بعرضين مزجا بين فنون التعبير المسرحي والتصوير والموسيقى، افتتحت مجموعتان مسرحيتان مساء أمس الخميس بالصويرة الدورة الرابعة لمهرجان "الغريب"، الذي ينظم بمبادرة من الرابطة الفرنسية المغربية بالصويرة. فعلى خشبة مسرحية بسيطة خلت من الديكور إلا من حبل غسيل تقاسمه العرضان الفنيان، استمتع الجمهور الحاضر بأداء فني خارج عن المألوف، زاوج بين التعبير الجسدي والأداء الموسيقي والعزف والتصوير، وحدها الشخوص والأكسسوارات تغيرت لتروي القصة حول كل ما هو غير مألوف، غير أنه يؤثر في المتلقي ويترك بصمة دون أن يستيطع هذا الأخير إطلاق مسميات عليه. المسرحية الأولى بعنوان "دولاب الباكيات"، التي قدمتها فرقة " ماري إي دو لا نوي"، قدمت كل من سوليداد زاركا وناتالي غيدا تعبيرا مسرحيا حرا وشاعريا، يحكي قصة أم وابنتها تستسلمان ل"طقوس الأعباء المنزلية" باستخدام أوان وأدوات وملابس لم تعد مستخدمة، غير أنها تجد مكانها داخل العرض المسرحي. تتوسط الشخصيتان الخشبة المحاطة بحبل الغسيل، والتي تملؤها الأواني العتيقة، التي تجد لها الأم استعمالا خارجا عن المألوف، إذ تتحول الجلسة إلى طقوس تعبر الأم من خلالها لابنتها عن الانشغالات والمعاناة. الرجل الذي يعد غائبا عن هذا العرض المسرحي يظل حاضرا برمزية، من خلال الملابس التي تنهمك المرأتان في طيها، حيث تعبر الأم من خلال الاعتناء بالقميص عن الخضوع، فيما تتمرد الفتاة على الطقوس وترفض المشاركة في العمل إلى جانب والدتها. أما العرض الثاني، وحمل عنوان "لأن الأمراء يدهشونني"، استرسلت الفنانة لوسي عن الفرقة المسرحية "دون جنة قارة" ( سون بارادي فيكس) في مونولوج يحكي قصة فتاة تحلم كل يوم بلقاء فارس الأحلام في العصر الراهن. غير أن الجميلة النائمة تغيرت ولم تعد تلك الفتاة التي تنتظر داخل قلعتها قدوم الفارس، بل شقت الشخصية طريقها في رحلة البحث عن هذا الفارس، قادتها من فرنسا إلى مدينة الصويرة، حيث حولت بواسطة آلة التصوير، مجموعة من الرجال إلى "فرسان أحلام" يحملون وردة قطفتها من إحدى الحدائق العمومية، لتضرب لهم موعدا بقاعة العرض المسرحي. تنتظر لوسي ظهور الفارس وهي تعدد خصاله، ثم تنتقل إلى مدح نفسها في قالب هزلي، غير أن مرور الوقت يزيد من يأسها. تؤكد أن كل فتاة يمكن أن تكون أميرة أيا كان مجال اختصاصها، الطباخة والسكرتيرة والمصورة الفوتوغرافية ومضيفة الطيران وربة البيت. حقيبة السفر التي تحمل ختم المطار لا تمتلئ بعدة الزينة والملابس التي تفاخر بها أي فتاة تحلم أن تكون أميرة، بل تأقلمت مع العصر الراهن واحتوت عدة التصوير التي تحتاج إليها لوسي لتحول أي شاب إلى فارس أحلام يمكن أن يرافقها في مشوار الحياة. برفقة العازف الموسيقي كاميل، الذي عكس الحالة النفسية للشخصية من خلال تغيير الأداء الموسيقي، قامت لوسي في المشهد الأخير بتعليق صور جميع الرجال الذين التقطت صورهم في أرجاء موكادور باللونين الأبيض والأسود، على حبل الغسيل أملا في أن يساعدها الحضور على العثور عليهم. وستتواصل عروض مهرجان الغريب، الذي ينظم بمبادرة من الرابطة الفرنسية المغربية بالصويرة وبدعم من جمعية الصويرة موكادور، وسفارة فرنسا بالمغرب، وعمالة إقليمالصويرة ومندوبية وزارة الثقافة، من خلال افتتاح معرض تشكيلي وتسليم جوائز للفائزين في مسابقة الفن التشكيلي ينظم يوم 11 دجنبر انطلاقا من الساعة السابعة مساء. وتستضيف الدورة الرابعة للمهرجان، التي تستمر إلى غاية 18 دجنبر الجاري حوالي 150 فنانا تشكيليا من بلدان عدة يقدمون للجمهور فرصة الاطلاع على أعمالهم الفنية من أصناف ثقافية تضم الفن التشكيلي والموسيقى والعروض الفنية والسينما.