في سياق مواكبة حزب التقدم و الاشتراكية لتطورات و تداعيات الحراك الشعبي الذي تشهده منطقة الريف منذ أكتوبر من السنة الفارطة. نظم الفرع المحلي بالناظور مائدة مستديرة حول موضوع " حراك الريف الواقع و الآفاق" أطرها كل من الأستاذ محمد بولعيون الكاتب الإقليمي للحزب و الأستاذ وليد العثماني عضو اللجنة المركزية للحزب كما استضافت الأستاذ خالد بنحمان عضو المكتب التنفيذي للمركز المغربي لتنمية الريف الكبير. المائدة المستديرة التي سيرها ذ. مصطفى هلهول عضو اللجنة المركزية سلطت الضوء من زوايا مختلفة على أبرز المحطات التي أسست لحراك الريف منذ مقتل شهيد الحكرة و بائع السمك محسن فكري و تنامي وتيرة الاحتجاجات و الخرجات الجماهيرية التي اجمعت على ان خيار المؤسسات المنتخبة و العمل من داخل الوسائط التقليدية استنفذت مشروعها السياسي في لحظة مفصلية و فارقة ببلادنا. هذا وقد قدم الأستاذ وليد العثماني قراءة متأنية في مسلسل الحراك من خلال تشخيص و رصد للسياق العام الذي أدى إلى خروج الجماهير مطالبة برزمة من الحقوق الاقتصادية و الإجتماعية. و اعتبر ذ.وليد العثماني أن واقع الحراك يفرض على الدولة التعاطي الحكيم و التبصر في معالجة الوضع دون خسائر و تراجعات في المكاسب التي راكمها المغرب. كما أشار إلى ضرورة إعادة النظر في آليات عمل الأحزاب بعد أن تراجع دورها في خضم التبخيس الذي تعرضت له و بسبب صناعة أحزاب هجينة تفتقد إلى المشروعية والخطاب الواقعي و حول موقف حزب التقدم و الإشتراكية من الحراك أكد ذ. وليد العثماني على أن المكتب المحلي بالناظور كان جريئا و هو يعلن اصطفافه مع مطالب الحراك الشعبي في إطار من الوحدة و التضامن و الحرص على عدم التراجع عن المكتسبات السياسية التي تستوجب التعاطي مع انتظارات ساكنة الريف بإيجابية. و في مداخلة الأستاذ خالد بنحمان عضو المركز المغربي لتنمية الريف الكبير أكد على أن علاقة الريف بالحراك ليست وليدة اليوم بل هناك ترابط تاريخي و حضور لهذا الفعل النضالي تحت مسميات مختلفة أبرزها حراك 58/59 تحت إسم انتفاضة الريف ثم حراك يناير 1984 تحت إسم أحداث الريف و مرورا بحراك 2011 الذي توج بإصدار وثيقة دستورية وصولا إلى الحراك الشعبي بالريف 2011 الذي شكل لحظة سياسية هامة في تاريخ الاحتجاجات بالمغرب بما نجم عنه من أزمة في تدبير السلطة و تنزيل السياسات العمومية و البرامج التنموية التي أبانت عن اختلالات كبيرة في حاجة إلى جرأة و تبصر لتفادي أي إنزلاق لا يخدم مصلحة الوطن. وفي ختام مداخلته نبه ذ.خالد بنحمان إلى أن أي حل أو محاولة لإيجاد مخرج للأزمة لا يستقيم دون وقف مسلسل الإعتقالات و الإفراج عن المعتقلين. و في كلمة الأستاذ محمد بولعيون بخصوص التطورات الأخيرة تطرق إلى مجموعة من الملاحظات و الإستنتاجات التي كان من المفروض على ذوي القرار السياسي من داخل المؤسسات الأخذ بها بالجدية اللازمة لتجاوز لحظة البلوكاج بالريف بعيدا عن المقاربة الأمنية، مؤكدا على أن هذا الحراك الإجتماعي بالريف يجب أن ننظر إليه ليس كما يدعى بعض المحللين المندفعين بأنه حراك من أجل الإنفصال بل يجب أن ننظر إليه كصحوة وجدلية منتظمة تحدث في المجتمعات بين الفينة والأخرى للمطالبة بالعدالة الإجتماعية وإقامة مؤسسات ديمقراطية وتنمية إقتصادية وإجتماعية وثقافية ورياضية وبيئية...، كما أشار إلى أنه في الغالب ما يسجل في أي حراك إجتماعي يحتوي كل الفئات السياسية والثقافية، إحتقان وتصادم قد يؤدي إلى العنف والعنف المضاد، وهذا ما يجب أن يتم تجنبه بالحوار والتسامح واستحضار العقل خدمة للمصالح العليا للوطن، ومن هنا ضرورة تجاوز لغة الخشب والتعصب في الرأي من كل الجهات المعنية. كما أكد بولعيون في تدخله على أن الريفيين وكل المغاربة يؤمنون بثوابت البلاد "الله الوطن الملك" وفي نفس الوقت سيبقون دائما متشبثين بمطالبهم المشروعة والعادلة والدفاع عن كرامتهم، مطالبا الجهات المسؤولة بإعطاء أوامرها من أجل سحب رجال الأمن من ساحات الإحتجاجات ومراقبتها من بعيد دون التدخل كما طالب بإطلاق سراح المعتقلين، أو على الأقل متابعتهم في حالة سراح بمدنهم، كما على المحتجين عدم الدخول في منواشات مع رجال الأمن بإعتبارهم مواطنين مغاربة ومسؤولين عن توفير الأمن، والجلوس لطاولة الحوار مع الأطراف الجادة، بإعتبار أن التنمية المستدامة لا يمكن أن تتحقق إلا في إطار الإستقرار. هذا وقد عرفت المائدة المستديرة نقاشا إيجابيا من خلال مداخلات قيمة اجمعت على راهنية إستعادة أدوار الأحزاب السياسية في مقدمتها حزب التقدم و الإشتراكية كمدرسة عتيدة في التأطير و النضال من اجل بناء دولة المؤسسات.