وإن السياسي الذي لا يكون براغماتيا ولينا يفشل والمغرب سيدفع ثمن اي تنازع مع الملكية قال عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، إن وصول دعاة الإصلاح إلى مراكز القرار يجعلهم يبصرون الواقع بشكل مخالف لأنهم يجدون الإكراهات والعراقيل والمقاومات، مشيرا إلى أن الإصلاح في المغرب ممكن «ولكن بسرعة أقل مما كنا نتصور».
وذكر ابن كيران، في حديث شامل خص به «الشرق الأوسط» أول من أمس، خلال وجوده في لندن للمشاركة في المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي، أنه ليس من عادة الناس أن يعترفوا بأخطائهم، لكنه يمكنه القول إنه لما تحمل المسؤولية «واجهت بعض القضايا المرتبطة بطريقة التفكير، واقتنعت اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن الإصلاح والتقدم هما أولا وقبل كل شيء حالة تفكير».
وحول الأزمة التي عرفتها حكومته بسبب انسحاب حزب الاستقلال منها، قال ابن كيران «لم تكن هناك أزمة حكومية، بل كانت هناك أزمة في الأغلبية لما التحق بنا الأمين العام الجديد لحزب الاستقلال»، وأوضح أن الأمور بقيت داخل الحكومة تسير بسلاسة حتى آخر يوم، أي اليوم الذي عين فيه الملك محمد السادس الوزراء الجدد».
وعد ابن كيران ما حصل بأنه كان شيئا إيجابيا جدا، وقال «لقد وصلت العلاقة بين باقي مكونات الأغلبية وبين الأمين العام الجديد لحزب الاستقلال إلى مستوى لا يمكن أن نستمر فيه، ومن ثم أعتقد أن ذهابه كان شيئا إيجابيا جدا بالنسبة للأغلبية الحكومية، وبالنسبة للمغرب».
وأوضح أن حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال «مر إلى الشتم والتعرض للوزراء والقذف في حق بعضهم، وهذا ما جعل التعايش معه داخل حكومة واحدة متعذرا، وأصبح الأمر صعبا كذلك بالنسبة لأحزاب الأغلبية الأخرى عندما بدأ التهجم على وزرائهم، وبالتالي لم يعد الأمر مقبولا، وأظن أن ما حدث كان فيه خير كبير بالنسبة للحكومة».
وتطرق ابن كيران إلى حكومات دول «الربيع العربي»، وقال «يجب ألا ننسى أنه في هذه المرحلة كل الحكومات التي جاءت بعد الربيع العربي عرفت مسارات متعددة، منها من انتهى (مصر)، ومنها من أعلن أنه سيقدم استقالته (تونس)، الآن نحن في المغرب نعرف الاستمرارية الكامنة في استمرارية الحكومة واستقرار المغرب وأمنه». وأضاف أنه «لا بد أن نعترف بأننا جئنا في مد الربيع العربي الذي يعيش الآن جزرا.. وهذا شيء لا بد أن يراعى».
وكشف ابن كيران أن حزبه لم يقرر الخروج في أي مظاهرة إلى جانب «العدل والإحسان» المحظورة، خاصة مظاهرة الاحتجاج على ما وقع في مصر عقب 30 يونيو (حزيران) الماضي، وقال إن زوجته اتخذت قرار مشاركتها فيها بمحض إرادتها وقناعتها.
وبشأن استعماله لأسماء الحيوانات في خطابه السياسي، قال ابن كيران إن ذلك لا يعني أنه متأثر بكتاب «كليلة ودمنة» لعبد الله بن المقفع، وكتاب «الحيوان» للجاحظ، أو بالسياسي المغربي المخضرم المحجوبي أحرضان، الذي اعتاد أيضا على استعمال أسماء الحيوانات في خطابه السياسي.
من جهة أخرى، قال ابن كيران «ليس كل تغيير هو تنازل.. وإن السياسي الذي لا يكون براغماتيا ولينا يفشل»، وعد السياسة فن الممكن، وأشار إلى أن حزبه خرج معززا مكرما من خلال التشكيلة الحكومية الجديدة، إذ حافظ على نفس عدد وزرائه (12)، بيد أنه اعترف بأن الأمر الصعب كان «تخلينا عن وزارة الخارجية، لكن هذا كان فيه تدبير لمصلحة الوطن، وتقدير لها، إذ جرى التخلي عنها بموافقة وزير الخارجية السابق».
وقال ابن كيران إن الحكومة الحالية ستكمل ولايتها، مشيرا إلى أنه لا يظن أن ما وقع مع شباط سيتكرر مع التجمع الوطني للأحرار أو مع غيره من مكونات الأغلبية. وعبر ابن كيران عن حرصه على ألا يقع ارتباك في المغرب بسببه.
ووصف علاقته بالملك محمد السادس بأنها علاقة يوضحها الدستور. وقال إن المغرب هو الذي سيدفع ثمن أي تنازع مع المؤسسة الملكية. وزاد قائلا إنه إذا كان المغاربة «يريدون شخصا يصطدم بملكهم فيجب أن يبحثوا عن شخص آخر غيري.. فأنا لا أصلح لهذا».
وبخصوص علاقته بالمحيط الملكي، قال إن هذا الأخير لا يتحرك إلا بإذن من الملك.. ووصف علاقته معه بأنها ودية.
وحول مفاوضات تشكيل الحكومة قال ابن كيران «لم نصل إلى الباب المسدود خلالها.. وكانت هناك لحظات عرفت بعض التوتر». وكشف أن المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة أسهم كثيرا في الوصول للصيغة النهائية لهذه الحكومة.
واعترف ابن كيران بأنه قبل أن يأتي المرء إلى الحكومة تكون نظرته للأمور نظرة رئيس حزب، ولكن عندما يصل إليها تصبح نظرته نظرة رئيس حكومة يراعي مصلحة الوطن ككل، والظروف التي تمر بها المنطقة. وحول علاقته بالبروتوكول قال ابن كيران «تكيفت مع البروتوكول بصعوبة.. ولم أعد مستعدا لمفارقة ربطة العنق