تنامت دعوات عدد من المغاربة بالترخيص باعتكاف المصلين داخل المساجد في العشر الأواخر من شهر رمضان، وذلك استجابة لحاجة الكثيرين الذين ينتظرون إطلاق سراح هذه السنة التربوية التي يسمع بها الناس دون أن يروها في واقعهم. وفيما أذنت مندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمدينة القنيطرة، غربي البلاد، بالقيام بالاعتكاف في العشر الأواخر من الشهر المبارك، طالب عدد من الوعاظ وأئمة المساجد بتعميم السماح بالاعتكاف في بيوت الله في بقية مدن البلاد. ويستوجب الاعتكاف في المساجد بالمغرب الإدلاء بطلب إذن مكتوب من لدن المصلين الراغبين في الاعتكاف موجه إلى مصالح وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لتنظر في الأسماء المسجلة التي تحيلها على الجهات الأمنية للتأكد من حسن سيرتهم. وعبر العديد من المصلين في مساجد متفرقة في العاصمة الرباط، في تصريحات ل"العربية.نت"، عن رغبتهم في ممارسة سنة الاعتكاف خلال رمضان الجاري، آملين أن تتدارك الوزارة المعنية التأخر الحاصل، وتعلن عن الترخيص لمن يريد الاعتكاف دون شروط كثيرة. وقال محمد الشركي، في عقده الخامس وأحد رواد المسجد، في تصريحات ل"العربية.نت" إن قطاعاً عريضاً من المغاربة يسمعون عن الاعتكاف فقط في الدروس والمواعظ، لكنهم لم يسبق لهم أن مارسوه واقعاً، مضيفاً أن الاعتكاف عبادة وحق للمؤمن ولا يحتاج في الأصل إلى رخصة للقيام به. وتابع المواطن أن المساجد هي بيوت الله وجب إعمارها بالذكر ومختلف أصناف العبادة، خاصة في العشر الأواخر من رمضان، والاعتكاف أحد ألوان هذه العبادات، مطالباً المسؤولين بالسماح للمصلين ومرتادي المساجد بالاعتكاف خلال ما تبقى من الشهر الكريم. واعتبر أحد القيمين في أحد مساجد الرباط ل"العربية. نت"، أن الدولة إذا كانت تخشى من استغلال تيارات دينية معينة للاعتكاف، فيمكنها أن تضبط ممارسة هذه العبادة بعدة طرق تعرفها، لكن لا يليق أن تمنعها أو تضع لها شروطاً تجعلها عسيرة المنال. وجاء ذكر الاعتكاف الفردي والجماعي بالمساجد خلال الأيام العشرة الأخيرة من رمضان في دليل الإمام الذي أصدرته وزارة الأوقاف، حيث أتى ضمن الصلوات والعبادات التي يتوقف أداؤها داخل المساجد على أمر من الوزارة أو إذنها. وقال الدكتور محمد بولوز، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في تصريحات ل"العربية" إن الدافع لطلب الناس الاعتكاف في المساجد هو إحياء سنة نبوية يسمعون بها في خطب الجمعة ودروس الوعظ والإرشاد دون أن يروها في واقعهم ومساجدهم. وأفاد بولوز بأن الاعتكاف في المنظور الشرعي هو اللبث في المسجد للعبادة، ويستحسن في العشر الأواخر من شهر رمضان، مضيفاً أن الاعتكاف هو للمؤمنين فرصة للتخلي أياماً عن هموم الدنيا ومشاغلها، والانصراف إلى العبادة وقراءة القرآن وذكر الله، والإكثار من الدعاء. وزاد بولوز أن من آداب الاعتكاف ألا يتكلم المعتكف إلا بخير، وأن يتجنب كل ما يشغله عن طاعة الله، مؤكداً أن عودة الناس إلى الدين وانتشار مظاهر الصحوة تعني فيما تعنيه إحياء ما اندثر من الشرع وما مات من السنن. واستطرد الواعظ في مساجد الرباط بأن هذه السنة لن تعود في النهاية إلا بالخير العميم على الأفراد والأسر والمجتمع في تقوية أمنهم الروحي وإشاعة خلق التزكية، وهي حق من حقوق نفس المؤمن عليه. وتابع "كما يطلب من المؤمن مخالطة الناس والعناية بشؤون الصلاح والإصلاح في الأسرة والمجتمع والدولة والأمة، فإنه مطلوب منه أن يختلي بنفسه لمحاسبتها وتطهيرها، والتزود بمزيد من التقرب إلى ربه وطلب العون منه".