أبواب مراكش : حكايات من حجر، وارتفاعات للحضارة. محمد القنور عدسة : محمد أيت يحي عاصمة المغرب قديما، وثالث أكبر مدينة بعد الدارالبيضاء والرباط ، تقع في وسط المغرب عند منطقة السهول المدارية إلى الجنوب من الدارالبيضاء، منها وإليها ظلت تنتهي القوافل واأنظار والألوان والتوابل والعطور والسلع من كل الأصقاع والثقافات من جميع الأعراق والمؤثرات والسكك الحديدية الآتية من طنجة ووجدة عبر الدارالبيضاء. مراكش الحمراء أو عاصمة النخيل أو «البهجة» كما يحب أن يطلق عليها سكانها مدينة مغربية تقع في واسطة عقد المملكة. حيث يقال أنها سميت بهذا الإسم لأنه حينما أراد يوسف ابن تاشفين تأسيس عاصمة لدولته خرج للمكان الحالي التي تقع به مدينة مراكش فأعجبه لانبساطه، لكنه احتار بخصوص الإسم وبينما هو محتار إذا به يسمع رجلا يسأل ابنه هل حقا سقيت هذا الحقل؟ فيجيب الإبن: نعم قد فعلت مرة وكش. بمعنى سقيته مرة وقد نشف فأعجب بالكلمة المنحوثة من هاتين الكلمتين «مرة» و«كش» فاتخذها عاصمة لدولته... وتعتبر مدينة مراكشالمدينة العربية والإسلامية الوحيدة في العالم التي لاتزال تحتفظ بسورها الخارجي كاملا، وقد اختلف المؤرخون حول تاريخ بناء أسوار مدينة مراكش، إلا أن أغلبهم يرجح ذلك إلى ما بين 1126 و1127م. ويقدر الجغرافي الشهير الشريف الإدريسي في كتابه الرائد “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق” طول هذه الأسوار المرابطية بحوالي تسع كيلومترات كانت كلها مبنية بالتراب المدكوك أو ما يصطلح عليه محليا باسم “اللوح” أو “التابية”. خلال عهد الموحدين، عمل الخليفة يعقوب المنصور على تقوية نسيج المدينة وتحصيناتها ببناء القصبة التي كانت مقر الحكم أو مدينة المخزن، وذلك على غرار مدن أخرى في الغرب الإسلامي. لقد دعم الموحدون القصبة بعدة أبواب إندثر بعضها ولم يبق منها إلا باب أگناو الذي لازال راصعا قبالة صومعة الجامع، وهو الباب الرئيسي للقصبة الموحدية والذي ينفرد بشكله عن باقي الأبواب من خلال قوسه التام المتجانس الأطراف، وزخرفته الرفيعة. يعتبر بابي دكالة واغمات من الأبواب الرئيسية التي تتخلل أسوار المدينة العتيقة لمراكش، حيث يتوطن باب دكالة في جهتها الغربية ويؤدي إلى مسجد باب دكالة، بينما يوجد باب أغمات في الجهة الشرقية من المدينة العتيقة منفتحا بذلك على الطريق المؤدية إلى حي باب أيلان وبوسكري وزاوية سيدي امحمد بن صالح. أما فيما يتعلق بباب أغمات فهو يشكل منافذ أحد الأبراج التي تتخلل الجهة الشرقية لأسوار المدينة. ويتشكل باب دكالة من برجين كبيرين يتوسطهما ممر يؤدي إلى قلب المدينة العتيقة، من طريق لكزا وعرصة إيهيري من جهة وعبر سويقة باب دكالة ومسجدها الأعظم من جهة ثانية وتعود تسمية هذا الباب بدكالة إلى المجال المجاور للمدينة، واتجاهات القوافل إلى سهول دكالة والشاوية والذي كانت آنذاك تقطنه الساكنة التجارية. في حين يعتبر باب الدباغ أحد أقدم الأبواب التاريخية في المدينة خصوصا، وبالمغرب عموما، إذ يعود إلى العصر المرابطي، ورغم كونه قد عرف عمليات الترميم طيلة العقود والقرون التي تعاقبت عليه، فإنه لايزال يحتفظ بوهجه الأثري وسمعته الثقافية والسياحية، إلى جانب باب الرب الذي تحول إلى مخزن لصناعة الفخار، وفتحت إلى جانبه بوابتين حديثتين. وينسب “باب الرُب” بضم الراء إلى سلع المربى التي كانت تفد إلى مراكش زمن المرابطين من قبائل مسفيوة، وتلج المدينة عبره، والرب خليط من اللوز والجوز المخمرين، يقي الجسم برودة الشتاء المراكشي القارس، وقد عمل ابن تومرت زعيم الموحدين على تجريمه بعد أن اعتبره نوعا من أنواع الخمور. ولعل باب أكَناو رغم كونه بابا داخليا يفصل القصبة “الحي الملكي” عن باقي المدينة، هو تحفة الأبواب التاريخية بمراكش، حيث تم تأسيسه في عهد السلطان الموحدي عبد المومن بن علي الكَومي، وتعرض بعد ذلك للإهمال زمن المرينيين والأزمنة الأخرى المتعاقبة إلى أن رممه المعماري الفرنسي “شارل ميسو Charles Misso” في بدايات ستينيات القرن المنصرم، لتطبع أقواسه ونقوشه على الأوراق المالية المغربية الأولى في عهد بطل التحرير مؤسس المغرب الحديث المغفور له محمد الخامس . محمد القنور عدسة: محمد أيت يحي