مليلية، سبتة، الجزر المتوسطية، جزر الكناري، الصحراء، الحدود المغربية الجزائرية، الأمازيغية، الشعب والحكومة، الريف، الأطلس، سوس، حقوق الإنسان، الإختفاءات، المبادرات، المشاريع، التنمية، المغرب الجميل أو الأجمل في العالم، المغرب العميق كلها مشاكل يتخبط فيها المغرب وغارق فيها حتى الأذنين كما يقال، ولا يريد الإنصياع أو الخضوع لأية مطالب من المطالب العادلة لكل هذه المشاكل، بل بالأحرى لا يريد أن يحل أية قضية من هذه القضايا. فمدينة مليلية على سبيل المثال قد بيعت لإسبانيا منذ زمن ليس بعيد، وقد وقع عقد بيعها في مدينة تطوان والتاريخ لا يرحم، فبعدما كانت قلعة عسكرية فقط منحصرة في القلعة المسماة اليوم ب"مليلية العجوز" أصبحت اليوم بفضل عقد البيع السالف الذكر على مساحة قدرها 12 كلم مربع، وقد تم توسيعها بما يعرف بقذفات المدفع الذي مايزال قابعا على أسوار القلعة العسكرية القديمة. ومدينة سبتة أيضا فقد إشتراها أو بالحرى ورثها الإسبان عن جيرانهم البرتغاليون، في حين لما همت فرنسا بالخروج من المغرب والجزائر تركت الحدود بينهما مبهمة وليست واضحة، مما خلق بلبلة بين الجارين، في حين خرجت إسبانيا من الصحراء وتركت إرثا ثقيلا جدا على الدولة المغربية وجعلتها فقط كحامية للصحراء وليست كأقاليم مغربية مستقلة تماما، أما من حيث الأمازيغية فمطالبها واضحة تمام الوضوح ولا تحتاج إلى الإدماج أو ما يسمى الإحتواء لأن الأغلبية لا تحتوى ولا تدمج داخل الأقلية وهذا طبعا إن كنا نتحدث منطقيا وواقعيا، في حين أن علاقة الدولة مع جهاتها الثلاث الأساسية ليست جيدة كما يحكي لنا التاريخ، فجعلت من الريف عدوا لدودا، ومن الأطلس مغربا عميقا حيث أدخلته في سبات عميق لن يسفيق منه إلى أبد الآبدين، أما سوس فقد جعلته خاتما وورقة تلعب بها كما تشاء ونهبت ثرواته على الكامل ليبقى مهمشا لا يقدر على النهوض مرة أخرى. والتاريخ يحكي لنا الوقائع كما مرت دون أي زيف أو تحريف مهما حاول الجميع على تحريفه أو تزييفه، والتاريخ كما عود الإنسانية جميعا فإنه دائما لا يستحي ودائما يقول الحقيقة، يوم شارفت فرنساوإسبانيا على الخروج نسبيا من المغرب، قدمت آنذاك ما يسمى بالحركة الوطنية وثيقة سميت بوثيقة الإستقلال، ودعت فرنسا هذه الحركة الوطنية إلى مؤتمر لمناقشة إستقلال المغرب، ومن جهة أخرى كان جيش التحرير المغربي يقوم بالمقاومة والجهاد من أجل إخراج المستعمرين كليا من المغرب، ولما عرفت فرنساوإسبانيا من عزم هؤلاء الرجال في كل ربوع الوطن المغربي بإخراجها من الأراضي المغربية كليا، إثر ذاك دعت إلى هذا المؤتمر ليس إلا لحماية مصالحها في المغرب. وقد إتصلت هذه الحركة الوطنية بمجموعة من الرؤوس الوازنة في المغرب آنذاك وكان من أبرزها محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي كان يعيش في مصر، وذلك قصد قدومه إلى المؤتمر، لكن لما رأى من خدعهم الكثير الكثير، ولما رأى من مكرهم بالبلاد رفض الحضور إلى المؤتمر الذي أطلق عليه الأمير الخطابي إسم "مؤتمر إكس الذي بان" وليس "مؤتمر إكسليبان" وقد إتفق الطرفان على حماية الحركة الوطنية لمصالح فرنساوإسبانيا في المغرب، مقابل تسليمها مفاتيح السلطة بالمغرب، ومقابل القضاء نهائيا على ما يسمى بجيش التحرير المغربي والذي كان عازما على إخراج وطرد الإستعمار نهائيا من المغرب. إثر ذاك قال المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي كلاما بقي في التاريخ، ويفيد أن المغرب إن لم يستقل بواسطة السلاح، فالمستعمر دخل بالقوة ويستوجب خروجه بالقوة، فإن المغرب لن يستقل أبدا ودائما ستبقى مجموعة من أجزائه عالقة أو مستعمرة، حيث أطلق على إستقلال المغرب بكلمة "الإحتقلال" وليس بالإستقلال. وقد تحققت رؤية الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، كما نرى اليوم فالمغرب محتقلا (وليس مستقلا)، سبتة ومليلية محتلتين، الجزر المتوسطية محتلة، الصحراء المغربية عالقة، جزر الكناري محتلة، والمغرب محاصر من جميع الجهات، ألم يقل الخطابي إن المغرب محتقل، أين المفر إذن؟ محاصرة إسبانية من الشمال من خلال الجزر والمدينين، حصار من الشرق من طرف الجزائر، حصار من الجنوب من طرف عصابة البوليساريو، حصار من الغرب من طرف الإسبان.