كتب : عبد الجليل الكليتي ل “مراكش بريس” هلوسات من وحي السياسة العربية ان تاريخ المشهد السياسي العربي حافل بالتناقضات والتجاذبات,يعكس بعضها التفكك والانحلال الموضوعاتي لمكونات حلقاته من الفرقاء السياسيين ,الذين يهندسون ويضعون خرائط طريق للأجيال القادمة ,بعدما استنفدوا كل الامصال القدرة التي استعملوها في حقول تجاربهم من الاجيال السالفة كجيل الستينات والسبعينات ,أو ما يسمى عندنا في المغرب رعيل زمن الرصاص,بفعل السياسات المقتبسة عن الغرب الامبريالي المتغطرس , والمتعطش الى افراغ الشخصية العربية من محتواها ومن مفعولها في توعية الشعوب المقهورة ,وفي دورها الريادي في الانتفاضة ضد القمع والحكرة ودحض كل الاطروحات الاستعمارية التي تنفذها بالنيابة الطبقة المتنورة التي رضعت حليب الضباع في المدارس والمعاهد الغربية وتشربت فكرها,فعملت عند عودتها الى اوطانها الام بإحكام قبضتها على الشعوب المقهورة والمسلوبة الارادة في خطط ممنهجة على اسقاط السياسة الغربية على المجتمعات العربية التي تختلف شكلا ومضمونا في ثقافتها وتقاليدها عن المجتمعات المصدرة لهكدا سياسة .اد كلما تشعبنا في فهم الظواهر السياسية في العالم العربي وممارسة الحكام والأحزاب لمفهوم الديمقراطية إلا واكتشفنا وتلمسنا نفحة من الفكر المتصهين يطغى على عقول علماء وممارسي السياسة عندنا ممن نوكل اليهم شؤون تحديد مسؤوليات التسيير والتدبير السياسي ,ثم ايضا تحديد سمات الخطوط العريضة للفلسفة السياسية التي تتحكم في رقاب الناس لمدد زمنية قد تطول او تقصر حسب ظروف التنزيل التي يعيشها كل بلد على حده.فلا غرابة ادا قلنا أن الفكر السياسي العربي برمته لا يخلو من مرض الخرافات والأساطير كالتي اعتمدها بنو صهيون مند نشأتهم الى يومنا هذا .فالأسطورة مدخل اساسي لفهم السياسة في البلدان العربية ,اد أصبحت جزا لايتجزا من الواقع السياسي العربي ,بفعل التصورات التي انطبعت في أذهاننا بعد هذا الخريف العربي الذي بدى شتاءه باردا على الحكومات والحكام العرب الذي لا يوجد واحد منهم لا يركن في السياسة الى استخدام الاسطورة ,وما ينطبق على الأصل ينطبق على الفرع .فكل الاحزاب السياسية ,والنقابات العمالية والمنظمات الحقوقي,وبعض جمعيات المجتمع المدني ,تعتمد عن وعي أو غير وعي على الاسطورة في مرجعيتها لخداع الاخر .فالحكومات العربية بزعامة احزابها العريقة وشخصياتها الميكيافلية من الماء الى الماء استعملت ثلاث أساطير ابتلعتها الشعوب العربية كطعم لتبرير المنزلقات الخطيرة التي عرفتها هذه الاوطان مند استقلالها ,ودلك في سياقها حديثها العام عن _الثورة بدون ديمقراطية _,حيث لابد من وجود ديمقراطية حقيقية وفعلية ممارسة وتنظيرا أولا داخل المؤسسات بجميع مشاربها ,ثم ثانيا دمقرطة الذات البشرية ومعرفة واجباتها وحقوقها وألا سنكون كقطيع من البقر يساق الى المجهول , فلا يمكن أن تنجح الثورة والحاكم والمحكوم غير ديمقراطيين لان دلك قمة الجهل بفن الممكن وغير الممكن .وهنا أتساءل حول نسبة نجاح انتفاضة الربيع العربي في ظل انعدام اسس الديمقراطية؟.وألا سينطبق علينا المثل المغربي القائل ((حمقاء ثم قالوا لها أن تزغرد)).هل ستنتهي من زغاريدها؟وهل تعرف على ماذا تزغرد ؟كذلك أحزابنا السياسية العربية التي ظلت وستظل تتحكم في رقابنا مع تبادل الادوار الى ان نحقق الديمقراطية الفردية .وثاني الاسطورات التي نتلمسها في سياستنا هي _الاشتراكية بغير مشاركة شعبية _وهنا مربض الفرس لان تاريخ الاشتراكية مليء بالتناقضات والمغالطات الغريبة حيث أن القارئ أو الممارس في الاحزاب الاشتراكية ممن خبروا تضاريس جغرافية الايديولوجية الاشتراكية لايختلفان على أن كل القرارات الرسمية تكون أفقية وليست عمودية اي تاخد على مستوى القمة لا بمشاركة شعبية ,ادن فالشعب في هذه الاسطورة الفاضحة لأصحاب الفخامة رؤساء الجمهوريات العربية الذين شنفوا اداننا مند اندلاع الحرب الاولى بين العرب وإسرائيل بان القوى الشعبية قادرة على تحرير فلسطين .وثالث هذه الاسطورات هي_تحقيق الوحدة العربية باستخدام القوة_ وتهييج الشعوب المغلوبة على أمرها وإقحامها في مجالات غير اهتمامها .فهذا الامر لا يتطلب كل هذا الافحام لتحقيق الوحدة العربية والابتعاد عن الصراعات المجانية كالصراع العربي الاسرائيلي او الصراع الربي الامريكي أو الصراع العربي العربي ,حيث هناك مجموعة من الطرق الاخرى غير الحروب الدموية التي ليس فيها إلا منطق الخسارة المادية والمعنوية .ثم تعتبر هذه الاسطورة من طلاسم السحر الاسود التي تستعمله الحكومات العربية بصفة عامة والإسلامية بصفة خاصة لتغيير أنظار وتفكير شعوبها عن قضاياهم الوطنية ,التي انتجت فلولا من المفسدين السياسيين طيلة عمرا لصراعات التي عرفتها الشعوب العربية .فاد نتطرق الى هذا الموضوع الحساس والشائك ليس من أجل التشهير بسياسيينا في الوطن العربي , ولكن لنضع القارئ المحترم على المحك ,وإعادة القراءة مرة ثانية وثالثة لتاريخ الممارسة السياسية في العالم العربي .ثم دفع المثقف المتخصص والباحث الاكاديمي للتحليل المنطقي لهذه الظواهر والممارسات السياسية بالمغرب خصوصا والوطن العربي عموما ,وإبراز الخصوصيات التي تميز علم السياسة كما فندها أرسطو وأفلاطون ومن سار على دربهم ,وبين الممارسة السياسية التي تنهجها الحكومات العربية ومنطقها في التطبيق لأسطورة السياسة .