أتساءل بحُرقةٍ: هل لدينا في هذه المدينة مسؤولون يمثلوننا حقَّ التمثيل؟ هل لدينا رجالٌ مُنتخبون يسعون من أجل مصالحناً سعياً مُثمراً؟ هل لدينا نوابٌ في المجالس والجماعات والبرلمان يدافعون، بصدق وتفانٍ، عن قضايانا ومشاكلنا؟ أكادُ أشكُّ في أنهم موجودون، وأكاد أجيبُ نفسي، وأقول إنهم غير موجودين... ولديَّ بعض البراهين، أو قولوا بعض الإشارات أو العلامات الدالَّةِ. منها مثلاً، أكثر من مرةً، رأيتُ مسؤولاً كبيراً في المجلس البلدي، يقودُ سيارته الفاخرة، في شوارع المدينة، ويبدو لي أنه غير متأثر بحال شوارع المدينة، ولا يقف وقفة المسؤول، ويتدخل في علاج الحال، وإصلاح الشوارع، بل يمرُّ كما يمرُّ أدنى مواطن، لا فرق بينه وبيني وبينكم، فأسألُ: أين يمكن أن تتجلى مسؤوليته إن لم تتجلَّ هنا؟ أكثر من مرة تغرق المدينة في الأزبال والقاذورات، وتفيض في الساحات والأرصفة، ويتذمر منها المواطنون، ويشيعُ بين السكان أنَّ السبب أن عمال النظافة قد أضربوا عن العمل لأنهم لم يتسلموا رواتبهم، فأقول ما الذي جعل هؤلاء المسؤولين لا يدفعون رواتب عمال النظافة، ولا يعملون على التخلص من هذا المشكل الذي يتكرر من وقت لآخر؟ وأسألُ: إن لم يعالجْ هؤلاء المسؤولون مشكل الأزبال، وهو أهْونُ مشكل، فكيف في إمكانهم أن يعالجوا المشاكل الكبرى، والقضايا الهامَّةَ؟ الباعة المتجولون، الذين ينتشرون مثل الجدران، في كل شبر وركن من المدينة، ويسدون الطريق على الناس، لماذا لا ينظر إليهم هؤلاء المسؤولون نظرةً جادة ومسؤولةً، ويوفروا لهم أماكن مناسبة يزاولون فيها تجارتهم، وينقذوا المدينة من الفوضى والازدحام؟ وأسأل: إن لم يقض هؤلاء المسؤولون مصلحة شريحة قليلة من المواطنين، فكيف في مقدروهم أن يقضوا مصلحة كل الشرائح؟ يحدث أحياناً مشكلٌ في مرفق من مرافق الدولة، وتظهر قضية أو أزمة، مثلاً وفاة مواطن في المستشفى العمومي، بسبب خطأ طبي، أو إهمال، فتقوم قيامة صغيرة، من طرف أهل الضحية، وتصل أصداؤُها إلى كثير من الناس، لكن يُلاحظُ، في نفس الوقت، أنها لا تصل إلى أسماع هؤلاء المسؤولين ولا إلى أبصارهم، فلا يظهر لهم حسٌّ ولا خبرٌ، ولا يحضرون إلى عين المكان للمؤازرة والمحاسبة. وأسأل: إذا لم يحضر هؤلاء المسؤولون في مثل هذه المصائب، ففي أي مصيبةٍ يحضرون؟ أحداثٌ كثيرةٌ تقع باستمرار في المدينة، كوارث، أزماتٌ... قضايا مختلفة يتعلق بها المواطنون في الناظور... مصالح.. مشاريع.. تنمية.. وعودٌ.. إنجازاتٌ.. إضافاتٌ... و.. و... لا نرى هؤلاء المسؤولين يسعون فيها سعيا حقيقيّاً، ويعملون على إظهار ولو بعضٍ منها أو قليلٍ، بل ولا يُظهرون أنفسَهم، ولا يبْرُزون بوجوههم إلاَّ حين تقترب الإنتخابات، ويحمي وطيسُها بينهم، فيطْلُعون علينا بشعاراتهم وأموالهم وأتباعهم، ولا يخدعون بها سوى الأغبياء، وأتمنى هذه المرة أن لا يعثروا في حملاتهم القادمة حتى على أولئك الأغبياء. وإنما يجدوا مواطنين واعين، راشدين، يعرفون مصلحة مدينتهم أولاً وأخيراً، وليس مصلحة حزبٍ أو فريقٍ.. مواطنين يتبعون ضمائرهم وليس أنانيتهم.. مواطنين يتعلقون بشعار "الناظور تناديكم" وليس بشعارٍ من حَديدٍ أو زجاجٍ أو حيوان أو نباتٍ.. مواطنين يؤمنون أنه لا فرق بينهم وبين هؤلاء المسؤولين في حب المدينة، والدفاع عنها، والعمل من أجل تنميتها ورقيها وازدهارها... "مدينة الناظور تناديكم" هي دعوةٌ لكل أبناء الناظور، من ذكر وأنثى، وفقير وغني، وعامل وعاطل، وطفل وشاب وشيخ، كي يلتفوا حول المدينة نفسها وليس حول الأشخاص والأحزاب، ويضعوا أيديهم معاً من أجل إنقاذها من الفوضى، والتسيب، والاستغلال، ومختلف الشرور والمفاسد. "مدينة الناظور تناديكم" يا أبناء الناظور، فهل تسمعون نداءَها؟