رسم تقرير قدمه مؤخراً وزير الصحة المغربي الدكتور الحسين الوردي أمام البرلمان صورة قاتمة عن أوضاع قطاع الصحة في البلاد، حيث كشف عن وجود مركز صحي لكل 42 ألف مواطن، وأقل من سرير واحد لألف مغربي، وطبيب لكل 1630 نسمة، فضلاً عن أرقام صادمة تتعلق بمجال السياسة الصحية في البلاد. واعتبر مراقبون أن الصورة "غير الوردية" التي قدمها الوردي لقطاع الصحة مؤشر على فقدان قطاع عريض من المغاربة ثقتهم في هذا المجال الحيوي، مشددين على أن أبرز ما يعيق تحسن أداء السياسة الصحية هو هزالة الميزانية المالية المرصودة، وقلة الموارد البشرية العاملة في القطاع. وتضمن التقرير، الذي قدم الاثنين المنصرم أمام أنظار مجلس المستشارين تحت قبة البرلمان، إحصائيات مقلقة تهم وضعية القطاع والتوزيع الجغرافي للخدمات الطبية في المجالين الحضري والقروي، وعدد الأطر والعاملين في المجال. وذكرت الأرقام أن عدد المستشفيات لسنة 2011 بلغ حوالي 141 مستشفى، والطاقة الاستيعابية للمستشفيات العمومية تصل إلى 27 ألف و 326 سريرا فقط. كما سجل سوء التوزيع الجغرافي للمؤسسات الصحية، حيث تم تسجيل تمركز المنشآت العلاجية بشكل مكثف في التجمعات السكانية الحضرية الكبيرة، إذ توجد 52% من العيادات في المدن الكبرى، كما أن أقل من سرير واحد، تحديدا 0.9 سرير، يُخصص لألف نسمة، مقارنة مع ما يوجد في تونس التي توفر 2.2 سرير لألف نسمة، و7 أسرة لكل ألف مريض في العديد من الدول المتقدمة. إلى ذلك، كشف مصدر مطلع عن عجز مهول في الموارد البشرية، باعتبار أن طبيبا واحدا يغطي 1630 مواطنا، وممرض لكل 1109 أشخاص في القطاع العام، كما أن 45% من الأطر الطبية تتركز في جهتي الرباط والدار البيضاء فقط، وما يزيد عن ربع سكان القرى يبتعدون على الأقل بعشرة كيلومترات عن أول مركز صحي. واعتبر الدكتور عبدالقادر طرفاي، الكاتب العام للجامعة الوطنية لقطاع الصحة، أن أبرز مظاهر الأزمة التي يشهدها قطاع الصحة تتجلى أساساً في النقص الحاصل في الموارد البشرية، نتيجة عدم اهتمام الحكومات السابقة المتعاقبة بهذه القضية الرئيسية، التي يمكن أن تعرقل كافة الجهود المبذولة لإصلاح قطاع الصحة إذا لم يتم إيجاد حلول ناجعة وملموسة لها. من جهته أفاد مصطفى الشناوي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة التابعة لنقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بأن سبب الأزمة التي يعاني منها القطاع الصحي بالمغرب سياسية في الأساس. وأضاف أن الوزير الذي يأتي لا يباشر عمله في إطار الاستمرارية، بل يدشن عهده في الوزارة بالقطيعة مع ما راكمه سابقوه، مشيراً إلى أن الحكومة الحالية تتعامل بالطريقة ذاتها التي تعاملت بها حكومات سابقة في ملف الصحة بالبلاد، وما يتضمنه من معضلات ومشاكل كبيرة بالجملة. كما لفت إلى أن أحد أهم المشاكل الكبيرة التي يعاني منها قطاع الصحة يتمثل في الميزانية المرصودة للوزارة المعنية في قانون المالية الجديد، حيث لا تستفيد سوى من 5% تقريباً من ميزانية الدولة.