الدعارة في الدارالبيضاء: متعة عابرة في المراحيض والسلاليم والأزقة المظلمة! لا تستثني مهنة المتاعب أي مدينة مغربية، كل الأمكنة صالحة لممارسة الدعارة ما دامت الشروط والظروف واحدة، إلا أن بعض المدن تشتهر ببعض أماكنها التي يضرب بها المثل في هذا الميدان. وللدار البيضاء شوارعها وساحاتها وأزقتها التي تسيطر عليها بنات الهوى لامتهان أقدم مهنة في الكون... شارع الجيش الملكي.. عند تقاطعي شارعي مصطفي المعاني و11 يناير.. زنقة أكادير.. ومارشي بنجدية ومحمد الخامس.. وغيرها من الشوارع والأزقة.. تقف هناك نساء من مختلف الأعمار يعرضن أجسادهن بكل بذاءة.. الأمكنة أشبه بمعرض في الهواء الطلق للأجساد البشرية العارية، وكل امرأة تتفنن في إبداء مفاتنها أمام السيارات التي تسير في الطريق جيئة وذهابا بحثا عن الأفضل والأجمل بينهن. ما يوحد كل هؤلاء النساء هو ثمن الممارسة الجنسية التي تكون رخيصة إلى حد لا يصدق في بعض الأحيان. رغم أن شارع الجيش الملكي كان مكتظا بالمارة وبوسائل المواصلات، والكل كان يسير في اتجاهه إلا أن الرؤوس كانت تميل للنظر إليها ليس لأنها كانت باهرة الجمال أو لأنها صاحبة قوام رشيق، وحدها كثرة المساحيق غير المتناسقة التي تضعها على وجهها أثارت انتباه المارة. سارت بدلال مبالغ فيه ترتدي ملابس مزركشة بنفس ألوان الماكياج، انسدل شعرها على كتفيها بشكل غير مرتب بعد أن وضعت «بوندو» أصفر والأقراط فهي طويلة ذهبية اللون.. كانت تبدو كأنها عارضة في كرنفال.. امرأة سينما الريف لم تترد الشابة في أن تدعو شابا كان يسير ببطء باحثا بعينيه عن سيارة أجرة بالقرب من سينما الريف للحديث معه، لكن يبدو أن الشاب لم يتجاوب معها، فقد كان مسرعا في مشيته كأنه يسابق الزمن.. ففتشت في حقيبتها اليدوية الحمراء اللون عن شيء ما، ربما وجدت العلكة التي طالما كانت تبحث عنها بين الفينة والأخرى .. أخذت تمضغ العلكة بشكل مثير وهي تغازل كل من تلتقي عيناه بعينيها فهي لا تجد حرجا في أن تقترب من شخص وتهمس في أذنيه.. أخيرا نجحت... كان شابا في مقتبل العمر أنيقا ووسيما، قد يستغرب الشخص الذي يتابع «المسرحية» كيف لهذا الشاب الوسيم أن يدعو مثل هذه الفتاة إلى مشاركته سيارته.. لم تترد الفتاة في ركوب السيارة الفارهة.. ابتسمت ابتسامة عريضة وهي تمضغ العلكة قبل أن تتوجه بها السيارة إلى وجهة غير معلومة، لكن في الحقيقة هي وجهة معروفة لدى الجميع.. مكان ما لممارسة المتعة اسمها «الحركي» يختلف عما دونه ضابط الحالة المدنية في صحيفتها الشخصية ساعة ولادتها.. ملاك هو الاسم الذي اختارته لنفسها منذ أن بدأت العمل في ميدان الدعارة قبل أكثر من عشر سنوات. عمرها لم يتجاوز بعد الثلاثين سنة، لكن العشر سنوات التي قضتها في بيع جسمها كما تقول كانت كافية بأن تكون أكثر خبرة في معاملة الرجال والنساء على السواء. تعودت ملاك أن تأتي كل يوم إلى شارع الجيش الملكي وإلى نفس المكان قريبا بالقرب من سينما الريف، هناك تحاول أن تصطاد زبونا أو مجموعة من الزبناء لا يهمها أي شيء.. المهم عندها أن توفر ثمن أدوية والدتها التي تعاني من التهاب الكبد الفيروسي (C) تقول ملاك «أكون سعيدة جدا إذا استطعت اصطياد أكثر من زبون في اليوم، لا يهمني من يكون حتى إن كان مريضا نفسيا، المهم أن يكون عاقلا لكي يؤدي لي ثمن متعته»!!. صحيح أن هذا الثمن عادة ما يكون زهيدا بالمقارنة مع ما تتقاضاه فتاة أخرى تشتغل في نفس مجالها لأن زبناءها يكونون من نوع خاص، لكن قد يتجاوز المبلغ التي تتقاضاه ملاك في اليوم مائتي درهم إذا كان عدد الزبناء أكثر من ثلاثة. «راني كان ناخذ غير خمسين درهما على الراس، وكين اللي كايعطيني ثلاثين درهما فقط". غمرت ملاك بعينيها الواسعتين أحد المارة بوصلة من الغمزات، لكنها لم تثر شهية الرجل لتضيف قائلة "والله ياختي أنا كنجري غير على دوا الوالدة.. إلى ما باعتش لحمي لكل واحد باغي، غادي يخطفها لموت". فضلت ملاك أن لا تتوقف عن السير في كل اتجاه وهي تتحدث بكل طلاقة عن «عملها» الذي امتهنته منذ سنوات، وهي تمسك بشدة بحقيبتها، كأنها تخاف أن يسرقها منها لص، وبالتالي يسرق الدريهمات التي توجد بتلك الحقيبة الكبيرة التي تضم حتى بعضا من ملابسها الداخلية. نساء المتعة الرخيصة عند تقاطع شارعي مصطفى المعاني و11 يناير تقف هناك وابتداء من الساعة الثامنة والنصف فتيات في عمر الزهور ونساء في مقتبل العمر وأخريات «ولى الدهر عنهن وشرب»، لكنهن محترفات في مجالهن بكل ما تحمله الكلمة من معنى، خصوصا على مستوى مغازلة الرجال سواء بالغمزات أو مضغ العلك بالطريقة المثيرة أو الهمس بألفاظ جنسية بذيئة.. عادة ما يلفتن نظر المارة ليس لأنهن جميلات أو أنيقات بل لأنهن معروفات من شكلهن أنهن عاملات جنس حتى وإن ارتدين جلاليب ضيقة جدا.. فكونهن لا يبرحن مكانهن إلا بعد أن يصطدن زبونا أو أكثر ثم يعدن في الغد لمعانقة نفس المكان على أمل اصطياد زبون من نفس العينة، والعينة تكون في أغلب الأحيان رجل عاد، مظهره يوحي بأنه عامل بسيط أو موظف يبحث عن المتعة والمقابل زهيد.. فأغلب هؤلاء لا يتقاضين أكثر من خمسين درهما، لهذا تكثف بائعة المتعة مجهودها لكي يكون مدخول اليوم محترما. هند.. الاسم التي تنادي عليها به زميلاتها في «المهنة» الواحدة. فتاة عادية جدا يكاد المرء لا يفرقها عن أي امرأة أخرى تعمل في أي مجال أو حتى ربة بيت، الفرق الوحيد أنها لا تبرح هذا المكان المعروف بأنه قبلة للباحثين عن المتعة إلا بعد أن تصطاد زبونا لها، لا يهمها من يكون، المهم هو أن يدفع خمسين درهما. ولدت «هند» ونشأت في بيئة فقيرة وفي بيت تنعدم فيه أبسط شروط الحياة، فوالدها اضطر للتوقف عن العمل بسبب إصابته بأحد أمراض القلب في الوقت الذي اضطرت فيه والدتها التكفل بإعالة أسرة تتألف من ثمانية أشخاص من خلال العمل في المنازل. فقررت هند بعد بلوغها سن السادسة عشر من عمرها الخروج للعمل لمساعدة والدتها على توفير لقمة العيش، ورغم ضيق ذات اليد فقد كانت تتميز بجسد طافح بالأنوثة، الشيء الذي جعلها مطمعا لكل من يراها. لم تستطع هند التنقل من «دار لدار» كخادمة نظرا للتحرش الذي كانت تتعرض له بشكل يومي تقريبا فمكثت في البيت للاهتمام بإخوتها في غياب والدتها. وازدادت معالم جسدها بروزا مع بلوغها الثامنة عشر من عمرها، فبدأت تلاحظ الإعجاب في عيون الرجال وحسدا في عيون النساء، وبدأت تحاول إبراز جمالها أكثر وأكثر بشتى الطرق فلم تجد أمامها إلا الملابس الرثة والأحذية البالية ورغم ذلك كان دلالها كافيا لجذب أنظار الغير، إلا أنها لم تفكر في يوم من الأيام بأن يشكل هذا الجمال نقمة عليها. والدتها كانت تشجعها دائما على استغلال شبابها وجسدها لجلب المال حتى وإن كان عن طريق ممارسة الجنس مع الرجال، لكن شريطة أن تحافظ على بكارتها، الشيء الذي كان يبدو مستحيلا بالنسبة لفتاة تريد اقتحام الدعارة من أوسع أبوابها، لكن للأسف لم تقتحم الباب الصحيح على حد قولها، لأنها عوض أن تتوجه لممارسة الدعارة الراقية التي تدر أموالا كثيرة مارست الدعارة الرخيصة التي كانت لا تدر عليها إلا ما تسد به رمقها ورمق والدتها وإخوتها وبكل «وضوح وشفافية ونزاهة» تقول هند «مارست الجنس بعشرة دراهم ثم بعت جسدي بعشرين درهما ثم بخمسين درهما وأمارس الجنس في الغرف القذرة وفي المراحيض وحتى في السلالم.. المهم هو أن يدفع طالب المتعة، لا يهمني إن كانت ملابسه رثة أو إن كان ذي رائحة مقززة أو بشعا أو يمارس الجنس بشكل شاذ.. المهم هو أن يدفع، صحيح أن الثمن قليل، لكني أعرف أنني مستقبلا سأجد من يوجهني لممارسة الجنس مع من يدفع أكثر، وبالتالي زيادة مدخولي، بل إنني أتوق إلى السفر لإحدى دول الخليج لاصطياد الزبناء الأثرياء أما في المغرب فالزبون كيبقى غير مكحط.. يفكر كثيرا قبل أن يدفع أو يرفض الأداء بدون خجل، خصوصا أن الدفع يأتي دائما بعد تقديم الخدمة، لكن يجب أن يعرف هؤلاء أنهم كايكلو غير عرق الوليات". زميلتها ياسمينة فضلت أن لا تتحدث فقد كانت مشغولة مع زبون «كات تفاصل معاه على الثمن».. نجحت في اصطياده، لكن بقي المكان المشكلة الأساسية لإتمام «الصفقة» فهو لا يتوفر على غرفة مستقلة، وجاء الحل سريعا وكان من طرفها، لماذا لا يمارسان الجنس بسلم عمارة «تقف شامخة» بشارع 11 يناير، خصوصا أن هذه العمارة تكاد تكون خالية من السكان وما على الزبون إلا دفع سمسرة لحارس العمارة.. وافق الزبون على الاقتراح وبدون أي تردد المهم عنده هو أن يلبي نداء الجسد. تبلغ من العمر خمسين سنة واسمها صوفيا وتقسم على أنه اسمها الحقيقي في حين أن زميلاتها يقلن أنه يبقى فقط اسم الشهرة. إنها لا تعرف مهنة غير بيع جسدها لكل من يدفع، رغم ذلك فهي مازالت تسدد مبلغ الكراء بالكاد.. تحاول أن تخفي تجاعيد وجهها بالمساحيق الكثيرة، لكن جسدها كان يقول إنها امرأة ولى بها الزمن، فالسيجارة الرخيصة لا تفارق يدها، المنافسة بينها وبين زميلاتها كبيرة جدا وفي أغلب الأحيان يفزن عليها فالسن له دور كبير في هذا الميدان
فتاة أخرى تصف حالها بعد اغتصابها من أحدهم وهي في الخامسة عشر من عمرها، حيث حكم عليها المجتمع حكمه الجائر ونفاها في خانة المومسات رغم أنه لا ذنب لها في ذلك، حتى جاءتها صديقتها بالفرج وأخذتها لطريق الدعارة الحقيقية، وتعلن أنها حتى لو وجدت عملا فإنها لن تتخلى عن هذه المهنة. لحم رخيص المكان أشبه بمعرض في الهواء الطلق للأجساد البشرية العارية، وكل فتاة تتفنن في إبداء مفاتنها أمام السيارات التي تسير في الطريق جيئة وذهابا بحثا عن الأفضل والأجمل بينهن. ما يوحد كل هؤلاء النساء هو ثمن الممارسة الجنسية ثلاثون درهما للممارسة السريعة، ويكفي أن توقف سيارتك حتى تعلن «البائعة» الثمن مسبوقة بكلمة «مصيصا» وتعني في قاموسهن الممارسة عن طريق الفم. هنا لا مجال إلا للممارسة الجنسية السريعة في السيارة، ليس خوفا من دوريات الشرطة، لكن لأن للوقت قيمته في مثل هذه الحالات، والشاطرة منهن من تصطاد أكبر عدد من الزبناء. امرأة صغيرة السن تتزوج من شاب بدون رغبة الأهل، الذين يتخلون عنها، وبعد أن تنجب طفلا يسجن الزوج بتهمة ما، فتلجأ للأهل الذين يرفضونها رغم ظروفها، فتبحث عن عمل في أحد المصانع القريبة من بيتها كي تعيل نفسها وطفلها، ولأنها صغيرة وجميلة يعترضها «شاف شين» في المصنع ويراودها عن نفسها، فتقاومه لآخر رمق، وعندما لم تجد ما يبعده ضربته بآلة حادة، لم تقتله إلا أنها دخلت إلى السجن فخرجت من السجن خمسة أربعين سنة، لم تجد أمامها إلا بيع لحمها بزنقة أكادير.. بهذه الزنقة نساء من مختلف الأعمار في بعض الأحيان تكون هذه الزنقة ممتلئة عن أخرها وتبلغ ذروتها حوالي الساعة الثامنة والنصف مساء، على طول الزنقة تلتقط العين غمزات طائشة من امرأة عجوز، أو فتاة قاصرة، بل تتجه إحداهن إليك لتسأل عن «الساعة» أو تمد يدها للسلام على المرء، وسط زحمة المارة تنتشل بعضهن زبونها ممن يرغب في الارتماء في أحضان اللحوم المهترئة. تلعب بعض النساء في هذه الزنقة دور «القوادات» وعاملات جنس في نفس الوقت، ويكفي أن يمد لها الشخص عشرين درهما لتشد به الرحال إلى حيث يريد.. بعض الأحيان يلاحظ الشخص أن الزنقة خالية منهن اعتبارا للحملات التي يقوم بها رجال الأمن بين الفينة والأخرى.. بابتسامة مثيرة تنطلق من ثغرها الذي يزهر بأحمر الشفاه الزاهي، تقول "واخا ها كاك الحركة ميتة بزاف هاد ليام". اقتحمت صابرين عالم الدعارة قرابة ثلاث سنوات، منذ أن افتض بكارتها عشيقها بحديقة الجامعة العربية ليلة رأس السنة الميلادية، لم تجد صابرين حرجا في مساومة زبونها عن الثمن الذي ستتقاضاه مقابل بيع جسدها، أخرجت من جيب سروالها الجينز علبة سجائر، فتحتها باحترافية وأشعلت سجارة مخلفة وراءها غيمة دخان، تفننت في نفثها، لتقول له " لتجعله سبعين درهما فأنا سأقضي ليلة كاملة في ضيافتك". الأحد منتصف النهار، علامات التعب بادية على وجوه بعض بائعات الهوى اللواتي فضلن اصطياد الزبناء ب "مارشي بنجدية".. التعب كان من أثر ليلة صاخبة قضينها متقلبات بين حانات المنطقة.. بدأن مكانهن بجانب "كرارس لخضرا" وبوابات العمارات المقفلة الأبواب يتصيدن زبناء جددا.. حديث سريع.. ومساومات أسرع، تبعن أجسادهن في أغلب الأحيان بطريقة رخيصة.. هذه الشوارع ما هي إلا نماذج للعديد من الشوارع والأزقة التي يباع فيها اللحم بطريقة رخيصة فمن يشتري..