والإلقاء بها وبأثاثها في الخلاء بعمالة وجدة/انجاد وجدة:عبدالقادر كترة "راك تشوف سيدي راني مرمي هنا...أنا ما عندي حَدّْ، لا خُّوتْ، لا عائلة، ويتيم ومحكور، وحكروني هو والقايد وهرسولي حويجاتي...اليوم عندي هنا خمس أيام ،سيدي..." بصوت مختنق ودموع لا تكف عن الانسياب على خدود جافة تبرز عظام الوجه اسْودَّ جلده بفعل الحرارة أو الغمّ والهمّ ، يبكي الصالحي الميلود البالغ من العمر 44 سنة، وسط إسطبل خرب مهجور في الخلاء خارج المدار الحضري لمدينة وجدةالمدينة الألفية، على الظلم والحيف والحكرة التي لحقته بعد أن أُلقي به وبأفراد أسرته وبأثاثه في الخلاء كأنهم مصابون بالجذام أو الجذري أو الطاعون... كان الميلود الصالحي وهو ربّ أسرة لأربعة أطفال، أكبرهم البكر البالغة من العمر 17 سنة وأصغرهم رضيع أتم سنته الأولى وطفلة في ربيعها التاسع وأخرى في سنتها الثالثة، إضافة إلى والدته الضريرة البالغة من العمر 80 سنة وزوجته، يشتغل كحارس ليلي بمدينة وجدة ويكتري بيتا بحي "عمرو البوليس" بوجدة ويعيش بالقليل ولكن محتميا بغرفة آمنا شرّ البلية والتشرد. استقدمه أحد أصحاب ضيعة بدوار العراعرة على بعد حوالي 16 كلم للاشتغال، قبل شهر، ومنحه بيتا بالضيعة وكلفه بالاعتناء بالأبقار وحلبهم. لكن، حسب ما يرويه الصالحي، استقدم صاحب الضيعة أحد معارفه من مدينة جرسيف، وأسند إليه نفس المهمة واستغنى عنه، وقام بمساعدة صهره بشحن الأثاث والأسرة، خلال الأسبوع الماضي، وألقى به بمكان بالقرب من الفضاء التجاري مرجان، خارج المدار الحضري لمدينة وجدة...، حيث وقفت الأحداث المغربية على وضعية الأسرة بعين المكان. "قبل يومين قام قائد المنطقة والمقدم "ميمون" والشيخ "مصطفى" وشحنوا للمرة الثانية أثاثي وأفراد أسرتي، على متن شاحنتين، بعد أن وعدني القائد بمنحي مكانا محيطا ومحميا بباب يتوفر على الماء والكهرباء، وجاؤوا بنا إلى هذا الخلاء كما تشاهد وألقوا بنا وبأثاثنا...". ومساء يوم الاثنين الماضي، تعرضت الأسرة لاعتداء من طرف بعض المتسكعين السكارى صحبة باغيات، واضطرر لتخويفهم بعصا رغم أنه أحدهم كان مسلحا بمدية. كما يحكي الميلود الصالحي ربّ الأسرة عن الأفاعي التي تتجول بينهم وكادت إحداهن أن تلدغ صغيرهم لولا ألطاف الله. قام أحد المواطنين بمنح الأسرة غرفة صغيرة بأحد المنازل لمدة شهر حتى يتسنى لها العثور على مكان آخر، فيما بقي رب الأسرة في الخلاء يحرس الأثاث إلى حين. وجّه الميلود الصالحي (رقم البطاقة الوطنية ف.295436) شكاية إلى الجمعية المغربية لحقوق الانسان بوجدة التي انتقل بعض أعضائها إلى عين المكان وتكلفت بإيصال صوت الأسرة المشردة إلى المسؤولين بالعمالة، جاء فيها بأسلوب بسيط تتخلله عبارات من العامية "أتقدم لسيادتكم بشكوى ضد محمد الخالدي الذي كنت عاملا عنده . لقد طردني من الشغل ولم يمهلني حتى وقتا لكي ألقى شغلا آخر، وحمل أمتعتي وألقاها قرب مرجان (الفضاء التجاري على بعد حوالي 4 كيلومترات من مدينة وجدة). وجاء القائد والشيخ مصطفى والشيخ ميمون وحملوا أمتعتنا وأحضرونا إلى لَنْتُوراجْ (خلاء محيط بجدار للإسطبل خرب على بعد 6 كيلومترات من مدينة وجدة) لكي لا يرانا الوالي، ويوجد هذا لنتوراج في الطريق المؤدية إلى الميترو (الفضاء التجاري ميترو).وأخبركم أن حافلة البلدية هي التي حملتنا إلى هذا المكان وهو مكان خطير يتردد عليه السكارى"...