الأساسية: الملاحة، وأسلحة السطح من صواريخ ومدفعية، وأسلحة تحت الماء، وسلاح الإشارة (التواصل).. الإنقاذ: المغرب بلد عبور بحري دولي، فيحتاج إلى تطوير مجال تقديم كل الخدمات التي تحتاجها السفن العابرة، وهي حوالي مائة وخمسين سفينة في اليوم تعبر مضيق جبل طارق. لذا عليه امتلاك قاطرات الإنقاذ، والمروحيات الخاصة بعمليات الدعم والإنقاذ للسفن التجارية في البحر المتوسط. الغواصات: إن الحاجة ليس فقط لغواصات حربية، بل أيضا لأغراض البحث والإنقاذ. فعلى أسطول الشمال امتلاك غواصة متوسطة، أو غواصات صغيرة، وهذا أفضل في البداية. القوة الجوية التابعة للبحرية: لابد من تطوير القوة الجوية بالشمال، لأن البحرية تكون مكشوفة من دون إسناد جوي. فيكون لأسطول المتوسط قوته الجوية المكونة من طائرات عمودية وحوامات أو مروحيات مقاتلة وناقلة.. إضافة لطائرات الاستطلاع البحري لطول شواطئنا. الحاجة للخبرة البحرية: ينبغي أن تكون للقوات البحرية رؤية نظرية وبرنامج عمل طويل الأمد، وأن تمتلك القدرة على العمل في المياه العميقة، فهذا هو المعيار الحقيقي في تقييم كلّ قوة بحرية. إن البحر –كما شرح ابن خلدون- خبرة متراكمة، فإذا قامت بعض العراقيل السياسية أو المالية في وجه تطوير بعض مناحي بحريتنا فلا يجب إلغاء الموضوع كله. مثلا إذا لم يستطع المغرب شراء غواصة حقيقية وفعالة، كالتايب الألمانية مثلا، فيمكنه شراء غواصات أقل كفاءة وحجما، ويكون الهدف هو بناء نواة لقسم الغواصة بالبحرية المغربية، وفرصة للتدريب وتكوين الكفاءات في مجال الغوص البحري.. وإذا منعتْ بعض الاعتبارات من امتلاك غواصة عسكرية، فيمكن الاكتفاء -في هذه المرحلة- بغواصات مدنية.. ريثما تتغيّر الظروف. لكن تكون البحرية الملكية قد بدأت مشروعها. الصناعة البحرية: لابد من أن نبدأ نواة صناعة بحرية: مدنية، وحربية مناسبة للقوات البحرية. قد تكون البداية بالتصنيع المشترك بمعاونة الدول الصديقة، فيكون ذلك مقدمة للتصنيع الذاتي. وهنا يمكن الاستفادة من شراكات مع دول عربية مهتمة بالموضوع، ولها إمكانات مالية مهمة، وأبرزها: السعودية والإمارات وقطر.. ضمن مشروع مغربي-خليجي. كذلك يمكن الاستعانة بالأتراك (وربما أيضا بالماليزيين أو الأندونيسيين). ذلك لأن الأوربيين في الغالب لا يريدون أن يكون المغرب بلدا قويا وغنيا. يجب أن نستفيد من الدرس التركي، فتركيا بقيت نصف قرن تتسوّل الانضمام للاتحاد الأوربي دون جدوى. لقد لخّص مسؤول تركي (يس أكتاي) الموقف جيدا بقوله: أوربا تريد منّا كل شيء، ولا تقدم لنا أيّ شيء. تاريخيا كان الأتراك حلفاء بحريين لنا، بل ساعد العثمانيون المغربَ كثيرا في تقوية بحريته، وكان أملهم أن يسيطر المغرب على مضيق جبل طارق... يتبع.. عن موقع "هيسبريس".