للمرأة الحق في الحياة .. وحق العمل .. وحق الاختيار في كل شؤونها ، ولها حق ممارسة الحياة السياسية والاجتماعية وغيرها ، لأنها تمثل النصف الآخر للمجتمع ، ولن ينهض هذا المجتمع وتقوم له قائمة إلا بمشاركتها. وعليه فإن هيمنة الرجل في مجتمع ما ، والقبض بيد من حديد على أفكار الناس وإقصاء المرأة ومحاربتها وعدم إعطائها الفرصة لإثبات جدارتها ومقدرتها ، وجعل الهيمنة في يد الرجل وحده بسبب التعصب الذكوري في مجتمع ذكوري ؛ جعل المجتمع مجتمعاً أعرج لا يقدر على أن يستمر على طريق العمل ، والنهوض به ، مجتمعا ينظر بعين واحدة، ويفكر من زاوية ضيقة . إذا كان هذا هو شأن مجتمعاتنا العربية فمتى ينهض يوما بنياننا ، ونشد أعمدتنا ، ونشق طريق التقدم ، ونرتقي بأمتنا . إن الأمة التي لا تعير اهتماماً لنسائها هي أمة تخجل من نفسها ، وتدفن مزاياها وتغطي على خطاياها ، لأنها لا تريد لتلك الفئة أن تشاركها وأن تساندها بأفكارها وما تمتلكه من مواهب وقدرات ، لأنها تشعر بشيء من الخجل والخوف من أن يكون لها قصب السبق والريادة والتقدم ، فتتكشف عورات الرجل ذو التفكير المحدود كما هو شأن المتأسلمين ، يريد أن يستبد برأيه وفكره دون مشاركة من أحد إلا من ينتمي إلى جنسه الذكوري . ولم يعلم أن الرجل والمرأة صنوان ، وكلُ يكمل الآخر ، وأن سفينة الحياة لا يمكن أن تمخر عباب البحر إلا بهما . إن مشاركة المرأة ينبغي إلا تكون من زاوية واحدة وإنما ينبغي أن تشمل شتى ميادين الحياة ، وأما النظرة التي ينظر إليها بعض الناس من أن المرأة تابعة للرجل ومشمولة بولايته ووصايته وانه لا حرية لها ولا استقلال فهي نظرة شيطانية مقيته . إن منع المرأة من المشاركة السياسية هو ظلم كبير للمرأة ، ووأد لحريتها ، وإسقاط لكرامتها ، فهل يعي المجتمع هذا الأمر ؟ لا يشك أحد في أن تقدم المرأة علمياً وسياسياً واجتماعياً وتنمية قدراتها سيساعد حتماً في وصولها إلى موقع اتخاذ القرار وتأجيل الديمقراطية الغائبة ، وبث الرخاء في المجتمع ، فهي أقدر بأن توصل رسالتها بكل دقة وأمانة . إن جميع المواثيق الدولية تؤكد على حق المرأة في اتخاذ القرار وصناعته . منها الإعلام العالمي لحقوق الإنسان 1948م ، اتفاقية العمل الدولية . ميثاق الأممالمتحدة عام 1945م ، وكذلك الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979م حيث ورد في الاتفاقية " تكفل للمرأة قدم المساواة مع الرجل بالحق في المشاركة في صياغة سياسة الحكومة وفي تنفيذ هذه السياسة ، وفي شغل الوظائف العامة ، وتأدية جميع المهام العامة على جميع المستويات الحكومية " . وعليه فإن إيماننا هو أن تقاسم العمل والمسؤوليات بين الجنسين مما يؤدي إلى النهوض بالمجتمع ورقيه ، وأنه لا بد من العمل على تحقيق المساواة وتكافؤ فرص العمل وإن كان هذا الأمر يعد – ربما – مهمة غير يسيره في دولنا العربية نظراً للعادات والتقاليد السائدة والراسخة فيه ، إلا أننا نستطيع كسر تلك الحواجز ، وتحطيم تلك القيود التي كبلت المرأة سنوات نتيجة الهيمنة غير المشروعة من قبل المتأسلمين والسلطة. وحينما نطرح هذا السؤال على أذهاننا ونقول : ما هي الآثار الإيجابية التي تعود على المجتمع من مشاركة المرأة في صنع القرار السياسي ؟ لا شك أن الآثار واضحة وبينة ، فإن مشاركتها يعني تقدير دورها وأنها قادرة على النهوض بالمجتمع ، وتأدية رسالتها السامية ، فالعين الواحدة ربما لا تبصر لضعفها ، فتاتي العين الأخرى لتقوي منها فترى الشيء واضحاً فهي عضد لها وسنداً ، كما أن مشاركتها ينعكس على الأسرة التي هي أساس المجتمع . ورغم الاعتراف الدستوري لحق المرأة في دولنا العربية إلا انه لا يزال دون طموح المرأة في دولنا ، وأنه لن تهب رياح التغيير مالم نقوم بتوسيع مشاركة المرأة في شتى ميادين الحياة . ولأن مشاركتها الفعلية لن تكون بمجرد وعود وأماني وخطابات ، بل لابد من التحرك الفعلي الجزئي ، وطلب المزيد قبل أن ينحسر دور المرأة . وحينما ننتقل إلى حقوق المرأة الأسرية فإن المقام بنا يطول ولكن نعرض له بشكل موجز . منها موضوع الحد الأدنى للسن عند عقد الزواج ينبغي مراعاة سن المرأة فلا تزوج وهي صغيرة كما فعل ببعض القوانين العربية ، ، وكما هو راسخ في بعض المجتمعات التي لا تريد أن تبارح فكرة أن صون البنت في زواجها في سن صغيرة . كما انه لا ينبغي لولي المرأة أن يتعسف في إبرام عقد الزواج ولا أن يمنعها من الشخص الذي تريد الزواج منه . فهي حرة في اختيار من تريد وهي من ستقرر حياتها وأسلوب عيشها . وكذلك حقها في الطلاق ، كما أن الرجل يملك حق الطلاق فإن للمرأة أن تطلب ذلك كلما رأت انحرافا في سلوك الزوج وخيانته ، ويجب أن يجاب الى طلبها كلما أرادت ذلك لا أن تؤخر وتأجل قضاياها وكأنها تنتظر صدقة أو منة من أحد ، فهذا حقها لا يجوز أن يجور فيه القضاء ، وأن يكون القاضي واعيا مدركا لنفسية المرأة لا الحكم بمجرد التشهي والتشفي ، فإن مثل هذه الأحكام ربما أضرت بالمرأة ، وحرمتها من حقوقها. إن غرضنا من ذلك المقال هو أن نبني حضارة عريقة ، حضارة صامدة ، ولن يأتى ذلك إلا بأن يتكاتف فيها الرجل مع المرأة ، ويسيرا جنبا إلى جنب من أجل أن ننهض بمجتمعنا ونصنع حضارة وتاريخاً ومجدا مؤثلا ً، لكي بعد ذلك يحترمنا العالم .