إن الزائر إلى المستشفى الإقليمي محمد الخامس بالحسيمة، لا يمكن أن يغفل ملاحظة تلك الطوابير التي يشكلها المرضى أمام بعض الأقسام المختصة، صباح مساء، بغية إجراء الفحوصات أو تلقي العلاجات المطلوبة، وذلك بسبب النقص الملحوظ في الموارد البشرية من الأطر الطبية وشبه الطبية، الشيء الذي يخلق ضغطا كبيرا على نفسية هؤلاء المرضى وعائلتهم مخافة اضطرارهم إلى التنقل خارج الإقليم، والذي يعني في جانب كبير منه مضاعفة المعاناة الصحية والنفسية والمالية. وأكد أحد المرضى ممن التقتهم الجريدة بالمستشفى أن هذه هي المرة الخامسة التي يزور فيها طبيب التخصص قصد تلقي الكشوفات الطبية لكن دون جدوى. وحسب مصادر طبية من المركز الاستشفائي محمد الخامس بالحسيمة، فإن المستشفى يعاني من ضعف الطاقة السريرية، التي تضم 32 سريرا فقط لأزيد من سبع تخصصات طبية، وأضاف ذات المصدر أن حالة الفوضى التي تعيشها المستشفى يعود إلى توقف استكمال الأشغال داخلها. وأضافت ذات المصادر أن الشروط غير متوفرة بتاتا للعمل، وهو الأمر الذي يتطلب تدخلا عاجلا من الوزارة، علاوة على حالة الخصاص الحاد في أطر التمريض (3 ممرضين ل 10 أطباء)، وما أصبح يعرفه قسم الولادة من تكدس للنساء الوافدات قصد الإنجاب، اللواتي أصبحن يمكثن لأزيد من 48 ساعة بالقاعة، وهو الأمر الذي يجعل بعضهن يفترشن أرضية الغرف بسبب الاكتظاظ وقلة عدد الأسرة. المجلس الجهوي بدوره وفي اجتماع له رسم صورة قاتمة عن الوضع الصحي بالجهة. فمستشفى تاونات يؤكد الأعضاء على أنه بدون مستعجلات ولا قاعة العمليات، حيث رفضوا وصفه بالمستشفى، واعتبروه فقط مركزا صحيا، علاوة على هشاشة التغطية الصحية بالمراكز الشبه الحضرية والقروية لتاونات. ممثلو إقليمتازة اعتبروا أن قطاع الصحة ليس على ما يرام، وأن السمة البارزة التي تطغى على التطبيب تتمثل في الحرمان ونقص الأطر الطبية وشبه الطبية، علاوة على غياب التجهيزات الضرورية بالمستشفى الإقليميلتازة، وإقليمجرسيف بدوره يعاني هشاشة واضحة في البنية الصحية. العديد من المستشارين المتدخلين أبدوا امتعاضهم من الخدمات المقدمة للمرضى بالإقليم، كما لم يخفوا تذمرهم من التوزيع غير المتكافئ للأطر الطبية والشبه الطبية، حيث لم تحظ جرسيف سوى بحصة ضعيفة مقارنة مع الحسيمة، وتازة، وتاونات، التي استفادت بالحصة الكبرى. نفس الوضعية تنسحب على إقليمالحسيمة، الذي تعيش مرافقه الصحية وضعا مترديا، خاصة المستشفى الجهوي بالحسيمة الذي يعاني من نقص في التجهيزات، ( غياب السكانير، والراديو، والفحوصات الطبية)، وكذلك هشاشة المراكز الصحية بالريف العميق، وضعف الخدمات المقدمة بالمستشفى المحلي بترجيست. العديد من المتدخلين أكدوا على أن الكثير من المشاريع الطبية التي كانت مبرمجة السنة الماضية لم تخرج إلى حيز الوجود. العديد من المنظمات الحقوقية لم تخف تخوفها من تعميق الاحتقان الاجتماعي جراء تدهور الوضع الصحي بالإقليم، حيث حملت كامل المسؤولية لوزارة الصحة، ووالي جهة تازةالحسيمة تاونات جرسيف، لما ستؤول إليه الأوضاع في المستقبل القريب. كما عبرت عن أسفها من هذا الوضع، وأكدت توفرها على أرقام ومعطيات تبين تعطل تجهيزات المستشفى، وإتلاف الأدوية دون أن يستفيد منها المرضى الفقراء. واعتبرت أن ما يحتاجه قطاع الصحة بإقليمالحسيمة، هو تقويم سياسة الوزارة بالمنطقة، والتوقف عن تشييد وبناء الأقسام والمباني، والاهتمام بالمقابل بإصلاح التجهيزات المعطلة، وتوفير الأطر الطبية والشبه الطبية والأعوان. وأشاروا لكون الأموال الممنوحة لوزارة الصحة من البنك السعودي لتأهيل المستشفى الجهوي بالحسيمة، الذي يعرف جزء منه خرابا منقطع النظير، كانت كافية لبناء مستشفى جديد.