تضرعت لوهم يعري الروح ... ويدثرها بالغرق حجر يبارك الرجم ... لملائكة نفس تبحث عن نفسها في هاوية جثة كتبتها الحمى ... شرارةٌ تكسر اختناق الصرخة في خرس الحنجرة....يدفن وجه الأرض . كنت ولا زلت أعتبر الشعر فضيلة تتغنى بالقيم الروحية المطلقة , ومن لا يحرك الشعور الإلهي في الإنسان , ولا يدفع بالفكر إلى أعماق الخبايا النفسية شعراً , فليتخلى عن عادة الفكر والتأمل ويتسلى بشيء آخر , فلا يزعج نفسه ولا يزعج الآخرين . فإذا كان الشعر فكراً وتجربة إنسانية حميمة , فأنني اعتقد بإلحاح يولد لدي رغبة عاتية في الاستغراق في الشاعرة أفين لإيماني إن قصائدها تكتنز قيم روحية تستحق الوقوف عليها والتمعن في جوهرها , حتى نستكشف ما بها من مثُل إنسانية سامية تدعوا بنات جنسها إلى اليقظة . ثمة مغني قد يصدح بأغنية تشد سمعك شعرا ولحنا وأداء , ثم يتحفك بأغاني مسكوبة من كلمة صوانية , ولحنا زلزالي وصوت انفجاري , تجعلك تهرب حتى من وحيدته البديعة , ولكن أفين كماء الثلج كلما ذابت كلما ازداد خرير الجدول ألحانا : من أنا من أنت...أبهام ميراث من التعب و طرفا راية بلا أجراس ... حريق بحر يكتسي بالنار بيني وبيني.. أنت ... وجع يبحث عن اللؤلؤ في سماء يتيمة العيون............................... عند قراءتي لقصائدها حاولت اختيار شذرات منها , ولكنني فشلت لان كل قصيدة أجمل من الأخرى , مثل حبات اللؤلؤ صغيرة وكبيرة لكنها متناسقة محبوكة بدقة متناهية , فالشاعرة دون تكلف منسقةماهرة في تكوين ألوان ومنمنماتحلة لقصائدها , لتكسب تمايزا عن هؤلاء البقية , ليكون وليدها الأول مشرقا بالحياة مثل أخوته وأخواته من مواليد الشعر فالجميع خرجوا من رحم واحد هو التألق : يا من .. نفض العراء...عن جروحي المتيبسة ، ونثر النجوم في جسد... يتواطىء مع السكينة ليحظى بفضة الروح ...حين فتح عتمتي الأولى، لأشك بأني حبيبه....................................... حين تمس المسافة شغاف الذكرى, حين يستيقظ وجع الأسى في زوايا قلب مقيم في وهم فردوس المنافي , حين تزحف كائنات زمنا قتيل , تركته خلفك مرغما في مسكن أسير, حين تأتيك الدنيا برونقها في ليلة بلا هوية في شجن مجهول يلح عليك أن تخرج من سهادك وتعانق الأسى في ذروة فرح مخادع : من أي سماء هطلت ... بحق ألهة الشعر بشياطينه بحق ثرى الروح ... المتشظية بك لأي عمر رحلت ... تاركاً سكاكين الوقيعة تلوك الأخضر مني قبل اليابس ............................ حين كل ذلك وغيره , تكون قد اقترفت ذنب الشعر دون أن تدري , حالة لا تراود غير رقائق الروح , أو تأبى الجريان إلا في نبضات حس ملائكي , يحصي معاناة ماضية لأناس أكلتهم أدوات الخطيئة تاريخ الم , حالة انتابت على حين غرة الشاعرة أڤين إبراهيم : لم أعتنق الشعر لأعتزله ,هو الذي ابتدأ بي , و هو ينهيني متى شاء أحتاج حضن السكينة في ليل يضج بي , في حضرة الشعر يتنفس العشق فإذا أخصب الروحلا يليق بنا إلا صمت الشعر ... حيث فعل بها المكان فعله وحين أرادت الصراخ خجلت من كبريائها , فأخذت تكتب الشذى شعرا خلاصة لنجوى أميرة كردية تنام على حلم ناعم مطعم بقوس قزح أماني فرهاد وشيرين , من ثريا الروح : تراهن عليك ... بفيض المجاز ومتارف الوهم فلا تبدد المعصية بالثواب ... حذاري أن تكون حطباً لنار شِعرها ...وإلا أطفأتك بجمر الحب ........................... حين تتلمس جسد قصائدها , فأنت تصافح خيبات وانتصارات أميرات و أمراءالعشق الكردي في ومضة سحرية تأخذك في عين الوقت إلى أماكن شتى , لتجد نفسك طفلا يتأرجح في أرجوحة قصائدها بين الماضي والحاضر متحفزا للقفز إلى مستقبل ينقذك من الماضي بجراحه والحاضر بمرارته إلى فضاء افتراضي توحي لكأڤين انه جميل أكثر مما تتوقع : أي وهمٍ هذا الذي يشدها إليك...أي فراغ يملأها بك تطلق جذور الذاكرة ...لتمتص ملامحك من جديد خمسة عشر عاماً...تعايش الهذيان بحثاً ... عن رحابة الجدران ... الأمل كذبة ممسوسة ... تلعق صلصال السنين الغابرة ...تمارس الحب فوق قمرٍ ... يبكي فرحة اللقاء ........................................................... وهذه هي وظيفة الشعر , أن يشعل أوجاعك حيث تريد لها الخفوت , أن يشبعك سرورا حين تحتل الكآبة تضاريس كيانك , أن يدفعك إلى السؤال الذي تتعمد نسيانه , لماذا أنا موجود , أشعار أڤين ومضات وجدانية مرهفة تهذب الخلائق التي توحشت في ذواتنا كي تعيد لنا آدميتنا الضائعة لا بل المسلوبة , هي الأنثى حين تمتلك عصا النبوة تبدع : يكره وطنا حرمه أمه !! شبح طفل تعذبه الكلمة...غصة من زمن البعد الآخر أنطقها اليوم... يلامس يدها المتشققة شعرهُ الأبيض... ينفجر البكاء يعزز الوشم الداكن... سؤال آخر أحمق يخيم صمت الجواب... أحبك أمي... أشكرك وطني................... و ما يثير الدهشة إنها عرفت الغربة , منفية عن اللغة العربية منذ قرابة ربع قرن , وحين ألح عليها شيطان الشعر قالت : لا تذبحني بتورطكَ برجولة همجية ... امرأة أنا تحتاج الروح مهما حاول الليل تغطيتك ... ليت حبل أنوثتي السري لم يُعلق بأسطورة أدميتك...كُتب علي أن أخرجك من جنان الفردوس كفاك قتلي بذنب ضبابٍ مفترض ...أسقط بقربي لألتقطك أنفاساً .................... لقد عرفت كيف تفجر بركانها اللغوي الذي خمد بفعل البعاد , لتخوض تجربة لا تقل مكانة عن بقية الشعراء والشاعرات الذين بقوا في تواصل مع لغتهم , هذا إن لم نقل أنها في اغترابها اللغوي تقترب منا أكثر من أولئك الذين يكتنزون ذخائر اللغة دون أن يعرفوا طريقا إلى صياغتها عقدا فريدا في عنق قصيدة , فالشعر لمسة , ولمسات أڤين ارق من همسات الحبيبة في لحظة صفاء , وهذا يدل على أن ذائقة الشعر لا تأتي من هويته أو جنسه إن كان قديما أو حديثا , بل من جماليته , فالقصيدة الجميلة تكون جميلة سواء كانت مقفاة أو حرة , فالحسناء حسناء في ذاتها وليس في الرداء الذي تلبسه : هناك في وطني... الناموس يتفجر ...كبتٌ عاجزٌ... في جسد امرأة ماتت منذ الأزل ... هناك في وطني... فرحة العيد ... تتألم السحابُ يترجل ... الضبابُ يتسولُ والحرية تتأجل ...تتأجل ... تنسى الإبتسامات خطواتها ... تفقد الحياة خصوصيتها ... أم الشهيد تسلب فرحتها ........................ لعلي لن أبالغ في هذه المقالة , في تثمين شعر أفين وما رأيت فيه من معانيأدبية وجمالية , ولم أحط من قيمةنتاجات الشعراء الآخرين , بل هو حاسة الشعر دفعتني إلى هذه السطورالمقتضبة, لأنني لم أحظى إلاببضعة شعراء أجادوا في محاولاتهم الشعرية , وأسهموا في الارتقاء بالقصيدة , قيم روحانية , وتجارب غنية دخلت مكتبة الشعر العالمي , فصاروا أندادا لشعراء الغرب والشرق . وكلنا أمل أن تحافظ شاعرتنا على دفق القيم الروحية والإنسانية في قصائدها , والنزعة الصوفية الأليفة المحببة إلى كل قلب : أقبضتي إليك حفنة... تضاف شوكة لأولوهيتك النرجسية ثم اصطفيني ملكة العاج... لا تطرق إلا بالعاج " لفقراء الروح هوس ... بخلاء النون المؤنسة ليتك كتبتني قصيدة أعتزال .... سكبتني ماء ورد في قطرات ندى علو جبال شعرك ... لتنتشي ثملاً بجسد دفنتهُ شهوات أدميتك أيها الخاسر في مواطن عشقي ... أجبني يا استفهام علامتي أم إنك سؤال عاجز يعتكف ... شيب الزمان ؟! [email protected] mailto:[email protected]