التأمت مساء أمس الجمعة ضمن برنامج المعرض الجهوي الأول للكتاب النشر بمكناس ، جلسة أدبية ونقدية احتفت برواية "مسك الليل" التي تعتبر أول مولود إبداعي للكاتب سعيد بنسعيد العلوي. وقد شارك في هذه الجلسة التي أدارها الناقد والكاتب عبد الرحيم العلام ، وحضرها عدد من أعضاء اتحاد كتاب المغرب ، كل من الباحثين والنقاد كمال عبد اللطيف ، ورشيد بن حدو ، وحسن بحراوي، وقمري بشير ، وأحمد العاقد ،وهشام العلوي. وقدم اللقاء مجموعة من القراءات في رواية "مسك الليل" للأستاذ بنسعيد ، هذا الوافد من مجال الكتابات الفكرية وانتقاله إلى التخييل الروائي ، موظفا استعارات جميلة تعلن عن سلالة فلسفية ، أجمعت جلها على أن العمل فذ في الذخيرة الكتابية ويحمل آثارا موسيقية تمتد لتطال البنية الشاملة للنص في توليفة فريدة مصدرها نابع من ولع الكاتب الكبير بالموسيقى الكلاسيكية. كما تحمل الرواية - حسب القراءات التي تقاطعت في العديد من الأسئلة- محكيان متوازيان الأول لباحث فرنسي جاء إلى المغرب للبحث والثاني لمحمود إحدى شخصيات الرواية المحورية، الذي كان يبحث عن والده ، لتنتهي الرواية دون أن يجد أحدهما الشيء المبحوث عنه. واعتبرت القراءات أن الكاتب مارس حريته الكاملة في الكتابة ، وجعل تركيبة الرواية تفرض على القارئ وتيرة خاصة في الإنصات عبر خمس حركات تعد أحد مظاهر تلك الحرية ، كما أن النص الذي كتب بأسلوب هادئ تجنب الإغراق ، مهاجرا من الذاكرة إلى الواقع ومن المرئي إلى المدون والمكتوب. ويرى المتدخلون أن البنيات السردية في النص ليست أطرافا مجزأة بل متصلة وتقترح بذلك شكلا جديدا ، انطلاقا من العنوان الذي يستند إلى الذاكرة الحسية لأن "مسك الليل" نبات يعرفه كل المغاربة ولا تخلو الحدائق والبساتين منه وخاصيته الكبرى هي رائحته الليلية ، أما الأمكنة وإن كانت وحدها ذات وجود فعلي " مكناس ، زرهون ..." فإن لكل واحد إدراكه الخاص للمكان المشترك الذي يعيش فيه مع الآخر. والروائي بنسعيد الذي حمل هاجس الكتابة الروائية منذ زمن بعيد، بعد أن كان قارئا نهما لها ، وعاشقا لجنسها ، ظلت لديه رغبة الخوض في فضائها تعتمل في صدره حتى نضح الإناء بما فيه وكان "مسك الليل". و" مسك الليل" الصادرة مؤخرا عن دار النشر والتوزيع " رؤية " بالقاهرة ، تقع في 265 صفحة من القطع المتوسط ،فيما زين علافها بلوحة للفنان حسين جبيل. يذكر أن المحتفى به ، وهو من مواليد مدينة مكناس ، حاصل على دبلوم الدراسات العليا - كلية الآداب، الرباط في 1978 ودكتوراه الدولة في الفلسفة من نفس الكلية في 1989 وهو قيدوم كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط ، وعميد جامعة محمد الخامس بالنيابة (1/1/2001 - 16/4/2002) ، والأمين العام المساعد لمركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات. ولسعيد بنسعيد عدة مؤلفات منها دولة الخلافة- دراسة في التفكير السياسي عند الماوردي، و الإيديولوجيا و الحداثة : قراءات في الفكر العربي المعاصر، والخطاب الأشعري: دراسة في العقل العربي الإسلامي، والاجتهاد والتحديث : دراسة في أصول الفكر السلفي في المغرب (طبعتان)، وأوربا في مرآة الرحلة: صورة الآخر في أدب الرحلة المغربية المعاصرة.