صدر العدد ال 35 من مجلة "الثقافة المغربية" التي تصدرها وزارة الثقافة، في شكل جديد لتواصل حضورها في المشهد الثقافي المغربي وإلى تعميق التواصل الثقافي بين الكتاب والمبدعين المغاربة، في أفق أن تكون سجلا حيا لمختلف تجليات وحساسيات الكتابة والإبداع في الثقافة المغربية. وخصصت محور العدد للمفكر الراحل محمد عابد الجابري الذي فقده الفكر الإنساني السنة الماضية وهو يضم "محاولات بحثية تروم تقديم جهوده في قراءة التراث، وجهوده في العمل الثقافي المتنور في فكرنا المعاصر"، إلى جانب المقالات والأبحاث المتنوعة كما ضم العدد مجموعة من الإبداعات في الشعر والقصة. وكتب مدير التحرير كمال عبد اللطيف في افتتاحية العدد "عندما نواصل اليوم إصدار مجلة الثقافة المغربية في شكل جديد، فإننا ننطلق أولا وقبل كل شيء من المبدأ الذي يسلم بالدور المركزي الذي يمكن أن تمارسه الثقافة في تطوير وتنمية مجتمعنا فنحن لا نؤمن بمجانية الثقافة، كما لا نؤمن بتعاليها عن إشكالات الواقع وقضاياه، بل إننا نرى في المنتوج الثقافي وسيلة من وسائل توسيع فهم ذاته وفهم العالم". وتحرص المجلة حسب الافتتاحية، على "تجسيد التنوع الثقافي، الذي يعد عنصر قوة في حياتنا الثقافية وضمن هذا الإطار، تجتهد المجلة لتقديم صورة من مختلف التفاعلات والمخاضات الجارية في محيطنا الاجتماعي. مع الحرص على الاحتفاء بالإبداع بمختلف تجلياته في إنتاجنا الرمزي والجمالي". وبخصوص ملف العدد، قالت المجلة إنها خصصته لفقيد الثقافة المغربية وصاحب أطروحة نقد العقل العربي الراحل محمد عابد الجابري، تقديرا لجهوده الفكرية المتميزة الصانعة لكثير من مظاهر قوة الثقافة المغربية والفكر العربي المعاصر. ويستوعب الملف جملة من المقالات التي تتوخى تقديم جوانب من منجزه الفكري من أجل مزيد من توسيع دائرة العقلانية والتنوير في فكرنا المغربي. وفي باب دراسات يتناول الناقد، العربي وافي "مهام الفلسفة، والابستيمولوجيا، والتربية في مجتمع المعرفة" انطلاقا من أن الفكر الإشكالي هو المفتاح المنشود الذي يفتح أمام التربية بوابة مجتمع المعرفة، أما الناقد أحمد بلحاج آيت وارهام فيستقرأ البنيات الأسلوبية ودلالاتها في شعر عبدالرفيع الجواهري الشاعر الذي يمزج بين الغناء والحكي وهو ما يجعله من صنيع الشعراء الكبار. في حين يكتب الناقد خالد بلقاسم عن "الانفصال وهدم المعنى في كتابة عبد السلام بنعبد العالي" ، الانفصال بوصفه شكلا للوجود وآلية للتأويل وشكلا للكتابة والتي لا تنفصل عن آلية التأويل الموجهة باستراتيجية الانفصال. ويختتم الشاعر والناقد عبد الدين حمروش باب دراسات ب"المحيط والمركز: في علاقة المغرب بالمشرق ثقافيا"، داعيا إلى بناء استراتيجية ثقافية مغربية لأهميتها في ترتيب التوازنات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية دون الخوف على الشخصية المغربية، نظرا لما تجسده من قوة ثقافية ضاربة جذورها في عمق التاريخ. أما ديوان العدد الجديد من الثقافة المغربية فقد احتفى بنصوص الشعراء، ثريا مجدولين ومحمد الميموني وعبدالسلام المساوي وسعيد الباز ومحسن أخريف. في حين حمل باب القصة نصوصا للمبدعين، مبارك ربيع ومحمد الدغمومي ومحمد زهير والزهرة رميج. وفي باب نوافذ كتب الباحث سعيدي المولودي "المدخل الأدبي إلى (الترجمانة) الكبرى في أخبار المعمور برا وبحرا" لأبي القاسم الزياني، أما الباحث أحمد السعيدي فيكتب عن جنوب المغرب في الرحلة الفرنسية المعاصرة/ نموذج تافراوت"، حيث يتقصى الباحث فضاء تافروات في رحلتين فرنسيتين معاصرتين. ويقارب الناقد عبد الرحمان التمارة في باب قراءات، مجموعة "الإقامة في العلبة" للقاص لحسن البقالي من خلال جماليات الأزمة الجارحة. ويختتم العدد بباب من رفوف المكتبات الذي يسعى التعريف بحركية الإنتاج الأدبي والفكري المغربي، وبدعوة مجلة الثقافة المغربية كتابها للمساهمة في تحرير العدد القادم حول محور "أسئلة الثقافة المغربية اليوم"، وهو الملف الذي يتوخى إنجاز عمليات تشخيص طبيعة التحولات الجارية في المشهد الثقافي المغربي في تنوعه واختلافه من خلال المحاور المقترحة للبحث والكتابة، "الثقافي والسياسي في المغرب اليوم" و "الرواية المغربية: النصوص الجديدة وتحولاتها"، و "الشعر المغربي اليوم، الحساسيات الفنية والجمالية في التشكيل والمعمار المغربيين"، و" أسئلة الحقل السياسي والاجتماعي".