بول بلان، أمس الثلاثاء بنيويورك، أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي "مبادرة خلاقة" لأنها "تنبني على عدد من المفاهيم والتصورات الأممية مثل سيادة الدولة والتسوية السلمية للنزاعات". وأوضح البروفيسور بلان، أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن "هذه المبادرة هي في الحقيقة لصيقة بالمعايير الدولية". وذكر الجامعي الفرنسي بأن المغرب ، واستجابة منه لنداء المجتمع الدولي ، قدم سنة 2007 "مبادرته للتفاوض بشأن منح حكم ذاتي لجهة الصحراء، في إطار سيادة المملكة ووحدتها الترابية والوطنية". وأكد الخبير القانوني بجامعة بيربينيون (جنوبفرنسا) أن ميزة هذه المبادرة هي أنها "تتضمن ما يلبي مختلف المطالب". + الحكم الذاتي: توافق إيجابي داخل الدولة الموحدة + وشدد على أن إيجابية هذه المبادرة تكمن كذلك في مضمونها الديمقراطي، مضيفا أن الأمر يتعلق بالتزام رسمي من قبل المغرب بالمساهمة بشكل إيجابي في الجهود التي تبذلها منظمة الأممالمتحدة من أجل تسوية سياسية نهائية للنزاع حول الصحراء. وأضاف البروفيسور الفرنسي أنه مع المبادرة المغربية للتفاوض بشأن تخويل جهة الصحراء حكما ذاتيا، فإن الجهوية ، كخيار للتنظيم الداخلي ، تفرض نفسها بمفاهيم جديدة كالتطلع إلى المستقبل، مع ربطه بالتنمية والديمقراطية، والاحترام التام للوحدة الوطنية في ظل تنوع المجموعات والمناطق. وأوضح أن مخطط الحكم الذاتي يفعل، في الحقيقة، المعايير الدولية الجديدة،مستشهدا ، في هذا الصدد ، بالنماذج الناجحة في كل من بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا. وأشار إلى أن هذه النماذج توضح بجلاء أن التفعيل الدستوري ل"الحق في الحكم الذاتي للجهات" يعد توافقا إيجابيا داخل الدولة الموحدة. وأضاف البروفسور الفرنسي أن مشروع الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب للتفاوض والمستلهم من هذه التجارب، يندرج في إطار منطق ديمقراطي وليبرالي، مشيرا إلى أن سكان جهة الحكم الذاتي في الصحراء سيتوفرون، في ظل احترام المبادئ والمساطر الديمقراطية، على صلاحيات واسعة بجهتهم باستثناء تلك التي تدخل في إطار السيادة والتي تختص بها الدولة المركزية. +ملاءمة القانون الدستوري مع المعايير الدولية+ وأوضح رجل القانون الفرنسي أن انخراط المغرب أساسي في هذا الصدد، لا سيما وأن الدستور المغربي قابل لمبدأ الحكم الذاتي ، مستشهدا في هذا الصدد بديباجة القانون الأساسي وبالفصلين 2 و19 منه . وأوضح أن ديباجة الدستور تنص بالفعل على أنه "إدراكا منها لضرورة إدراج عملها في إطار المنظمات الدولية، فإن المملكة المغربية، العضو العامل النشيط في هذه المنظمات، تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات وتؤكد تشبتها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا. كما تؤكد عزمها على مواصلة العمل للمحافظة على السلام و الأمن في العالم". وأضاف أنه ضمن رؤية الحكم الذاتي لجهة الصحراء، فإن المقترح المغربي يعتمد كمرجعية الأممالمتحدة التي يجب أن تشرف على مسلسل التسوية، علاوة على أنها تدرج مبدأ الحكم الذاتي ضمن حقوق الإنسان عموما. وتكتسي هذه المراجع، حسب رجل القانون الفرنسي، قيمة ليست فقط رمزية وإنما سياسية أيضا بمعنى أنه ينبغي النظر إليها كصمام أمان للحكم الذاتي بالصحراء. وأشار إلى أن مبدأ الحكم الذاتي، كحق مرسخ ومحمي عبر إدراجه في دستور دولة موحدة وغير قابلة للتقسيم كما ينص على ذلك المعيار الليبرالي، ينبغي طبعا أن يكون محكما على المستوى التنظيمي بما يضمن الملاءمة بين المعايير الدولية و"طابع الدولة الموحدة".