• ( ما بين الغفوة والصحوة تراءى لها عمق الهاوية قرب قدميها فتملكتها الرغبة في البقاء ) !! • انطلقت تبحث في الأزقة عن الجذور ، لتغرسها في الطين ، تسقيها لتورق ، وليختفي شعورها الدائم أنها امرأة بلا جذور!! • طافت بالحدائق تبحث عن مقعدين من (خشب)، تسأل العابر عنهما ؟ ، يقول وهو يشملها بنظرة وابتسامة ذات مغزى : (كان ذلك منذ زمن !!) ، ثم يهز كتفيه مخمنا : ( لعلهما صارا وقودا للهب ) ، فتنظر بعداء إلى المقاعد المصنوعة من (حجر) ! • تطرق بأصابع ملحة أحد الأبواب : ينفتح ، يطل وجه ( الغريب ) بديلا عن الوجه (الأسمر )، ترميه بنظرة استغراب ثم عداء ، تنحيه ، تدخل مهرولة إلى العمق ، تستنشق الهواء بارتياح ، تبتسم : ( هنا احتضن خصرها بيديه ، وهنا تمرغا على الأرض ، وصوته الضاحك يكحل المكان : ( اللي يشوفني هناك مخنوق بالكرافتة ومنشي ، ما يجيش في خياله خالي وأنا كده !! ، يتضاحكان في لحظة مسروقة من هذا الزمان)!! • يعلو صوت ( الغريب ) محتدا ، تنتبه ، تسأله فيخبرها : أن ذلك المكان كان يؤجر مفروشا (للأسر ) ، ثم يردف بعد وقفة في الكلام : (وغير الأسر ) ، ويشيعها بنظرة استهزاء ، يسألها في تهكم : فعن أيهما تبحثين ؟!!! • تهرول ، تجوب الشوارع كلاجئة ، تدور بعينيها ، تلعن من بدلوا ديكورات الأماكن ! ، • تميد الأرض تحت قدميها وتنشق فنبلع ، تبلع ريقها غير مصدقة ، تتحسس بيديها الجدران ، تتفقد بحواسها الأشياء : (عدة التليفون ؟ ، خرساء !!، شروخ المرآة ؟ ، وردة بلاستيك صفراء ؟ ، وعود منزوع الأوتار !! )، تتساءل في وجل : كيف دخلنا إلى هنا ؟ كيف دخلنا إلى هنا أنا وتلك الأشياء ؟!!، أتراني حالمة ، أم تراني قد أسلمت الروح وهذا هو المصير ؟ أم تراني ، أم تراني ؟!! • لم يظهر بعد في الأفق دليل ، أغمضت عيناها ، وفى لحظة من لحظات( البقاء ) القليلة ، يأتيها وجهه ( الأسمر ) فتسرع بغلق أهدابها عليه ، يخبرها أن الحور الذي بعينيها يزيد هما جمالا ، تبتسم ، ويبتسم ، تسأله : إلى متى ؟ ، يجيب وعينيه تبتعدان :( تكفيني لحظة ) ، تحدثه عن خوفها من الأشياء (المؤقتة) ، وتوقها المجنون لاحتضان (الجذور )، يحدثها عن الملل ورتابة الأشياء ومقته لتلك الأمور !! • تدرك ( ابتعاد المسافات ) ، يلمح بعينيها القلق ، يربت على شعرها مواسيا : أن القلق يصنع الإنسان ، تهز رأسها دون اقتناع ، تعود إلى قصاصات الورق ، خاملة الأسرار ، تجد أن يدا عابثة مزقت أوصالها ونثرتها في الهواء!! • شاهدها القوم تجري في كل الاتجاهات ، يلتف حول رقبتها سلك تليفون تتدلى منه سماعة سوداء ، وتضع بشعرها وردة بلاستيك صفراء ، وتطبق ييسراها على عود جدلت أوتاره من شعرها الطويل ، تدندن بين الحين والحين بمقطع : ( مازال في العود اخضرار ) ، تنحني حينا وتنتصب حينا ، تلملم من الأرض والهواء أجزاء صغيرة ، صغيرة ، متناثرة !! كاتبة مصرية [email protected] mailto:[email protected]