إعداد: كوثر كريفي -احتفت الدورة العاشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش مساء أمس السبت بالسينما الفرنسية، مكرمة تاريخ مدرسة إبداعية استطاعت على مدى أزيد من قرن من الزمن الحفاظ على ألقها وسحرها الدائمين. وأهدت مراكش الحمراء خلال حفل تكريم حضرته نجوم سينمائية فرنسية ومن كل سينمات العالم، نجمة مهرجانها الذهبية لسينما وسينمائيي فرنسا، سلمها المخرج الأمريكي الكبير مارتين سكورسيزي، للمخرج السينمائي كوسطا كافراس رئيس الخزانة السينمائية الفرنسية وللممثلة العالمية كاترين دونوف. وفي كلمة له بهذه المناسبة، قال سكورسيزي، إنه ليس من الهين الحديث عن السينما الفرنسية في بضع كلمات، ففرنسا هي مهد الفن السابع، فكانت السينما الفرنسية مصدر إلهام لعدد من المدارس السينمائية في العالم ومن بينها الأمريكية. واستحضر سكورسيزي أسماء سينمائية فرنسية وازنة بصمت الشاشة الفضية قبل وخلال الموجة الجديدة وبعدها، معتبرا أن سر نجاح سينما بلاد الأنوار يكمن أولا في إيمانها الراسخ برسالة الفن السابع وفي كونها سينما تجدد نفسها سنة بعد أخرى. وأضاف المخرج العالمي أن السينما الفرنسية وهبت للعالم نجوما كبارا وأن الجميع مدين لها بالكثير، مشيرا إلى أنه استوحى منها شخصيا مجموعة من التقنيات في أعماله، ومجددا إعجابه على الخصوص بفيلم "عمي من أمريكا" الذي سيعرض ضمن فقرة نبضة قلب. ومن جانبه أعرب كوسطا كافراس عن شكره لتخصيص تكريم للسينما الفرنسية خلال دورة هذه السنة من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، وهي التظاهرة التي أكد أنها مرآة تعكس بجلاء عشق المغاربة للفن السابع. وأضاف أن النجاح الذي حققته السينما الفرنسية يعود لطموحها الدائم في البحث عن الجودة، ولانفتاحها على العالم ودفاعها وإيمانها بحرية الإبداع والابتكار، وحرصها على جعل الحدود تتلاشى بين الفن والقضايا السياسية والاجتماعية. و تعد السينما الفرنسية من بين أهم المدارس الفنية، التي بصمت مجال الفن السابع، واستطاعت خلق نموذج خاص بها يختلف عن المدرسة السينمائية الهوليودية، محققة بذلك المعادلة الصعبة بين ما هو إبداعي وتجاري. وقدمت هذه السينما التي تخصها الدورة العاشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش (3-11 دجنبر) ببانوراما سيتم خلالها عرض عدد من الأفلام، باقة من روائع السينما العالمية وأكدت أنها مدرسة أخلصت على مدى عقود للرسالة الفنية وحافظت على قاعدة واسعة للاستهلاك الجماهيري. ويجسد حضور عدد من النجوم الفرنسيين في الدورة العاشرة للمهرجان الدولي بمراكش، السحر والنجاح الدائم لهذه السينما التي استطاعت إمداد الشاشة الفضية بمواهب ونجوم عديدة من مخرجين وممثلين ومؤلفين ومشاركين في مختلف مراحل صناعة الفيلم. ويأتي هذا التكريم والسينما الفرنسية تشهد تحولات مهمة بعد أن تغيرت ملامحها بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، فبالماضي كانت إنتاجات الأفلام تمول في مجملها من الإيرادات المتأتية من قاعات العروض، غير أنه بعد إحداث القناة التلفزية الخاصة "كنال بلوس" في 1984 انتقل تدريجيا عصب الإنتاج السينمائي نحو القطاع السمعي البصري، ليصبح تمويل إنتاج الأفلام الفرنسية شيئا فشيئا شأنا للقنوات التلفزية وهي الحقيقة التي لا يمكن اليوم تجاهلها. ولقد كان لهذا التطور انعكاس إيجابي على طريقة إبداع وإنتاج الأفلام، كما ساهم بشكل كبير في الرفع من ميزانيتها، إذ أضحت كلفة إنتاج فيلم سينمائي اليوم، أكبر مما كانت عليه في بداية ثمانينيات القرن الماضي. وبالرغم من التحولات العديدة التي عرفها الخطاب السينمائي الفرنسي، فإن هذه المدرسة انطبعت في ذاكرة شرائح واسعة من جمهور السينما الدولية بروح الواقعية الاجتماعية والتمرد التي وسمها اهتمام مستمر بمشاكل المجتمع وحقوق الإنسان. وترسخت مجموعة من الأفلام في ذاكرة الجمهور ك"الصيف القاتل" لجون بيكر، و"ثلاثة رجال ومهد" لكولين سيرو، و"الليالي البرية" لسيريل كويار، و"الحياة نهر طويل وهادئ " لإيتيان شاتيليي. وتبقى السينما الفرنسية المتفردة على مستوى الأسلوب والمعالجة، مصدر عطاء متواصل، وتظل الأفلام الفرنسية في رأي النقاد تلك المغامرة السردية الروائية الجميلة التي لا تعتمد على قواعد محددة، لأن وراء نجاح كل فيلم لغز ورؤية تنظر إلى العمل الإبداعي من زاوية خاصة.