توجه وفد يتكون من 150 من زعماء وشخصيات من مختلف الديانات، ولأول مرة من المسلمين، من بينهم مغاربة، اليوم الثلاثاء، إلى معتقل الإبادة النازي أوشويتز- بيركينو (بولونيا) خلال الحرب العالمية الثانية. ويقود هذا الوفد بصفة خاصة كل من إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونيسكو، وأشا روز ميجيرو نائبة الأمين العام للأمم المتحدة المبعوثة الخاصة لبان كي مون، وعمدة باريس برتراند دولانوي. ويشارك في هذه الرحلة عدد من الشخصيات والمثقفين المغاربة، منهم على الخصوص السيد أندري أزولاي مستشار صاحب الجلالة، أحد مؤسسي مشروع علاء الدين، وهي مبادرة مدعومة من اليونيسكو ترمي إلى تشجيع الحوار بين الثقافات، والسفيرة الممثلة الدائمة للمغرب لدى اليونيسكو السيدة عزيزة بناني، ورئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج السيد ادريس اليزمي، وعمداء كل من الدارالبيضاء والرباط وفاس ومكناس. وأكد متدخلون، خلال ندوة صحفية لتقديم الحدث نظمت أمس الاثنين بباريس، أن هذه الرحلة، التي تتزامن مع الذكرى ال 66 لتحرير معسكر أوشويتز من قبل الجيش الأحمر، تستجيب لعدد من الأهداف منها التذكير بالنتائج الوخيمة للنازية والفاشية، ورفض الإنكار، ودعوة المسؤولين السياسيين والدينيين والمثقفين بجميع البلدان للتصدي للأشكال الجديدة للكراهية وعدم التسامح. وأوضحت آن ماري ريفكولفيسكي، رئيسة مشروع علاء الدين، الذي ينظم ويمول هذه الرحلة بشراكة مع اليونيسكو وبلدية باريس، أن هذه البعثة "ليست فقط رحلة إلى الماضي، ولكنها رحلة من أجل الحاضر والمستقبل، رحلة تاريخية في هذه الظروف التي يجاري فيها الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا) معاداة السامية، والتي يفضي فيها عدم التسامح إلى عنف أعمى. من جهتها، أعلنت المديرة العامة لليونيسكو عن تعزيز برنامج المنظمة في مجال التربية على حقوق الإنسان، وذاكرة الهولوكوست، بهدف النهوض بثقافة السلام. وأضافت السيدة بوكوفا أن "إبادة الشعب اليهودي يعد حدثا فريدا ونموذجا يساعدنا على فهم عمليات الإبادة الجماعية والتاريخية الأخرى، وغيرها من الفظائع التي ارتكبت في العالم بسبب العنصرية والكراهية. وإذا أدركناها يمكننا تفاديها في المستقبل". من جانبه، أكد عمدة باريس، أن الرحلة "غير المسبوقة" إلى أوشفيتز، تستجيب علاوة على تكريم الضحايا، إلى "الرغبة في الإبقاء على رسالة للبشرية". وقال إن "رفض إلغاء الآخر لهويته هو أساس كل معركة من أجل السلم، وكل معركة من أجل وحدة الأمم"، مبرزا أهمية مشاركة عمداء مدن أفارقة في هذه المهمة. ومن جهتها، قالت المبعوثة الخاصة لبان كي مون، باسم جميع المشاركين، "نحن الذين نقوم بهذه الزيارة ، ونمثل أصولا وديانات مختلفة، هدفنا هو التأكيد مجددا على تصميمنا الدفاع عن حقيقة تاريخية". من جانبه، عبر الرئيس السنغالي عبد اللاي واد، عن "الشرف الكبير" لكونه عضوا في هذا الوفد ، مؤكدا ضرورة "محاربة نسيان بعض الممارسات" مثل المحرقة. ودعا أيضا إلى تنمية "القيم" الإيجابية في المجتمعات من خلال قطاع التعليم من أجل محاربة "القيم المضادة" مثل الإنكار الذي مس أيضا العبودية. وأبرز واد، الذي يشغل أيضا منصب رئيس منظمة المؤتمر الإسلامي، قيم التسامح في الإسلام، مذكرا بسلوك النبي محمد صلى الله عليه وسلم تجاه غير المسلمين. وعلاوة على ذلك، تليت خلال هذه الندوة الصحفية رسائل التأييد التي بعثت بها عدة شخصيات، ومنها على الخصوص، شيخ الأزهر ومفتي مصر. ويتكون الوفد الدولي من رؤساء دول سابقين، ومسؤولين برلمانيين، وممثلي رؤساء دول مصر، باكستان وتركيا، وعمداء 12 مدينة في أوروبا وافريقيا والشرق الأوسط. ومن بين أعضاء الوفد المغربي أيضا مفكرون من أمثال الفيلسوف والمتخصص في الفكر الإسلامي عبدو الفيلالي الأنصاري، والشاعر عبد اللطيف اللعبي، والباحث في العلوم السياسية محمد الطوزي.