لا يترك الوزير السابق في الشباب والرياضة، منصف بلخياط، أي مناسبة ل«التذكير» بأن مؤسسة محمد السادس للرياضيين تأسست بمبادرة ملكية، في حين نجد أن المؤسسة قد تأسست- حسب مصادر قريبة من الملف- باقتراح منه شخصيا. حيث تم إعداد ورقة تقنية حول المشروع وقدم إلى الديوان الملكي ونظرا للعلاقة المتميزة التي تجمع منصف بلخياط بدائرة الديوان الملكي- حسب ما نقلته مصادرنا- وجد المشروع طريقه إلى القبول، وتم إعطاء إسم محمد السادس لهذه المؤسسة. إلى هنا، تبدو الأمور عادية، إلا أن «الخطأ القاصم» سيأتي من الإطار القانوني الذي وضعه منصف بلخياط للمؤسسة رفقة شلة ضيقة من الرياضيين و«الأصدقاء» ( من بينهم مسؤولون في مؤسسات تجارية، فضلا عن مدير ديوانه آنذاك نوفل العربي (الذي أوكلت إليه مهمة كاتب عام للجمعية) وبعض الموظفين في وزارة الشباب والرياضة. الخطأ المسطري الذي سقط فيه بلخياط، حسب مصادرنا- هو إسناد رئاسة المؤسسة إليه بالاسم والصفة. وبسبب هذا الخطأ تم رفض إطارها القانوني من قبل الأمانة العامة للحكومة، مما يعني أن بلخياط أوقع نفسه في ورطة، ولم يعد له من سبيل للخروج منها سوى إيجاد صيغة (تخريجة قانونية) أخرى ينقذ به ماء الوجه، وبالتالي المحافظة اسم «مؤسسة محمد السادس لقدماء اللاعبين». وهنا يتضح جليا أن المسؤول الحكومي السابق، الذي وصل إلى الوزارة لأنه «اجتهد في القسم»، لم يستوعب الدرس جيدا. ذلك أن جميع المؤسسات التي تم إحداثها بمبادرة ملكية تم تأسيسها بأسس علمية وقانونية كمؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لموظفي التعليم أو المؤسسة المحمدية لقضاة وموظفي العدل أو مؤسسة محمد الخامس للتضامن....إلخ. هكذا، إذن، وأمام رفض المشروع من قبل الأمانة العامة للحكومة، استحال على منصف بلخياط العودة إلى الديوان الملكي مرة أخرى لتصحيح الخطأ، خصوصا مع اقتراب نهاية ولاية حكومة عباس الفاسي، حيث اختار الحل السهل، وهو إنشاء المؤسسة على شاكلة جمعية عادية مع الاحتفاظ باسم المؤسسة (مؤسسة محمد السادس)، وهنا كان الارتباك والتحرج واضحين عندما طُرح عليه سؤال حول الموضوع في إحدى خرجاته الإعلامية، فقال «نحن نعمل وفق قانون الحريات العامة ووفق ظهير 1958»، مما يعني أنه تحرج من قول إن المؤسسة هي جمعية وليس مؤسسة.. هذا من جهة ومن جهة ثانية، فإن التسرع الثاني، الذي وقع فيه الوزير «المجتهد»، هو أنه عندما كان وزيرا للشباب والرياضة عقد اجتماع للمجلس الإداري لشركة الألعاب الرياضية بصفته رئيسا لمجلسها الإداري ووضع في جدول الأعمال نقطة تتعلق بمنح 1 في المائة من رقم معاملات شركة المغربية للألعاب المسؤولة عن تدبير قطاع الرهان الرياضي لفائدة «مؤسسته» على أن لا يتعدى سقف 10 مليون درهم سنويا على مدى ثلاث سنوات، وفي السنة الثالثة لن تظل الشركة المغربية للألعاب الرياضية هي من تمنحه الدعم بل ستحصل الجمعية مباشرة على الدعم من صندوق الوطني لدعم الرياضة. وقد توصلت «المؤسسة»، فعلا، في السنة الأولى ب 10 مليون درهم وهو المبلغ الذي خصص لتدبير ميزانية سنة 2012 (!)
الفائض المالي.. ضحك على الذقون
صرح منصف بلخياط لجريدة «الصباح»- والعهدة عليه- أن «الجمعية» أو «المؤسسة» (لا فرق بالنسبة للوزير السابق)، حققت فائضا ماليا بقيمة 700 مليون سنتيم. فكيف لخريج المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات وخريج جامعة أمريكية، الذي لا يفوت فرصة للفخر ب«عقليته الأمريكية الفذة» (في بيع وشراء حفاظات الأطفال) أن يرتكب مثل هاته الهفوات ويتكلم عن الفائض، علما أن الفائض يتم الحديث عنه في نظام الشركات التي تقوم بأعمال تجارية وتحصلت من بعده على أرباح أو فائض لتوزيعه على الشركاء، أما جمعية تتلقى دعما من لدن الدولة وصرفت منه 300 مليون درهم وبقي لديها 700 مليون سنتيم، فلا يمكن البتة الحديث عن الفائض. والأبعد والأغرب من ذلك كله هو أن منصف بلخياط يتحدث عن فائض في السنة المقبلة بقيمة مليار ونصف سنتيم، وسنده في ذلك هو ما سوف يتوصل به كمنحه لسنة 2013 من طرف الشركة المانحة.. لقد نسي منصف بلخياط- حسب مصادرنا- أن العقد الذي يجمع جمعيته مع الشركة المغربية للألعاب الرياضية ينص على أن هذه الأخيرة ستمنح جمعية منصف بلخياط 1 في المائة حسب خصاص الميزانية أو مستلزمات الميزانية، وهنا فإن منصف بلخياط يشهد على نفسه على أن له فائض بقيمة 700 مليون سنتيم، وبالتالي فإن الشركة لا يمكنها ضخ مليار سنتيم إضافي لمنصف بلخياط لضخه في ميزانية جمعيته، سيما أن خزينة هذه الأخيرة لا تشكو من خصاص. وهو ما سيفطن له، دون شك، يونس المشرافي، المدير العام للشركة المغربية للألعاب والرياضة. ومن جهة ثانية- تقول مصادرنا- يتعين على الوزير أوزين بصفته رئيسا للمجلس الإداري لهذه المؤسسة بحكم القانون أن يراجع هذا العقد وطريقة صرف هذه المنحة من طرف الجمعية.
بيع كتاب للجامعات ب2000 درهم للنسخة
أكدت مصادرنا بأنه بخلاف ما صرح منصف بلخياط، بأنه تسلم 10 ملايين درهم وصرف منها 3 مليون درهم، فالصحيح هو أنه صرف 8 مليون درهم لأن منصف صرف 3 مليون درهم من دعم الشركة المغربية للألعاب والرياضة و500 مليون أخرى تحصل عليها من عائدات الكتاب الذي أصدرته الجمعية والذي يتكلم عن تاريخ الرياضة في المغرب والذي لم تتجاوز كلفته 150 درهم للنسخة في حين أن منصف قام ببيعه للجامعات الرياضية بأعداد كبيرة بمبلغ 2000 درهم للنسخة واستغل منصف وصايته على الجامعات وقام بالترويج وبيع الكتاب لتلك الجامعات (حوالي 500 كتاب لكل جامعة). وعلاقة بالموضوع- حسب ما أفادت به المصادر- فإن كلام المدير التنفيذي للجمعية سعيد بلخياط حول أداء واجبات الأدوية لبعض اللاعبين ومصاريف الاستشفاء للزهراوي وشراء سيارة لمحمد البوساتي وبعض المصاريف لدر الرماد في العيون يحتاج إلى تدقيق، ذلك أن مصاريف شراء الأدوية والاستشفاء وشراء سيارة- حسب المصادر نفسها- لا يمكنها أن تتجاوز جميعها 60 مليون سنتيم. فأين ذهب الباقي من مجموع المصاريف التي وصلت إلى 8 مليون درهم، حسب ما صرحا به سعيد ومنصف بلخياط؟ يتساءل مصدرنا؟
فلوس اللبن يديهم...
قام منصف بلخياط بتعيين عمه سعيد بلخياط في منصب مدير تنفيذي للجمعية (72 سنة) براتب شهري يناهز 30 ألف درهم في الشهر مع مصاريف التنقل والهاتف الثابت والنقال، علاوة على أن له امتياز تسيير الجمعية لوحده والموقع الوحيد على شيكات الجمعية بصفته مديرا تنفيذيا. كما عين منصف بلخياط ضمن الأطر المسيرة للجمعية بدر النجار وهو شاب حديث العهد بالوظيفة، وأول توظيف له كان ملحقا بديوان وزير الشباب والرياضة وليست له خبرة طويلة، لا في التسيير المالي أو الإداري. وظف سناء بناني، وهي حديثة العهد بالوظيفة العمومية في المغرب، وكانت تشغل مهمة ملحقة بديوان منصف بلخياط، كما كانت تشغل مهمة منسقة ما بين المهندسين والمقاولات التي تشيد ملاعب القرب. عقد تأمين الرياضيين
بخصوص إقدام شركة التأمين «سينيا» على تمكين الجمعية من «ثمن ممتاز»، تتساءل مصادرنا حول خلفيات هذا «الثمن الممتاز»، خاصة أن الشركة ليست ملكا للمدير العام (التازي) بل هي شركة مدرجة في البورصة ولها مجلس للرقابة وهذه أشياء لا تسمح للتازي أن يقوم بأي إجراء ليس في مصلحة الشركة. علما- تقول مصادرنا- أن «سينيا» حازت في عهد منصف بلخياط حازت على صفقة التأمين المتعلقة بالموارد البشرية التابعة لوزارة الشباب والرياضة عن طريق إحدى جمعيات الأعمال الاجتماعية التي أسسها الوزير نكاية في الجمعية الأولى للموظفين!
مقر مؤسسة بلخياط
أما في ما يتعلق بالمقر المؤسسة الموجود في ضاحية حي الرياض (الرباط) وقريب من المركب التجاري «مرجان»، فإنه يصعب على أي رياضي أن يجده بسهولة نظرا لكونه يوجد في دوامة من الأزقة. كما أن كراءه ب15 ألف درهم في الشهر كان- تقول مصادرنا- من أجل إرضاء شقيق المفتش العام لوزارة الشباب والرياضة، نظرا لقربه من الدوائر المتحكمة في القرار.
انحراف في الأهداف
يشير المشروع الأولي للمؤسسة، والذي تم تقديمه للديوان الملكي، إلى أنها مؤسسة للتواصل ما بين الرياضييين الحاليين والقدامى والرابط ما بين المصالح المتدخلة في الجانب الرياضي والرياضيين، كما أن من بين أهدافها تأسيس متحف يوثق للرياضة الوطنية منذ عهد الحماية وإصدار كتاب يؤرخ للرياضة. لكن عند تصفح الكتاب الذي تم إعداده في هذه الصدد وحسب تعليقات بعض المختصين فإن مستواه متواضع وأغفل الكثير عن الرياضة الوطنية ولا يرقى للورقة التقنية التي تضمنها ملف مشروع المؤسسة عند ولادته، بل يقول أحد المراقبين إن المشروع برمته زاغ عن سكته.. لقد قال منصف بلخياط إن شركة المغربية للألعاب والرياضة ستمنح لمؤسسته مليار سنتيم مقابل استغلال صور الرياضيين وهذا ضحك على الذقون- تقول مصادرنا- لأنه لا يمكن للشركة أن تستغل صور الرياضيين إلا بموجب عقد يربطها معهم. هذا من جهة؛ ومن جهة ثانية، فلحد الآن وبعد مرور سنة لم نلاحظ أن المغربية للألعاب قد استغلت صور أحد الرياضيين القدامى، أما بالنسبة للصور التي استغلتها والمتعلقة بخرجة وحجي والشماخ، فقد كانت بموجب عقد يربطهم بالشركة يتقاضون بموجبه مبلغ 60 مليون سنتيم لكل لاعب ولا علاقة لمؤسسة بلخياط بذلك.
بلخياط يحول الجمع العام لمؤسسة الأبطال إلى حفل إفطار ويوزع بذلات و»كرافاطات» على الرياضيين
وجهت مؤسسة محمد السادس للأبطال الرياضيين، التي يرأسها منصف بلخياط الوزير السابق لقطاع الشباب والرياضة، ويديرها قريبه سعيد بلخياط، الدعوة لمجموعة من الرياضيين السابقين والحاليين لحضور حفل إفطار يوم السبت القادم بأحد الفنادق الكبرى بالدار البيضاء. وقام الوزير السابق رئيس المؤسسة، بتوزيع بذلات وأقمصة وكرافاطات وأحذية على المدعوين، الذين كانوا ينتظرون من المؤسسة أن تبادر إلى تطبيق روح الفلسفة التي وضعها جلالة الملك لهذه المؤسسة، وذلك عبر تخليد ذاكرتهم وإنجازاتهم، إضافة إلى تأمين حياة كريمة للرياضيين وتقديم المساعدة الاجتماعية الضرورية من حيث التغطية الصحية والتعاقد. كما استفادت المؤسسة في هذا الإطار من تمتيعها بحق المنفعة العامة ومن موارد مالية كبيرة من قطاعات عمومية وخاصة، وبالرغم من كل تلك الامتيازات، مازالت المؤسسة عاجزة عن وضع تصور ناجع في معالجة أوضاع الرياضيين السابقين، وظلت تكتفي ببعض التدخلات البسيطة لفائدة بعض الرياضيين بعيدا عن أية مقاربة علمية وشاملة لتحسين أوضاع أبطالنا الرياضيين. فبعد فضيحة (البونات) الغذائية التي وعدت بها المؤسسة، تعود في هذا الشهر الكريم لتكتفي بتوزيع بذلات وكرافاطات، وتحول الجمع العام المفروض أن يكشف خلاله منصف بلخياط أين صرفت أموال المؤسسة والتي تناهز المليارين من السنتيم كل سنة حسب مصادر مطلعة، إلى حفل إفطار تتخلله مناقشة عامة بين الرياضيين والمؤسسة. هذا وفي الوقت الذي كان الأبطال الرياضيون ينتظرون قيام المؤسسة بالعمل على تحسين أوضاعهم الاجتماعية، قامت المؤسسة بعكس ذلك باستغلالهم واستغلال تاريخهم الرياضي لتحقيق الربح والحصول على موارد مالية، إذ وقعت اتفاقية شراكة مع المغربية للألعاب والرياضة من أجل تحديد الشروط التي ستساهم من خلالها المغربية للألعاب الرياضية في تمويل أنشطة مؤسسة محمد السادس، كما تعهدت الأخيرة بتخصيص ميزانية سنوية تقدر بواحد في المائة من مبيعات المغربية للألعاب على أن تعمل الأخيرة على استغلال صور اللاعبين في حملاتها التسويقية والتجارية في إطار عمل تشاركي بين المؤسستين المذكورتين. وليبقى السؤال مطروحا: متى تعقد مؤسسة محمد السادس جمعها العام وتقدم تقاريرها المالية؟ ومتى يحين الوقت لرد الاعتبار للأبطال الرياضيين بدل الاستخفاف بهم مرة كل سنة ب(زلافة الحريرة وكرافاطة وكوستيم)؟