لم نعهد من قبل أن تحقق مثل هذا الإجماع حول رجل ما، إستطاع بطموحه الشخصي الموسوم بجرأة وشجاعة نادرتين، أن يجعل لنفسه موطئ قدم في الأعمال الاجتماعية والخيرية بمدينة الناظور، يستوي في ذلك مُحبوه ومُناوئوه. لكن من هو هذا الرجل الذي بزغ إلى السطح فجأة ؟ إنه ببساطة مواطن مغربي، نما على الهامش وضمن مناخ الحصر وانسداد الأفق في مغرب بداية عقد الثمانينات. هاجر إلى أوروبا وانتقل من مهنة إلى أخرى ، إشتغل عاملا لجني المحاصيل الفلاحية، وفي ورش بناء وغيرها من المهن، وعمل تاجرا في السيارات المستعملة، إلى أن أصبح رجل أعمال ناجح. في أوروبا عاش وحيدا من دون أي سند عائلي، وهو ما جعله يكتسب تجربة كبيرة هناك بناها لنفسه ، لكن إلى حدود سنة 2002 تاريخ عودته إلى المغرب، أصبح سليمان حوليش أكثر ثقة في نفسه كفاعل جمعوي له إمتداد شعبي، ثم مستشارا محليا ونائبا لرئيس بلدية الناظور حاليا، وانتقل إلى جبهة أخرى لتأسيس مشروعه الخيري الذي راوده منذ الصغر بعد أن إكتسب خبرة في الحياة، واستعاد هويته وقوته التي كادت أن تعصف بها سنوات المهجر، واندمج كل ذلك في تقاطعات تاريخه الخاص المليئ بالمحطات الفاصلة والحافلة بالإنجازات والإخفاقات. ناضل من أجل تأسيس مشروعه الخيري" مركز لذوي الإعاقات الذهنية" دون توقف، مثل عاصفة تكنس كل الزيف الذي يطال كل الجهات والأشخاص، وكانت تلك الهالة والطاقة الاستثنائية التي يحكمها إصرار وعناد وطموح ورغبة في التغيير والوصول إلى مبتغاه، فكان له ما أراد. إنه من طينة الرجال الذين إذا اقتنعوا بفكرة ما بذلوا مجهودا كبيرا مخلصا خارقا من أجل تنفيذها، وقد ثقف نفسه بنفسه حتى وصل إلى ما وصل إليه. إنه يشبه اللمعان، وهي صفة لا تكتسب ولكنها توهب لأناس دون غيرهم، واللامعون يولدون وأماكنهم محفوظة على القمة. لحوليش شيئا ما من هذا اللمعان؟. هناك مسألة أخرى يجمع عليها المقربون منه، وهي أنه عنيد ولا يتنازل بسهولة، لكن عناده لا يمنعه من استضافة خصومه من أجل وجبة غداء أو عشاء، لم يدخل في صفقات مشبوهة ولا أحد يتوقع أنه يوجد في منصب بلدي لكي يغتني، لأنه غني أصلا. يقول المقربون من حوليش، إن مظاهر العفوية لديه تعطي الانطباع بأنه لا يحب التفاصيل ويجد راحته النفسية مع الفقراء والمهمشين، في الوقت الذي يتميز بذكاء حاد، لكن ذكاءه يختفي خلف خجله ومزاجيته واندفاعه، وهذا ما يتسبب له في خصومات تنتفخ فتأخذ أبعادا أخرى.