أنا الآن مطمئنة على سمعة بلدي، منذ قرر وزير الاتصال منع فيلم مغربي عن الدعارة. طبعا، المنع كان غير قانوني لأن المنتج لم يطلب ترخيص التوزيع بعد، وغير دستوري لأنه يناهض حرية التعبير التي كرسها الدستور. لكن فيلم نبيل عيوش يتحدث عن الدعارة ويستعمل لغة مسيئة. لذلك، فالمنع أنقذ سمعتنا. وزير الاتصال ليس وحده، فالآلاف احتجوا ضد فيلم لم يشاهده أحد لأنه عرض في مهرجان كان فقط. اعتمدوا على مقطعين على اليوتوب وبدأت الاحتجاجات. طبعا، فإخراج فيلم عن مهنيات الجنس يهين البلد ويهين صورة المرأة المغربية أكثر مما يهينها الواقع الذي يكرس وجودهن. ونحن حين نمنع الفيلم، نلغي الواقع. وطبعا، ما يسيء لسمعتنا هو فيلم عن الدعارة، وليس واقع السياحة الجنسية والاعتداءات الجنسية على الأطفال. طبعا، فصورة بلدي تهتز حين نخرج فيلما عن الدعارة، لكنها لا تهتز حين نشاهد مئات الأطفال المشردين الذين ينامون في الشوارع ويبقون عرضة للاغتصاب والاعتداءات بكل الأشكال. لا شيء جديد... مرة أخرى، فنحن نلخص الشرف في الجنس وفي جسد المرأة. يمكن للشخص أن يكون مرتشيا وسارقا وغشاشا وانتهازيا، وهذا لا يسيء لسمعة البلد. لكن جسد المرأة وحده يبني صورة البلد ويلخصها. السينما أعزائي لم تصنع لكي تجمل صورتنا لأنها ليست وزارة للسياحة ولا هي متخصصة في التجميل. السينما صناعة تخييلية يمكنها أن تعجبنا أو لا. الذين يزعجهم الموضوع أو تزعجهم الحوارات المستعملة، يمكنهم أن لا يشاهدوا الفيلم فلا أحد يجبرهم. فيلم "الزين اللي عطاك الله" لنبيل عيوش قد يكون جيدا وقد يكون سيئا. كنت أتمنى مشاهدته لأحدد موقفي الشخصي. وكنت أتمنى أن نكون مجتمعا ناضجا، يفعل كما تفعل دول العالم: يتم عرض الفيلم مع حصره في فئة عمرية معينة. لكن الغباء قرر أن يمارس ضدنا الوصاية. حين تعكس لنا المرآة صورة سلبية، يمكننا طبعا أن نحطم المرآة. لكن الواقع لن يتغير. لأن المشكل ليس في المرآة، بل في الواقع نفسه.