حاول الحصول على مكافآت مالية مقابل معلومات خيالية عن خلايا إرهابية الرباط - مغارب كم : سعيد بن جبلي ستشهد مدينة طنجة المغربية الفصول الأكثر إثارة من محاكمة "الغول"، بعد ان استجابت المحكمة الابتدائية بمدينة الدارالبيضاء لملتمسات الدفاع، وقضت بعدم الاختصاص في القضية، التي يحاكم فيها الشاب "فؤاد الغول" بتهمة " إهانة الشرطة القضائية بالتبليغ عن جرائم خيالية ومحاولة النصب"، وذلك على خلفية تزويده للمخابرات الأمريكية بمعلومات مختلقة عن معرفته بإرهابيين مفترضين،وذلك بغية الحصول على بعض المكافآت التي يعلنها مكتب التحقيقات الفيدرالي على موقعه في الانترنت، ثم رفضه فيما بعد التعاون مع أجهزة الأمن القومي الأمريكية، والتي طلبت منه اختراق صفوف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وألقي القبض على "فؤاد الغول" (19 سنة) يوم 18 مارس الماضي، من باحة معهد التكوين المهني بطنجة حيث يتابع دراسته، وأمضى أكثر من 12 يوما في ضيافة أجهزة الأمن بالدارالبيضاء.وتزعم أسرته ومحاميه انه تعرض للتعذيب ، قبل أن يحال على الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط من أجل متابعته بتهم تتعلق ب"الانتماء لجماعة دينية محظورة"، و"الإعداد لارتكاب أفعال إرهابية في إطار مشروع فردي" و"إهانة الضابطة القضائية بالإدلاء ببيانات كاذبة"، وهي التهم التي وجدها الوكيل العام المختص في قضايا الإرهاب مبالغا فيها مع أخذه بعين الاعتبار سن المتهم، حيث أحال القضية على الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالبيضاء الذي أحالها بدوره على وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية، حيث قرر هذا الأخير إضافة تهمة جديدة تتعلق " بمحاولة النصب"، إلى جانب تهمة "إهانة الشرطة القضائية بالتبليغ عن جرائم خيالية"، كما قرر متابعة المتهم في حالة اعتقال وإيداعه "إصلاحية الأحداث" بالدارالبيضاء نظرا لصغر سنه. وبدأت فصول القضية أثناء قيام "فؤاد الغول" بولوج الموقع الخاص بحكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية ،ومن ثم الموقع الرسمي لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، حيث صادف صفحة تسمى "مكافأة من أجل العدالة"، تعرض من خلالها المخابرات الأمريكية مكافآت هامة لكل من يدلها على أشخاص يشتبه في ارتباطهم بتنظيمات إرهابية تقوم بتجنيد المقاتلين للذهاب إلى مناطق الحروب مثل العراق أو أفغانستان. وبسبب صغر سنه وقلة وعيه، أو ربما بسبب الطمع، قام "فؤاد الغول" باختلاق خلايا إرهابية وهمية، وقام بالتبيلغ عنها لدى المخابرات الأمريكية عبر نافذة للدردشة على نفس الصفحة، وادعى "الغول" أنه على صلة بثلاثة أشخاص من التكفيريين الذين يقومون بتجنيد المعتنقين لمبادئ التيار السلفي الجهادي وإرسالهم إلى الجزائر للخضوع للتدريب على القتال في معسكرات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي،استعدادا للقيام بأعمال إرهابية ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها في مختلف مناطق التوتر. وأثارت المعلومات التي قدمها "الغول" اهتمام المخابرات الأمريكية، فطلبوا منه رقمه الهاتفي عبر غرفة الدردشة أولا، ثم قام مسؤولون من جهاز الأمن القومي بسفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية في الرباط بالاتصال به مرارا، وطلبوا منه الالتحاق بالسفارة. وفي اجتماع بالسفارة دام ثلاث ساعات استقبله موظفان أمنيان أمريكيان ومترجم مغربي، ردد "الغول" كثيرا من القصص التي نسجها خياله عن علاقته بإرهابيين مزعومين، وأمدهم حتى بصورة أحدهم، لكن رجال المخابرات الاميركية الذين لم تنطل عليها الخدعة كانوا على استعداد للذهاب أبعد، فقد طلبوا من "فؤاد الغول"، الشاب الذي لم يكمل دراسته بعد،التعاون معهم، وعرضوا عليه المساعدة المادية لتسهيل ولوجه إلى التراب الجزائري،واختراق تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ومدهم بالمعلومات عن تحركات وأسماء الأشخاص الذين ينشطون في مجال تهجير المتطوعين الراغبين في السفر إلى العراق وأفغانستان. ذعر الغول من طلب الأميركيين، فقد كان يظن أنه سيحظى بالبطاقة الخضراء أو أموال تنقذه من العمل في مطاعم ماكدونالدز كلما رن جرس نهاية الدروس، فإذا به يجد نفسه في بؤرة الانفجارات والأشلاء، بعيدا عن موطنه ،مهددا في حياته، فرفض مقترحهم بلباقة، وقبل منهم 200 درهم لتغطية مصاريف التنقل من الرباط إلى طنجة، حيث الواقع الذي لا فرار منه. يئس "الغول" مما في أيدي الأمريكان، لكن الأمريكيين لم ييأسوا، فقد استمر الموظف المغربي العامل بالسفارة الأمريكية في الاتصال به مرارا مستفسرا إياه عن معلومات جديدة، وكان جواب "الغول" دائما متهربا "لا جديد"، حتى نفذ صبر الأمريكيين بعد ستة أشهر فقرروا الإبلاغ عنه لدى أجهزة الأمن المغربية. مكث "فؤاد الغول" 12 يوما في ضيافة أجهزة الأمن بعدما تم تمديد مدة الحراسة النظرية لمرتين متتاليتين، وأنجزت له ثلاثة محاضر استماع، اتخذت القضية من خلالهما منحيين مختلفين، حيث جرى اتهام الغول بالانتماء إلى جماعة دينية محظورة والإعداد لأعمال إرهابية بناء على المحضر الذي يحمل تاريخ 19 مارس،المحضر الأول الذي تضمن حكايته مع المخابرات الأمريكية بعد سرد الاعترافات التالية :" كنت أتردد على نوادي الانترنت بين سنتي 2007-2008 وألج بعض المواقع الالكترونية مثل "السحاب" و"الجزيرة" و"الأنصار"، وبعض المنتديات الإسلامية مثل "منتدى الحسبة" و"الإخلاص" و"الفلوجة"، والتي كانت تبث مشاهد من عمليات تفجير عبوات ناسفة ضد القوات المحتلة ببؤر التوتر،وما يجري من تقتيل وتعذيب على أيدي قوات التحالف باليمن وباكستان بالإضافة إلى مشاهدتي لمواضيع تتطرق لمختلف تقنيات صنع المتفجرات،هاته المواقع والمنتديات كنت أعمل على تحميل محتواها عبر وحدة خاصة لتخزين المعلومات لأقوم بعد ذلك بنسخها والحفاظ على هاته المطبوعات ضمن لوازمي الشخصية، كما كنت أطلع أيضا على عدة بيانات تصدرها بعض التنظيمات المجاهدة على إثر العمليات الجهادية التي يقومون بها ضد القوات الأمريكية وحلفائها مثل تنظيم القاعدة وكذا حركة طالبان، بالإضافة إلى مشاهدتي لشريط فيديو لليمني المسمى عدنان شرحبيل، وهو مخبر للسعودية تم إعدامه من طرف تنظيم القاعدة باليمن". ويضيف "الغول" أن ولوجه لتلك المواقع والمنتديات وتحميل المعلومات الدينية وطريقة صنع المتفجرات ونسخها كان الهدف منه قراءتها بروية لتعميق معارفه الدينية"، وقامت "خلية مكافحة الجريمة المعلوماتية" بطباعة محتويات مفتاح الذاكرة المسجل ضمن المحجوزات الخاصة بالمتهم. ويضم ملف " الغول" محضر استماع ثان يحمل تاريخ 23 مارس، حيث يقوم الغول وأمام الشرطة القضائية هذه المرة بترديد نفس الأسطوانة التي رددها على مسامع الأمريكيين، والتي تفيد معرفته بثلاثة إرهابيين حاولوا استقطابه لتنظيمات جهادية دون أن يفلحوا في ذلك، وعليه فقد قامت عناصر من "المكتب الوطني لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة" بالانتقال إلى مدينة طنجة وإجراء تحريات محيطية بتنسيق مع المصالح الأمنية، حيث لم تتوصل إلى صحة تلك المعلومات، وحررت محضرا بذلك. أما محضر الاستماع الثالث فقد تضمن مواجهة الشرطة القضائية لفؤاد الغول بأسئلة خلصت إلى تراجعه عن جميع تصريحاته السابقة والمتعلة بمعرفته لاعضاء في شبكات إرهابية، مع تأكيده على الشق المتعلق بتردده على المواقع الجهادية،وتحميله لبعض المواضيع التي منها ما هو متعلق بكيفية صنع المتفجرات والسموم،ومنها مواضيع أخرى محملة غالبا من موقع الجزيرة مثل: مقال حول "الجهاد وأخلاقياته" ،وحلقة من برنامج "بلا حدود" التي استضاف فيها أحمد منصور ،روبرت غيتس المسؤول السابق بالمخابرات الأمريكية، وعرض تحت عنوان" المواجهة بين الإسلام والغرب". وحين مثوله أمام وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء، أنكر الغول أي علاقة له بأي جماعة دينية محظورة وصرح بأنه ادعى ذلك من أجل الحصول على مكافأة مالية، فقرر وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية تقديمه للمحاكمة يوم الجمعة الماضي في حالة اعتقال بالتهم التي سبق ذكرها. وقدم عبد الملك زعزاع، محامي المتهم قدم مذكرة ضمنها عددا من الدفوع الشكلية، مثل الدفع بعدم الاختصاص المكاني طبقا للفصلان 323 و259 من المسطرة الجنائية حيث أنه أمام جرائم عادية ينعقد الاختصاص مكانيا إلى المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة أو محل الإقامة أو مكان إلقاء القبض، وجميعها تؤدي إلى طنجة،مما ينبغي الحكم معه بعدم الاختصاص، وإحالة الملف على المحكمة الابتدائية بطنجة،وهو ما استجابت له هيئة المحكمة فعلا، كما طالب زعزاع باستبعاد الاعترافات لأنها انتزعت بعد الاختطاف وتحت التعذيب، وحيث تم تجاوز مدة الحراسة النظرية المحددة في الجرائم العادية في 48 ساعة قابلة للتمديد مرة واحدة إلى ما مجموعه 62 ساعة،بينما قضى المتهم أكثر من 12 يوما في فترة الحراسة النظرية عبر تمديدين اعتبرهما الدفاع تحكميان وتعسفيان، كما دافع المحامي بكون " الغول" لم يضبط في حالة تلبس،وإنما تم اختطافه بعد وشايةالمخابرات الأمريكية به إلى نظيرتها المغربية حيث تم تعذيبه وتعنيفه وانتزاع اعترافاته بشكل غير قانوني. وطالب المحامي زعزاع بإطلاق "سراح المتهم ، ومحاكمته في حالة سراح "بعدما اتضح أنه كان ضحية تغرير من طرف أشخاص أمريكيين يعملون في السفارة الأمريكيةبالرباط.