مُظاهرة عشوائية خيّم هُدوء نسبي السبت في العواصم العربية والإسلامية التي شهدت موجة عارمة من الغضب أثاره فيلم "براءة الإسلام" المُسيء للنّبي محمد، لكن مُظاهرات عشوائية وأحياناً عنيفة اجتاحت عدة مدن في أوروبا وأستراليا، تصدّت لها الشرطة بحزم واعتقلت أعداداً من المُشاركين، من بينهم "سلفيون". انطلقت هذه الاحتجاجات من لندن بعد صلاة الجمعة حيث نظّمت الجالية المُسلمة في بريطانيا تظاهرة أمام السفارة الأميركية رافعين لافتات تحمل شعارات مُناوئة لأميركا وللغرب، أحرقوا خلالها العلمين الأميركي والإسرائيلي. وتصدّت الشرطة، مُعززة بست آليات، للمُتظاهرين الذين قُدّر عددهم بحوالي 150 شخصا. وفرضت الشرطة طوقين أمنيين حول السفارة منعاً من وصول المحتجين إليها. وفي بلجيكا، اعتقلت الشرطة حوالى 120 شخصاً خلال تظاهرة السبت في انفير (شمالاً) تخللتها اشتباكات مع قوات الأمن عندما حاول المتظاهرون الخروج الى شارع رئيسي. وأطلق المتظاهرون هتافات معادية للولايات المتحدة واحرقوا العلم الاميركي. وحدثت احتجاجات عنيفة في مدينة سيدني بأستراليا حيث تظاهر المئات من المسلمين الغاضبين أمام القنصلية الأميركية ورشقوا مبنى القنصلية بزجاجات وأحذية، رافعين لافتات تدعو لمعاقبة من يهين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وحاولت الشرطة الأسترالية منع المحتجين من الوصول إلى القنصلية، مستخدمةً الكلاب البوليسية، ما أسفر عن اندلاع اشتباكات بين الجانبين. وذكرت وسائل إعلام استرالية أن الشرطة لجأت إلى استخدام الفلفل الحار لتفريق المحتجين. وفي السويد، اعترض شباب وفتيات مسلمون على عرض الفيلم المسيء للنبي في إحدى الصالات، مرددين هتافات "الله اكبر". وحاول المسلمون تحطيم أجهزة العرض لكن قوات الشرطة السويدية تدخلت لمنعهم من ذلك بالقوة. وفي باريس، قامت الشرطة الفرنسية بإلقاء القبض والتحقيق مع حوالي مئة شخص شاركوا بمظاهرة دون الحصول على تصريح بالتظاهر بالقرب من السفارة الأميركية التي تقع على مقربة من قصر الرئاسة الفرنسية "الإليزيه". ونقلت قناة "بي آف آم- تي في" التلفزيونية عن مصدر بالشرطة قوله أن "العشرات من الرجال والنساء والأطفال، ومن بينهم سلفيون، تظاهروا بشكل عشوائي بمحيط السفارة الأميركية واشتبكوا مع عناصر الشرطة الذين تدخلوا لتفرقة التظاهرة". وأضاف المصدر أن "المتظاهرين كانوا يحاولون الوصول لمقر السفارة الأميركية ولكن قوات الأمن منعتهم من ذلك على بعد ما يقرب من 300 متر ولم يصلوا لمقر السفارة أو قصر الإليزيه". وأضاف أن "ما بين اثنين إلى ثلاثة من رجال الأمن والشرطة الفرنسية أصيبوا خلال الاشتباكات". وقال إن "الشرطة ألقت القبض على حوالي مئة متظاهر للتحقيق معهم". ودعا رئيس "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية"، محمد الموسوي، في تصريحات صحفية إلى "عدم الربط بين جميع المسلمين في فرنسا والأحداث التي شهدها محيط السفارة الأمريكية بباريس". وقال الموسوي، إنه "يتعين على المسلمين أن يستخدموا الوسائل المشروعة والعادلة للدفاع عن دينهم"، مشيرًا إلى أن "هذه الرسالة بعث بها أئمة المساجد في فرنسا خلال صلاة الجمعة". ومن جانبه، أكد عميد مسجد باريس الكبير، الشيخ دليل أبو بكر، في مداخلة مع قناة "بي آف آم- تي في" أن "نجاح السلفيين في حشد مئات الأشخاص في وقت سابق اليوم بالقرب من السفارة الأمريكية بالعاصمة الفرنسية، يعد أمرًا خطيرًا جدًا". أما في ألمانيا، فقد أكد وزير الداخلية، هانز بيتر فريدريش، بصورة حاسمة أنه يعتزم منع جماعة ألمانية يمينية متطرفة من عرض الفيلم المسيء للرسول محمد عرضاً علنياً أمام الجمهور. وقال فريدريش في حديث مع مجلة "دير شبيجل" الألمانية "مثل هذه الجماعات والمنظمات ترغب في استفزاز الإسلاميين الذين يعيشون في ألمانيا". وأضاف قائلاً "علينا أن نقاوم هذا بكل الوسائل القانونية المُتاحة". وكانت جماعة "برو دويتشلاند" اليمينية المتطرفة قد أعلنت على موقعها بشبكة الإنترنت عن رغبتها في عرض الفيلم المسيء للإسلام في برلين دون أن تحدد موعدا أو مكانا لذلك. وقال زعيم الجماعة، مانفريرد روهز، للمجلة إنه يريد عرض هذا الفيلم المثير للجدل بكامله في برلين، مضيفا "ما يهمنا هو حرية الفن وحرية الرأي".