ها هي سنة 2009 تذهب نحو موتها بمسراتها وآلامها . سوف نستحضرها فقط كذكرى . ما لا ندركه تماما هو أن الزمن يسيل باستمرار نحو موتنا أيضا . تقاطرت أيامها وشهورها على ثيابنا كشمع أحمر . قضاها بعض إخواننا المناضلين في السجون , كما قضاها البعض في المستشفيات , هذا لا يعني أن بعضهم لم يطرب كثيرا في العلب الليلية وأنه لم يحقق ما كان يصبو إليه. لنجلس قليلا ونتأمل ما عبر من لحظاتها وما قدمته لنا الدولة من هدايا . لقد كانت سنة شبيهة بسابقاتها ولا شيء تبدل في العمق سوى الشعارات الرنانة والملونة . لقد صودرت الجرائد وحوكم المدونون الإيلكترونيون ,ماذا عسانا أن نتذكر من 2009 . كانت تجتاحنا أمال كثيرة في أن يزحف المغرب ولو قليلا نحو الأمام , أن يتقدم كما تتقدم حياتنا نحو نقطة ما . لكنه في قرارة الأشياء أننا ندور في حلقة مفرغة مثل ثور طاحونة . كنا نسمع طويلا مخططات كثيرة وأحلاما تدغدغ مشاعر المواطن المغربي وتعزيه بحلول 2010 , لكن لا شيئ من ذلك تحقق . لقد تكسر الأفق مثل زجاج . كنا نسمع عن تنظيم المغرب لمونديال 2010 , كنا نسمع عن مشروع 10 مليون سائح في غضون 2010 , كنا نسمع عن المخططات الإستعجالية , وأخرى عشرية وأخرى انتقالية , كلها تطمئننا وتضمد جراحنا بأماني حلول 2010 . ها 2010 تطرق أبوابنا ولا شيء من كل ذلك تحقق , أو على الأقل يبعث بمؤشرات عن إمكانية تحققه . كل ما هنالك هو نكسة خلف أخرى . سوف نعبر بين عروق 2010 ونحن نردد نفس الكلمات , كما سوف يعبرها المعطلون في إضراباتهم أمام مقر البرلمان والمؤسسات الحكومية , كما سوف تتحدث الجرائد عن انتهاكات حقوق الإنسان التي لا تنتهي , وسوف يدخل صحافيون ومثقفون آخرون السجون. كل ما يلوح بمنديله نحو التغيير , ربما سوف يكون استبدال الدولة لمشاريع 2010 بمشاريع وتطمينات 2020 ليست الدولة وحدها من حمل شعارات 2010 بل ثمة منظمات وأحزاب وأشخاص أيضا من غرتهم انتقال أرقام السنوات كما يحدث مع عرافي الأرقام تماما , رئيس إحدى الجماعات الإسلامية غره أيضا رقم 2010 وأدهشه حتى أنه تنبأ بقومة 2010 التي لم تحدث إلا في دماغه مثل حكومات وأوهام حكومات ومسؤولي المغرب. لسنا متشائمين إلى هذا الحد , ولكننا في نفس الوقت لا ننتظر من سانتا كلوز او بابا نويل او مهما كان الإسم أن يأتي من السماء ويتسلق جدران منازلنا ليحل مشاكلنا لأن رقم سنة ما تبدل . علينا أن نعمل بجد من أجل كل ثانية ولحظة , وليس فقط وعودا وأماني. لن يأتي حتما بابا نويل محملا بالحلول السحرية لمئات مشاكل المغرب التي يتخبط فيه ويلقيها في قبعة الوزير الأول أو المؤسسة الملكية . تلك التطمينات البعيدة التي اتكأت على 2010 سوف تنهار مع بدايتها . لقد اعتدنا في المغرب على كلمة سوف , اعتدنا على الوعود فقط . أما العمل فلا مكان له. ربما سوف تطالعنا الدولة كما فعلت سابقا بمخططات من اجل عشر سنوات مستقبلية أخرى , لكنني شخصيا أصابني التعب والملل وأريد أفعالا لا أقوالا . كفانا من كلمات ترسلنا نحو المستقبل الذي لن ياتي , كفانا من البرامج الفارغة التي لا ركائز قارة لها . نريد مواقف واضحة , وقبل ذلك نريد برامج ونتائج ملموسة. كلنا قادرون على الكلام , لكن الفعل أصعب . وإن كان المسؤولون عاجزين عن التغيير فليكفوا على الأقل عنا ألسنتهم. إنها 2010 الحكم بيننا وبينهم , ما قالوه وما قلناه , ما خططوا له وما نبهناهم إليه . يؤسفني حقا موت 2010 والأسى يغطينا كأمواج بحر هادرة , طبعا لن نفقد الثقة في 2010 ولن نفقد الثقة في نضالنا , وسنواصل صراخنا عاليا مهما اختلفت أرقام السنوات ومهما طالت حبال أكاذيبهم. إننا لسنا متشائمين , ودليلي أنني سأدعو قبل دخول سنة 2010 أن يأتي بابا نويل للحكومة المغربية ومسؤوليها بعقل وقلب مع هداياه . وآمل صادقا أن يحدث ذلك.