أعلن مساء أمس الأحد عن وفاة ، عبد العزيز مزيان بلفقيه، مستشار الملك محمد السادس ، بمستشفى الشيخ زايد بالرباط. وستجري مراسيم تشييع جنازة الفقيد، بمسقط رأسه بمدينة تاوريرت، يوم غد الثلاثاء بعد صلاة الظهر. و المستشار الملكي الملقب ب " صانع النخب " ، كان قد عانى من مرض عضال تطلب نقله مرات عديدة إلى فرنسا من أجل العلاج ، وكان آخر سفر لبلفقيه إلى فرنسا قبل ستة أشهر عندما رقد بأحد المستشفيات بباريس ، ليعود مجددا للمغرب ويستأنف أنشطته العادية . يشار إلى أن المستشار الملكي عبد العزيز مزيان بلفقيه ، ولد بتاوريرت سنة 1944 ، وحصل على دبلوم المدرسة الوطنية للقناطر والطرق بباريس ، وقبل أن يتم تعيينه مستشارا للملك الحسن الثاني في أبريل 1998 شغل منصب وزارة الفلاحة والإصلاح الزراعي 1992 – 1993 ومنصب وزير الأشغال العمومية 1995 . فأغلب تحليلات المعلقين السياسيين المغاربة ، ترى أن المغرب يسير من قبل حكومة الظل التي تصدر القرارات الاستراتيجية الخاصة بالمغرب من داخل القصر الملكي ، ويعتبر عبد العزيز مزيان بلفقيه أحد صقور حكومة الظل هذه ، إلى جانب كل من أندريه أزولاي وزليخة ناصري وآخرون ، مما يعني أن أي فشل في سياسات الدولة المغربية يرجع إلى حكومة الظل هذه ، والتي تعمل خارج المنطق الذي تفرضه صناديق الاقتراع عقب كل انتخابات برلمانية ، وحكومة الظل هي التي تحدد الأحزاب المرضي عنها والمغضوب عليها ، وهي الوسيط الرئيسي بين المعارضة الجذرية للنظام الملكي بالمغرب والسلطات الحاكمة ، لذلك لا نستغرب أن تأتي تصريحات من قبل بعض قياديي حكومة الواجهة والذين يشكون من عدم تحكم الوزير الأول عباس الفاسي في بعض الإدارات التي تقع تحت وصايته . وبالإضافة إلى منصب مستشار الملك ، يشغل عبد العزيز مزيان بلفقيه ، رحمه الله ، رئيس المجلس الأعلى للتعليم ، وإليه ترجع القرارات الاستراتيجية التي تقرر بالبلاد فيما يخص منظومة التربية والتعليم ، وكان لافتا أن اعترف مجلس بلفقيه بفشل منظومة التربية والتعليم بالبلاد ، فلا زالت الشواهد العليا المحصل عليها في الجامعات المغربية بعيدة عن سوق الشغل ، ولا زال آلاف الخريجين يعانون البطالة وقلة الحيلة ، أما مستوى التلميذ المغربي فإنه يتراجع كل سنة بفعل ضعف القيمة المعرفية للمقررات وغياب تكوين محترف للمربين ، حيث أصبح أغلب تلاميذ المغرب لا يحسنون الأبجدية ، فضلا عن مشكل اللغة الفرنسية التي تسيطر على دواليب الإدارة المغربية حيث يحصل التلاميذ الذين تكونوا في المدارس الفرانكفونية على الوظائف ، بينما يبحث خريجي المدارس العمومية عن شغل بعيد عن موضوع تخرجه . قضايا كثيرة حول اللعبة السياسية المغربية ومنظومة التعليم بالبلاد ستكون في الأرشيف السري للمستشار الملكي عبد العزيز مزيان بلفقيه ، فهل سيتمكن المؤرخون المغاربة الثقاة من الحصول على هذا الأرشيف كي نضع الأصبع على الجرح ؟ أتمنى ذلك .