تواصل جماعة العدل و الإحسان عن سبق إصرار و ترصد تنفيذ مخطط مرشدها و أنصاره في إحياء و بعث مشروع القومة التي لم تقم خلال سنة 2006 كما وعدت و توعدت بذلك . السياق الإقليمي الذي تفجر منذ أحداث تونس و ما تلا ذلك من تأثيرات و زوابع شكل فرصة ذهبية لأنصار الزاوية الياسينية لقنص الظروف و استغلال الأوضاع العامة للبلاد من أجل تحريك مشروعها التحريضي و التخريبي الذي جرى إعداده منذ زمان . حركة 20 فبراير ، التي كان عضو من العدل و الإحسان هو أول من أشعل فتيل شرارتها الأولى ، هي اللقمة السائغة التي استهلت بها الجماعة طبختها لتزيدها سخونة و تأجيجا على نار غير هادئة ، فحركت مريديها المتوحدين ( من مرض التوحد ) للخروج هذه المرة إلى الشوارع و ملئ الساحات و ترويض الحناجر في سعي حثيث لتهييج الجماهير و بث الرعب و الفزع في نفوس المواطنين و ترهيبهم و تخويفهم من مستقبل البلاد القاتم؟ لم تكن جماعة نادية بنت عبد السلام لتخرج إلى الشارع و تعيث في المدن و الأزقة و الساحات فسادا لفظيا و سلوكيا لولا تساهل السلطات الأمنية التي سعت و تسعى إلى ضبط نفسها و الحرص على عدم الإنجرار وراء مخطط الجماعة الرامي إلى استدراج القوى الأمنية نحو المواجهة و الإشتباك و الفوضى العارمة . فالجماعة واعية بهذا الأمر و هي، في كل خرجة ، تعمد إلى التصعيد في الإحتجاج و الإستفزاز و محاولة جر الأمن إلى مستنقع التشابك و التطاحن عبر سب الملك و أسرته و إهانة ثوابت الوطن و تحقير علمه الوطني و هي حدود ، تعرف الجماعة ، أن عناصر الأمن ( و الجيش ) لا يمكن أن تبقى مكتوفة الأيدي تجاه كل ما يهين الوطن و قيادته و مقدساته ، لذلك فهي توحد جهودها على أمل إثارة أجهزة الأمن لتنطلق الثورة التي يحلم بها أعضاؤها في منامهم . طبعا للصبر حدود ، و لا يمكن إطلاقا الإستمرار في التغاضي عن خرق القانون و مواصلة العصيان و التحريض و خلق البلبلة و الفتنة ، فكل اعتصام أو تظاهر أو احتجاج إلا و ينظمه القانون وفق مساطر مرنة و واضحة و صريحة ، خصوصا و أن المغرب مقبل على استحقاق تاريخي يتمثل في الإنتخابات التشريعية التي تعتبر بحق معركة برامجية وطنية يتحدد على إثرها التوجه السياسي الذي سيحكم البلاد لسنوات . جماعة العدل و الإحسان ، التي تتخذ من مدينة سلا معقلا لقيادتها التبشيرية ، لا تريد المهادنة و إيديولوجيتها لا تقبل المقاربة التشاركية في ظل دولة الحق و القانون و المؤسسات ، لذلك لا تعتزم التراجع عن مخططها الجهنمي الرامي إلى تأجيج الوضع و إثارة القلاقل ، و هي لأجل ذلك جربت الكثير من الخطوات التصعيدية : • تحويل المسيرات الإحتجاجية نحو الأحياء الشعبية للمدن و البوادي و المناطق النائية لتأليب المواطنين ضد السلطة و محاولة كسب تعاطفهم عبر الترويج للمغالطات و استغلال أوضاعهم الإجتماعية البسيطة ؛ • استغلال حادث وفاة العماري بأسفي للركوب عليه و السعي لإضفاء الطابع الثوري و الإستشهادي على " ضحايا " الحركات الإحتجاجية ؛ • محاولة زعزعة عقيدة المغاربة و التشكيك في قواعد و أصول إمارة المؤمنين من خلال تحريض رجال الدين من أئمة و خطباء ( منهم المفصولين لأسباب تأديبية و أخلاقية ) من أجل " الإنتفاضة " و خلخلة الحقل الديني بدعوى أوضاعهم المادية و بالتالي التأثير في موقع أمير المؤمنين كحامي حمى الملة و الدين ؛ • تهديد المواطنين و ترويعهم بالعصي و الهراوات و السكاكين خلال العديد من المسيرات ، و محاولة التفرقة بين صفوف الشعب بين من يعارض النظام و من يناصره؛ إن الإنتقال من الحناجر إلى الخناجر و من رص الصفوف إلى الترويع بالسيوف هو مرحلة جد متقدمة من خارطة الطريق التي وضعتها الجماعة لنفسها و وضعتها للمغاربة أنفسهم. أمام مختلف التطورات المتلاحقة ، كان لزاما على أجهزة الأمن توخي الحيطة و الحذر و التأهب للأعمال الإجرامية و التخريبية التي تنوي الجماعة مباشرتها بعد أفول شعاراتها شعبيا و تهاوي مصداقيتها إلى الحضيض ، فكان تحرك المدير العام للأمن الوطني سريعا نحو مختلف المناطق للقاء المسؤولين الأمنيين المحليين و تنبيههم إلى ما يحاك ضد الوطن من مؤامرات و دسائس درءا لكل تهور أو مغامرة . فغير مستبعد أن تتحول العدل و الإحسان إلى الجماعة السلاوية للدعوة و القتال على غرار الجماعة السلفية للدعوة و القتال بالجزائر التي تعيث تقتيلا و سفكا و ترويعا ، مبيحة دماء السكان و أعراض النساء و حرمات البيوت و المؤسسات ، بعد أن بلغت جماعة ياسين و شركاؤه من اليأس " المدني " و الكآبة الفكرية مبلغا خطيرا يستدعي وضعها في العناية المركزة و معاملتها بعدل و إحسان علها تستفيق من المنام و تعتقد بالوئام و تساهم في الدفع بالوطن إلى الأمام .