قرأت حديث الأمازيغي أحمد الدغرني – زعيم الحزب الديموقراطي الأمازيغي المغربي -عن ضرورة تحالف الأمازيغية مع اليهود ، و أن الأمازيغية لن تنتصر أبدا بدون مساعدة اليهود ، بل و ذهب إلى ضرورة تحالف الأمازيغ مع العجم جميعا و ليس اليهود وحدهم . و هذا الحديث يدفعني إلى إلقاء نظرة عن القضية الأمازيغية و تداعياتها و مواقف المدافعين عنها باختلاف توجهاتهم و مشاربهم ، نظرة لا أدعي أنها تشفي الغليل من قضية جد متشابكة و معقدة و لا يتسع المجال في هذا المقال لإحاطتها من كل جوانبها ، و لكن على الأقل تضع الأصبع على مفاتيح القضية ليتسنى للبعض فهم أبعادها و دلالاتها و أهداف المدافعين عنها . ملاحظة أراها ضرورية : جل المنتصرين للقضية الأمازيغية انحرفوا عن المسار الصحيح للدفاع عن القضية إلى متاهات أضرت بالقضية أكثر مما خدمتها و معظم هؤلاء المدافعين لا يعدو أن يكون أحد شخصين : - شخص ينحرف بالقضية عن وعي تام لخدمة مآربه الشخصية المرتبطة بمصالح خارجية و لا أظن تصريح القائد الأمازيغي الدغرني الذي يتشبث بإسرائيل لنصرة القضية الأمازيغية . أو إن صح التعبير فإسرائيل من تتشبث به لصنع قدم شعبية لها راسخة قصد بلوغ التطبيع الشعبي الذي تسعى له منذ زمن بعيد بعد أن تمكنت من التطبيع على المستوى الرسمي . - شخص ينتصر للقضية تعصبا و جهلا من باب جعلها معادية للعروبة و نقيض لها لاعتبارات تاريخية سنأتي على ذكرها . إن ما أبديناه في هذه الملاحظة لا يجعلنا ننكر جهود العديد من الأمازيغيين الذين يدافعون عن القضية بحق من باب الهوية الثقافية و التنمية الاقتصادية لمناطق الأمازيغ و هو حق مشروع كلنا معه . 1 / الأمازيغية ...و الهوية : إن الأمازيغية كهوية تبقى راسخة لفئة عريضة من المغاربة عليهم أن يعتزوا بها و بثراتها الشفوي و المكتوب و من واجب الدولة الاعتناء بهذه الثقافة و تدريسها و التعريف بها باعتبارها إرثا حضاريا للبلد و لكن المعيب عند بعض المناضلين هو جعل العروبة و اللغة العربية نقيضا للأمازيغية و عدوا لها و هذا خطأ جسيم لأن الأمازيغية و العربية في المغرب يتكاملان لصنع منتوج ثقافي و حضاري متنوع و متكامل . 2 / الأمازيغية ... و الإسلام إن الأمازيغ عبر تاريخهم و منذ أن وصل الإسلام إلى المغرب قد اعتنقوه عن محبة و إيمان خالص و قد كان منهم أبطال أفذاذ حموا بيضة الإسلام و دافعوا عنه و نشروه شرق البلاد و غربها أمثال القائد العظيم طارق بن زياد و يوسف ابن تاشفين و غيرهم بل و خرجت الرحم الأمازيغية علماء مخلصين مجاهدين وما المختار السوسي منا ببعيد . لقد استوعب الإسلام عبر تاريخه هويات متعددة من غير العرب سواء في المغرب أو في دول أخرى . وإن من يدعو الأمازيغ اليوم إلى التنصل من إسلامهم و الارتماء في أحضان اليهودية أو الادينية إنما يصب الرمل في الماء لأن العمق الإسلامي في نفوس الأمازيغ جد قوي و لا تزحزحه رياح النعرات . قد ينبعث كره بعض الأمازيغللعرب – المغربين منهم أو المأجورين – من إرث تاريخي مفاده أن العرب استولوا على مملكتهم و ساموهم سوء العذاب و التهميش و الإقصاء . و هنا الخطأ الجسيم المتمثل في ربط سلوك الحكام العرب و المسلمين عبر التاريخ بالعربية و الإسلام بل إن ما فعله هؤلاء الحكام ببني جلدتهم من العرب لا يقل شأنا مما عاناه الأمازيغ . إننا اليوم بحاجة إلى من يدعو إلى توحيد الجهود و لم الشمل بين الإخوة العرب و الأمازيغ على رايه دين واحد و هو الإسلام مع احترام دين الأقليات اليهود و معاملتهم المعاملة الحسنة . إن الاحتماء باليهود الصهاينة في اسرائيل دعوة مسمومة هدفها تفكيك بنية الشعب المغربي المجمع على رفض التطبيع مع الكيان الإرهابي الغاصب ، و هي دعوة لن تلقى لها نصيرا لا ضمن العرب و لا الأمازيغ أنفسهم .