قبل أيام ، خلد العالم الحر ومعه أحرار العالم ، اليوم العالمي لحقوق الإنسان . أما في مغربنا ، فهذا اليوم لا يحتفي فيه الحقوقيون بهذا الإعلان العالمي الذي فصل على الأقل ونظريا بين دول الاستعباد ودول الحق والقانون ، بل هو يوم يُخلد في المغرب كلحظة احتجاج على نظام فاسد وأياديه طويلة حينما يتعلق الأمر بالمواطنين الأبرياء ، الذين يرفضون الركوع له والتسبيح بحمده ودراهمه و" فيرماته " . ولعل أبشع ملف " دردك " فيه مروجو "أفيون العهد الجديد " هو ملف ما يسمى ب " السلفية الجهادية " ، هذا الملف الذي سيظل وصمة عار على جبين النظام البشع وعلى الصامتين ومرتزقة " منزلة بين المنزلتين " ، أي أولئك الذين يتخذون من شعار" احنا معا الغلابة " رمزا تجاريا لهم ، يبيعون ويشترون في" ولاد الشعب " مقابل الفتات ، لتسمين أرصدتهم ومؤخراتهم ومؤخرات زوجاتهم ، ولا يعلمون أن الحقد عليهم وعلى ولي نعمتهم بلغ مبلغه في صدور المضطهدين والمعذبين في الأرض . لطالما طالعت التقارير التي تصدرها الجمعيات الحقوقية ، لكن التقرير الأخير الذي توصلنا به في " مرايا بريس" من " تنسيقية الحقيقة " ، والذي يهم معتقلي السلفية الجهادية.. سبب لي الغثيان ، بل شعرت بالتقزز من الانتماء إلى هذه البلاد التي يدوخنا حاكمها وبيادقه صباح مساء وفي كل الخطب العصماء وأينما حلوا وارتحلوا ، بخطابات منفوخة بهواء فاسد اسمه " ديمقراطية العهد الجديد " وعهد النماء والإنجازات الباهرة " ، أما حقيقته القاتلة فما هو إلا نظام فاشي بلباس فاتن ، يدفع الأغبياء للتلصص على " مفاتنه الخادعة " وتناسي الفاشية. الفاشية التي تتراقص وتتغنج كلما تحلق بضع مواطنين في وقفة احتجاجية للمطالبة بحقهم في العيش الكريم ، في بلد تحكمه عصابة تخصصها الوحيد هو إهدار كرامة المواطن ، الفاشية أيضا تتلوى في كل سجون النظام وتكشف عن وجهها البشع حينما يتعلق الأمر بمواطنين قيل أنهم من " السلفية الجهادية " هذه الفئة التي ظلمت ظلما شديدا بعد أحداث 16 ماي الإرهابية ، هذه الأحداث التي كان من المفترض أن نعرف نحن عامة الناس من دبرها بليل ومن خطط لها ومن مولها ومن حرك المغرر بهم عن بعد دون أن يعلموا أن هناك جهة ما تراقبهم عن بعد وتسهل لهم مأمورياتهم في تفجير أنفسهم وسط الأبرياء . وبعد ذلك يشنون حملة تطهير وتعذيب في وسط أبناء الشعب الأبرياء ، تلبية وطاعة وولاء " لأمهم أمريكا " ، بل هناك من الشباب من كان يحرص على أداء صلاة الفجر في المسجد ، فإذا بالإمام المخبر ومقدم الحي " يطرطقون " له تقريرا عن " ميولاته الإرهابية المتطرفة " ، السيد " خارج يصلي لفْجر.. ردوه إرهابي وباغي يقلب النظام " ، إن شعوري بالتقزز والاشمئزاز من هذا النظام المقرف ، يتعمق يوما بعد يوم ، فما الذي فعله " المصحف الكريم " حتى يتم إحراقه داخل السجون المغربية بكل تلك الوضاعة . ومع كل هذه الجرائم الحقيرة ، يجد المخزن" الوجه الصْحيح " لكي يفبرك وقفة احتجاجية ضد " لوجورنال المعدومة " بذريعة أنها أعادت نشر رسوم مسيئة للرسول الكريم " وشوفو قَلة العراض كيدايرا " ، يحرقون القرآن ويحتجون ضد رسوم كاريكاتيرية بئيسة .. لماذا كل هذا ؟؟ ، لأنهم حقارى ويستحقون إغراقهم بالبصق على" كْمامرهم " كل صباح ، حتى يستوعبوا أن إهانة الأديان مهما كان نوعها ، هو تصرف حيواني لا يمت للقيم الإنسانية والقوانين والأعراف كما هو متعارف عليها دوليا بصلة. ولكن في النهاية ، ماذا يحاربون ؟؟ إن الأصل في حربهم الدنيئة هذه ، هي الحرب على الديمقراطية.. الديمقراطية تضمن لأي كان أن يعبر ويجهر بأفكاره وآرائه ، شريطة ألا تحرض على الكراهية وعلى القتل ، لكن معظم معتقلي السلفية الجهادية هم معتقلون بسبب آرائهم وأفكارهم وليس على أساس ارتكابهم جرائم مادية يعاقب عليها القانون . إن معتقلي السلفية الجهادية يشكلون خطرا بالفعل ، ولكن ليس علينا كمواطنين كما يروج لذلك المخزن ، بل هم خطر محدق بالنظام ومرتزقته ، وفوق هذا وذاك مورس ولا يزال يمارس عليهم أبشع أنواع التعذيب والإهانة ، فلماذا يلتزم الملك الصمت المطبق حيال هذا الملف وهذا الوضع البئيس مادام هو على علم بتفاصيله المشمئزة ؟؟ هل هو من أمر به أم أن الصمت علامة الرضا كما يقولون ؟؟ . في إسبانيا كما في كل الدول التي تحترم نفسها ، حينما ارتكبت الجرائم الإرهابية التي أدينها شخصيا وبشدة ، وأشمئز منها كما أشمئز من هذا النظام الملعون ، اعتقلت هذه الدول المسؤولين عنها : المخططون والمنفذون والممولون ، وكانوا في أفضل الأحوال بين عشرة و عشرين معتقلا ، أما في بلدنا الذي يتغنى يوميا ب " الديمقراطية العلوية " وحقوق الإنسان ، فقد هاج وماج واختطف الآلاف المؤلفة ورماهم رمية الكلاب في سجونه المقززة ، بل وتمادى في ممارسة ساديته عليهم فقط لأن فلان أو علان يحمل ويؤمن بأفكار لا تخدم مصلحة نظامه ومصالح مرتزقته . الإيمان والتشبع بالأفكار يا صديقي ، لا تُنتزع بنتف اللحى من خدود الرجال ولا بتجريدهم من ملابسهم وتركهم عراة كما ولدتهم أمهاتهم في سجونك المقرفة ، وأيضا الأفكار لا تُنتزع بحرق المصاحف ، بل بالحوار ومقارعة الحجة بالحجة وبالإقناع وبالرأي والرأي الآخر . خذوا مثلا ، أنا كمواطن مغربي بسيط جدا ، يساري بعقلي وحقوقي بقلبي ، أختلف جذريا مع السلفيين في أفكارهم وأتفق معهم في شيء واحد ، هو أن هذا النظام هو نظام استبدادي وفاسد ، والفساد هنا يعني الرشوة والديكتاتورية والتسلط والزبونية وتشجيع اختلاس أموال الشعب " وزيد وزيد " . ولذلك ، هذا النظام "خاصو يتحش مَن الجْذر.. ويلا كان كيفهم راسو.. راه الله يرحم من زار وخفف.. ضركو عْلينا زلايفكم راحنا بغينا نعيشو عيشة البشر ما شي عيشة الكْلاب ديال الزبالة .. راه كْلابكم عايشين حْسن مَنا حْنا للي بشر " ، لقد أصبح بعض المواطنين يطالبون بالمساواة ولكن ليس معكم ، " حاشا ". بل المساواة فقط مع " كلابكم الشريفة " كلابكم التي تأكل أجمل وأغلى وألذ المأكولات ، ومواطنونا الذين يسدون رمقهم من المزابل أو يطحنون " مصارينهم بالخبز وآتاي " ، كلابكم التي تفطر وتتغذى باللحوم الممتازة ومواطنونا " للي مْحمقاهم رابعة ديال الدجاج لبيض " ، كلابكم التي نفختها البروتينات ومواطنونا النباتيون رغما عنهم أو" الخبزيون " الذي سحقهم الخبز والشاي و "خطبكم المخدرة " . إن ألذ أعداء النظام اليوم ، هم أولئك الذين يتعبدون بكراهيته سواء كانوا ماركسيين أو إسلاميين سلفيين ، النظام يكره ويخشى ويرتعد ممن يؤمن بالأفكار حد الإيمان العميق مهمها كانت مرجعيتها ، النظام يكره المعارضين الصادقين من كل الأطياف ، إسلامي كان أو ماركسي .. النظام يبيض كالدجاجة معارضين على المقاس.. بيادق تافهة توحي في التلفزيون والجرائدعلى أنها تعارضه ، بينما الحقارى يتبادلون معه قرع الكؤوس في الصالونات هنالك في ضواحي الرباط ، وفي " الأوطيلات والفيلات " المعلومة . النظام يربي معارضيه كما يربي " الكساب " نعاجه ، يربيهم ويسمنهم ويغسل أدمغتهم حتى يصبحوا " بهائم " في حظيرته ، يربيهم حتى يصبحوا مثل الحمير ، إذا قال ليهم " شا ..شا " ، وإذا صاح فيهم "أرا..أرا" ، المخزن يا ناس يعتقد أنه نجح في استعباد المغاربة ، لكنه مخطئ ، فكبرياؤنا وأنفتنا وعزة أنفسنا أكبر من أن يصادرها . صحيح ، نحن الزبالة ونحن الحضيض ونحن الطبقات المتعفنة ونحن الغوغاء ونحن البؤس، ونحن الطبقة التي لا تزور الحمام إلا مرة في الأسبوع ، أي " من الصيمانا للصيمانا " ، لكن أيضا نحن الذين نجوع ولا نمد أيادينا لا لصغيرهم ولا لكبيرهم ، نحن الذين نجوع ولا نتسولهم ، نحن الكرامة والعزة والشهامة والنبل وأب النبل والشرفاء فعلا وقولا ، ولسنا " شرفاء بالزور والبهتان " ، كما يفعلون هم ويصنعون لهم " شرفا مزيفا " ، لا علاقة لهم به لا من قريب ولا من بعيد ، وأعتقد أن الكل فهم قصدي . المخزن يعتقد أنه سيد ونحن العبيد " مْشرطين لحناك " ، ولكنه هو العبد البئيس لسيدته أمريكا ، فلماذا اعتقل أكثر من 5000 مواطن يزعم أنهم إرهابيين ؟؟ هل لأنه أراد حمايتنا من هؤلاء " القتلة " كما يزعم ؟؟ . أبدا ، بل فقط أراد حماية نظامه وأيضا طاعة وولاء لوليته وحارسة نظامه أمريكا . ليس إرهابيا في نظري من يؤمن فعليا بدين معين أيا كان هذا الدين ، ليس إرهابيا من يقوم لصلاة الفجر في المسجد ، وليس إرهابيا من يطلق لحيته ويلبس اللباس الأفغاني . الأصل في الأشياء الحرية ، ومن حق أي كان أن يعتنق الآراء والأفكار والأديان ، شريطة ألا يتسبب أو يحرض على قتل الأبرياء ، ليس إرهابيا من يعارض النظام السياسي للبلاد ويحلم بنظام بديل ، الإرهابي كما أعرفه هو ذاك الذي يحرض على قتل المواطنين وتفجير نفسه وسط سوق أو مسجد أو أي مكان حتى وإن تعلق الأمر ب " بار " أو دار دعارة ، وحتى هذا لا يجب تعذيبه والانتقام منه ، فبالأحرى ممارسة هذا التعذيب على خيرة شباب البلد في سجون المخزن الجبان . إن المخزن بساديته المقرفة تلك ، يبحث عن " جوا منجل " ، فهذه الانتهاكات التي تطال هذا النوع من المعتقلين ، ستكرس الحقد عليه أكثر فأكثر ، ومن المحتمل جدا أن يستنسخ النظام المغربي تجربة الجزائر الدامية ، وتصبح المواجهة من طرف السلفيين الحاقدين على المخزن مباشرة مع أجهزته الأمنية ، رغم أن بعض رجال الأمن هم في الأول والأخير مجرد " ولاد الشعب " ، رغم أن " شي وحدين فيهم يستاهلو القلي فالزيت البلدي " . أيها المخزن الرعديد " حُشْ مرتزقتك " عن الأبرياء في سجونك ، لقد أثخنت جراحهم والجراح العميقة كما تعلم لا تندمل ، ولك العبرة في ما مارسه سلفكم على يساريي السبعينات الحقيقيين الذين لازالوا يرفضون " ديك جوج دريال ديال هيئة الإنصاف والمصالحة ديالكم " ، وليس يساريو " البلاط الذيليون " ، الذين يلعبون أدوار الكومبارس للإساءة إلى اليساريين الشرفاء ، الذين رفضوا "عطاياكم لتلويث ماضيهم والارتداد عن أفكارهم التحررية " . اسمع يا أفظع نظام ، بع من شئت.. واشتر من شئت ، فهناك أحرار ، لا هم للبيع ولا هم للشراء.. ولدنا أحرارا وسنظل كذلك ، تستطيع شراء البشر وشراء الولاء وشراء الاحترام ..لكنك لا تستطيع شراء ذرة من احترام صادق .. إنك تشتري الجثث وتطير منك الأرواح .. إنها غالية عليك جدا ..لأنه لا ثمن لها..إنك تستطيع شراء الجثث ولكنك لا تستطيعشراء حتى " روح " دجاجة....فبالأحرى روح مواطن مغربي يحلم بزوالك . [email protected]