بقلم عبد الله شهبون / ومع / ناظور24 ساءل الخطاب الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مساء اليوم الخميس إلى الأمة بمناسبة الذكرى 39 للمسيرة الخضراء، بنبرة صريحة لا يكتنفها الغموض، ضمير جميع المواطنين حول القضية الوجودية للصحراء المغربية. وفي واقع الأمر فقد قام جلالة الملك محمد السادس بإعادة الأمور إلى نصابها إزاء الخصوم وإزاء جميع أولئك الذين، بسبب قصر النظر أو قراءة مبتورة للتاريخ، اعتقدوا أنهم سينخرطون في المساومة والمزايدة على القضية الوطنية الأولى. فبعبارات واضحة ودقيقة، جدد جلالة الملك تشبث المغرب الراسخ بالسيادة على أقاليمه الجنوبية، وهو ملف تم الحسم فيه داخليا بما لا يقبل الجدل: "المغرب سيظل في صحرائه والصحراء في مغربها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها". فلم يعد هناك مكان للتصورات التي أكل عليها الدهر وشرب، والتي جعلت من قضية الصحراء المغربية وسيلة للاسترزاق، فالمغرب والمغاربة لن يسمحوا للانتهازيين بالمتاجرة بالقضية الوطنية، واتخاذها مطية لتحقيق مصالح ذاتية. "كفى من المزايدات على المغرب. وكفى من استغلال فضاء الحقوق والحريات، التي يوفرها الوطن، للتآمر عليه"، لقد ولى زمن التساهل، بدون حدود، بشأن الوطن. لا تساهل مع الخيانة والخونة ، مادام الواجب يتطلب مواجهتهم بكل حزم. وعلى أي حال، فالعيش معا في دولة القانون يجعل من الالتزام الوفي من قبل الجميع لضمان النظام العام والأمن، شرطا أساسيا لتهيئة الظروف من أجل حياة كريمة للجميع. ولهذا السبب فإن المغرب يرفض كل الممارسات، التي تستهدف المس بأمنه وسيتصدى لها بكل حزم ومسؤولية، في إطار القانون، وتحت سلطة القضاء. وعليه، فالمغرب يتوفر على آلياته ومؤسساته الخاصة، المشهود لها دوليا بالالتزام والمصداقية، لمعالجة كل القضايا التي تهم الواقع اليومي ومن بينها حقوق الإنسان. وسيكون هناك دائما ما يدعو إلى رفض كل المناورات الرامية إلى تبخيس مبادرات المغرب وتضخيم الأحداث التي تقع بالأقاليم الجنوبية. كما يجب رفض محاباة الطرف الحقيقي في هذا النزاع، وتمليصه من مسؤولياته، ذلك أنه "دون تحميل المسؤولية للجزائر، الطرف الرئيسي في هذا النزاع، لن يكون هناك حل. وبدون منظور مسؤول للواقع الأمني المتوتر بالمنطقة، لن يكون هناك استقرار"، يقول جلالة الملك بعبارات واضحة، مستبعدا أن يكون في الأمر إساءة للجزائر، أو لقيادتها، أو شعبها. إن الكفاح المتواصل، دون كلل ولا ملل، لجلالة الملك من أجل القضية الوطنية لا يعادله إلا حرص جلالته القوي على ضمان العيش الكريم للمواطنين بالأقاليم الجنوبية على قدم المساواة مع باقي المغاربة. ووفق هذا المنظور، فقد دعا جلالة الملك إلى فتح حوار وطني صريح، ملتزم ومسؤول لمناقشة مختلف الأفكار والتصورات، من أجل بلورة إجابات واضحة، لكل القضايا والانشغالات، التي تهم ساكنة المنطقة، وذلك في إطار الوحدة الوطنية والترابية للبلاد. كما أن القطاع الخاص مدعو للانخراط أكثر في تنمية الأقاليم الجنوبية. وهي مبادرة خلاقة من شانها أن تحدث قطيعة مع نمط التدبير السابق، وتمكين أبناء الصحراء من المشاركة في تدبير شؤونهم المحلية. ويعتبر انخراط المواطن ظاهرة صحية بإمكانها المساهمة في صيانة وتعزيز العديد من المنجزات التي تحققت في شتى المجالات سواء على المستوى الاقتصادي أو الثقافي أو السياسي أوالاجتماعي. ويبقى الأهم هو مواكبة المشاريع الكبرى لتفعيل الجهوية المتقدمة، والنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية. وفي هذا الصدد، يقول جلالة الملك، فإن "الجهوية التي نتطلع إليها، ليست مجرد نصوص قانونية، وتحويل اختصاصات وموارد، مادية وبشرية، من المركز إلى الجهات، وإنما نريدها أن تقوم على الغيرة الوطنية الصادقة، على الوحدة الترابية لبلادنا". وخلص جلالة الملك إلى القول، في دعوة صادقة لأمة قوامها جميع مواطنيها، "إننا نريد مناطق وجهات متضامنة ومتكاملة، غيورة على بعضها البعض".