كلما توالت الأيام واقترب موعد الاقتراع ،تصاب أجساد وكلاء اللوائح الانتخابية بالحمى،وتتوتر أعصابهم لتصل إلى درجة يمكن للشرايين أن تنفجر معها،وقد يرتفع معدل السكر في دمائهم وينخفض حسب ما يصل إليهم من توقعات قارئي الأكف والفناجين. يزيد الكرم الحاتمي لوكلاء اللوائح،فينفقون مما راكموه بمختلف الطرق من ثروة حد الإفلاس ،على أمل استرداد ما تم إنفاقه أضعافا مضاعفة في القريب العاجل ،ريعا ونهبا ونصبا واحتيالا...،وقد تصل مبالغ زهيدة منها إلى جيوب المهمشين والمقصيين والفقراء والعاطلين والنساء والأطفال ،الذين وجدوا في ترويج صور الحيوانات والطيور والآلات... ،من خلال رميها عبر فتحات الأبواب وصناديق البريد وبعثرتها في الأزقة والدروب ،مورد رزق يعينهم على مواجهة أعباء الحياة ، ،كما أنهم يقومون بتلطيخ الجدران بلوائح تضم وجوها مغبرة أعياها نهب المال العام ،ووجوها أخرى احترفت الانتهازية والوصولية كمبدأ في الحياة ، بديلا عن الكد والكدح والنضال لتحقيق مآربها. إن هذه الشريحة من المواطنات و المواطنين التي بلغ بعض أفرادها السن القانوني للتصويت،تربطها بوكيل اللائحة الذي يدفع لها ثمنا بخسا مقابل ترويجها لرمز حزبه مستغلا بذلك ظروفها الاجتماعية الصعبة ،عقدة قد تكون وثيقة أو أي شيء آخر لضمان أصواتها،وهذا في حد ذاته لا يترك لمن قبل بهذه العقدة المجحفة مكرها أي فرصة للتصويت بحرية ،وبما أن حرية التصويت ركن من أركان عديدة لنزاهة الانتخابات ،فإنها في هذه الحالة غير متوفرة،وستظل عاملا مساعدا على حصد أصوات إضافيىة مؤدى عنها لفائدة المرشحين القادرين على تجنيد أكبر عدد من هؤلاء المعدمين ،ضحايا الاختيارات الرجعية اللاشعبية و اللاديمقراطية للحاكمين، فهل من قوانين وإجراءات زجرية لضمان حرية التصويت لهذه الشريحة من المواطنات والمواطنين ،وحمايتهم من مفسدي الحياة السياسية؟سؤال سيظل مطروحا ما دامت الدولة مصرة على عدم القطع مع الطريقة التي تجرى بها هذه المهازل.