أكد عدد من المشاركين في المنتدى الثاني للعاصمة، مساء أمس الخميس، على ضرورة اعتماد حكامة تنموية فعالة وناجعة، وتمكين المنتخبين المحليين من الاضطلاع بأدوار أساسية بهدف تقليص الفوارق الاجتماعية والحضرية داخل مدينة الرباط . وفي هذا الإطار، قال السيد كعيوة، مفتش جهوي بوزارة الإسكان، خلال هذا اللقاء الذي يندرج في إطار منتديات الرباط التي تنظم بشراكة مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والمنتدى الحضري، تحت شعار "كيف نجعل من الرباط مدينة مندمجة"، إن التقليص من الفوارق الاجتماعية رهين بإرساء حكامة جيدة ومقاربات تنموية مندمجة . وأشار إلى أنه يتعين إعطاء فرصة لكل مكونات المجتمع للاستفادة من عائدات التنمية والمساهمة فيها، وذلك عبر اعتماد تخطيط استراتيجي يوطد تنمية حضرية متقدمة. واعتبر أنه رغم أن الرباط شهدت تطورا تنمويا على مستوى إطلاق عدد من الأوراش الكبرى، فإن الهوة الاقتصادية والاجتماعية قد تعمقت في عدد من أحيائها، خصوصا الصفيحية، مؤكدا على ضرورة اعتماد مقاربة جريئة ومسؤولة لمعالجة إشكالية السكن غير اللائق، تنطلق من معرفة دقيقة بالمكونات الاجتماعية للساكنة المعنية، والعمل على انخراط مختلف الفاعلين في هذا المجال، وخصوصا المنتخبين. وأوضح السيد كعيوة أن جهة الرباط- سلا- زمور- زعير تأوي حوالي 58 ألف أسرة ما تزال تعيش في سكن غير لائق، 18 في المائة منها تقطن بالرباط أي حوالي 10 آلاف أسرة، مستعرضا المعيقات والإكراهات التي تعيق المخططات الهادفة إلى القضاء على السكن غير اللائق، والمتمثلة أساسا في ندرة العقار. ومن جهته، أوضح الباحث المكي زواوي أنه رغم السياسات والتدابير الاجتماعية الوطنية والمحلية التي تم تنفيذها في العاصمة، يبدو واضحا بأن التقليص من الفوارق الاجتماعية في الرباط يمر قبل كل شيء عبر إعادة تأهيل الأحياء التي ينتشر فيها السكن غير اللائق، بداية بالقضاء على دور الصفيح. وأضاف أنه بالرغم من الجهود المحمودة التي تم القيام بها في تراب المدينة، فإن 6 آلاف أسرة من ساكني الأحياء الصفيحية ما تزال تعاني من غياب آية آفاق لتحسين ظروف سكنها نظرا لعدم وجود برامج لإعادة الإسكان. وأوضح أنه رغم أن ساكنة الرباط تعطي في مجملها الانطباع بأن ظروفها أفضل من غيرها من سكان المدن الأخرى، فإنها تعرف فوارق هامة، حيث نسب الفقر على سبيل المثال أعلى مرتين في يعقوب المنصور (16ر3 في المائة) منها في أكدال الرياض (4ر1 في المائة). كما أن الساكنة المحرومة لا تنحصر في القاطنين في جيوب الفقر وحدها، ولكنها توجد في كل الأحياء والمناطق العتيقة، وهي فئة تقدر ب17 في المائة من مجموع سكان الرباط، أي ما يفوق 100 ألف نسمة. وأضاف السيد زواوي أن هذه الأحياء والمناطق العتيقة تواجه العديد من الصعوبات المتمثلة في كثافة سكانية مرتفعة وهشاشة الشغل والتهميش ونقص في التجهيز وغياب الخدمات الاجتماعية الأساسية ومشكل الأمن. وأشار إلى أنه بهدف التقليص من الفوارق الاجتماعية في العاصمة، "يتعين اعتماد سياسة المزج بين الفئات الاجتماعية داخل مخططات التهيئة الجديدة"، مضيفا أنه "سيكون بإمكان مجلس المدينة بتشاور مع الوكالة الحضرية للرباط وسلا في إطار السياسة الحضرية المعتمدة، أن يقرر درجة المزج الاجتماعي حسب قدرته في تخصيص الأراضي الخاصة لذلك ضمن مخطط التهيئة". ومن جانبه، أكد رضى بنخلدون نائب رئيس مجلس الرباط، على ضرورة منح المنتخبين أدوارا أكبر في مجال التنمية، مما يتعين معه مراجعة بعض بنود الميثاق الجماعي للنهوض بأوضاع المدينة، موضحا أنه من أجل التقليص من الفوارق الاجتماعية يتعين العمل على توزيع عادل للثروات، واعتماد سياسة عمومية تراعي هذه الفوارق، إضافة إلى اعتماد برامج حكومية ناجعة على المستوى الاجتماعي. يذكر أن منتديات العاصمة كانت قد افتتحت الشهر المنصرم بتنظيم المنتدى الأول حول موضوع "أية سياسة للمدينة تستجيب لانتظارات وتطلعات الشباب" . وتروم هذه المنتديات خلق إطار للتبادل والتشاور مع ساكنة المدينة من أجل تحقيق حكامة محلية جيدة، تشرك المواطنين في تدبير مدينتهم على كل المستويات وفي كل الميادين، كما أنها تشكل فرصة لإشراك ومساهمة كل الفاعلين المحليين من منتخبين ومصالح خارجية ومجتمع مدني وخواص ووسائل إعلام.