دعا المغرب، اليوم الاثنين بمدينة برشلونة، إلى إقامة حكامة حقيقية في مجال الأمن في حوض البحر الأبيض المتوسط وذلك استجابة للتحديات الأمنية الجديدة في هذه المنطقة. وأوضح السيد يوسف العمراني الكاتب العام لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، خلال الملتقى الدولي التاسع للأمن والدفاع بحوض البحر الأبيض المتوسط، أن مختلف التحديات السائدة في منطقة البحر الأبيض المتوسط والتي "تكتسي طابعا جديدا تتطلب إقامة حكامة حقيقية في مجال الأمن الإقليمي تعتمد على مقاربة شمولية ومتعدد الأبعاد". وأكد الدبلوماسي المغربي، في عرض قدمه حول "آفاق من أجل حوار منظم حول الأمن في ضوء معاهدة لشبونة والاتحاد من أجل المتوسط"، على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار "المقياس الحقيقي للخطر والتهديدات الجديدة والمتنامية في منطقة الساحل والواجهة الأطلسية". كما شدد السيد يوسف العمراني على ضرورة إدماج الأبعاد الاقتصادية والبشرية والثقافية في إطار الحوار الأمني ناهيك عن الدور الهام والحيوي للبعد الديني في المنطقة. وبعد أن أشار إلى الوسائل الكفيلة بتحسين الحوار الأمني بين الاتحاد الأوروبي وبلدان جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط، ذكر المسؤول المغربي بمختلف إطارات التعاون التي يشارك فيها المغرب بشكل "استباقي" كحلف شمال الأطلسي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا والمبادرة 5 زائد 5. وفي هذا الصدد، أكد السيد يوسف العمراني على أهمية تحقيق الانسجام بين مختلف المبادرات في مجال الدفاع والأمن في حوض البحر الأبيض المتوسط، معربا عن ارتياحه للتقدم الذي تم تسجيله في مجال الأمن والدفاع منذ دخول معاهدة لشبونة حيز التنفيذ مما جعل من السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة "سياسة متكاملة ينخرط فيها المغرب بشكل كامل". وبعد أن أبرز أهمية الوضع المتقدم للمغرب لدى الاتحاد الأوروبي، أشاد السيد يوسف العمراني، بهذه المناسبة، بإنشاء منصب الممثل السامي للاتحاد في الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية. وفي معرض حديثه عن الاتحاد من أجل المتوسط، أكد الدبلوماسي المغربي أن "المغرب، الذي يعد مدافعا قويا عن هذه المبادرة وبمقاربتها المتجددة، واع بالتحديات المستمرة التي تواجهها البلدان في المنطقة في مجال الحفاظ وتعزيز هذا المسلسل". ودعا السيد يوسف العمراني، في هذا السياق، إلى "التغلب على العقبات الظرفية التي تعتبر عاملا للتباطؤ لكنها لا تدعو بالضرورة إلى التشكيك في مستقبل الاتحاد من أجل المتوسط"، موضحا أن "للاتحاد من أجل المتوسط على الأقل ثلاث مزايا أساسية تهم إعادة تأهيل الهوية الاستراتيجية للبحر الأبيض المتوسط واعتماد رؤية مشتركة ومتضامنة لجميع التحديات والانخراط المشترك لجميع الفاعلين في الأجندة المتوسطية". وتتميز أشغال الملتقى الدولي التاسع للأمن والدفاع بحوض البحر الأبيض المتوسط بمشاركة خبراء مدنيين وعسكريين في مجال الأمن والدفاع وممثلين حكوميين وغير حكوميين في العديد من بلدان حوض المتوسط من بينها المغرب. ويعتبر الملتقى الدولي التاسع للأمن والدفاع بحوض المتوسط ببرشلونة، الذي ينظمه منذ سنة 2002 مركز الأبحاث في العلاقات الدولية والتنمية (مؤسسة تعنى بالابحاث والتعليم والتوثيق والنشر في مجال العلاقات الدولية والتنمية يوجد مقرها ببرشلونة)، منتدى للنقاش بين الخبراء والأكاديميين والمدنيين والعسكريين حول التحديات الأساسية في مجال الأمن بالمنطقة. ويتوخى هذا الملتقى، المنظم بتعاون مع معهد الدراسات حول الأمن بالاتحاد الأوروبي ووزارة الدفاع الإسبانية، تعزيز التعاون والشفافية والثقة بين الممثلين الحكوميين والخبراء في ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط. وحسب المنظمين، فإن الدورة التاسعة للملتقى، المنظمة تحت شعار "رؤية مشتركة لحوض البحر الأبيض المتوسط والمناطق المجاورة له"، تشكل فرصة بالنسبة "للخبراء من مختلف التخصصات والمدنيين والعسكريين والفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين لتقييم التقدم الحاصل في مجال الأمن والدفاع في منطقة البحر الأبيض المتوسط وتحليل التحديات المستقبلية الكبرى". وسيتناول المشاركون، من بينهم باحثون مغاربة، على الخصوص مواضيع السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة بحوض البحر الأبيض المتوسط والموافقة على معاهدة لشبونة وانطلاق الاتحاد من أجل المتوسط، بالإضافة إلى بحث التحديات والتهديدات وفرص العمل المشترك في منطقة البحر الأبيض المتوسط في مجال الأمن والدفاع مع التركيز على المناطق الصحراوية. وكانت الدورات السابقة للملتقى الدولي للأمن والدفاع بحوض المتوسط قد تناولت مواضيع التحديات المستقبلية الكبرى في مجال الأمن والدفاع بحوض البحر الأبيض المتوسط وتدبير الأزمات والأمن البحري والوقاية المدنية، بالإضافة إلى وضع حصيلة لمبادرات التعاون التي تم إطلاقها، مع إيلاء اهتمام خاص بالبعد الإقليمي للأمن وبدور الاتحاد الاوروبي في منطقة الشرق الأوسط والتفكير الاستراتيجي في مجال الامن والدفاع.