جرى ، بعد ظهر اليوم الجمعة بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء ، تشييع جثمان المفكر الكبير محمد أركون ، الذي انتقل إلى عفو الله يوم الثلاثاء الماضي بباريس عن سن تناهز 82 عام بعد معاناة مع المرض . وبعد صلاتي الظهر والجنازة بمسجد الشهداء ، نقل جثمان الراحل إلى مثواه الأخير بمقبرة الشهداء حيث ووري الثرى، في موكب جنائزي مهيب . وجرى تشييع جثمان الفقيد بحضور حشد غفير يتقدمه زوجته السيدة ثريا اليعقوبي وكريمته سيلفي أركون ، والعديد من الشخصيات من عالم الفكر والثقافة والسياسة والإعلام ، وجمع من أصدقاء الراحل ومعارفه. وبعد تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، رفعت أكف الضراعة إلى الله عز وجل بأن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويجزيه أوفى الجزاء على ما أسداه للفكر والثقافة، كما رفعت أكف الضراعة بالدعاء الصالح لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله. وكان جلالة الملك قد عبر في برقية، بعث بها إلى زوجة الراحل محمد أركون ، ولكافة أفراد أسرته ، عن أحر تعازي جلالته وصادق مواساته ، في هذا المصاب الذي لا راد لقضاء الله فيه. وأكد جلالة الملك أن الفقيد الكبير " سيظل خالدا في ذاكرة كل من نهل من معين عطائه الفكري الغزير، والمتميز بانتهاج العقلانية ، والأخذ بالعلوم الإنسانية الحديثة ، في دراسة الفكر الإسلامي . وهو ما جعل منه أحد أعلام الحقل المعرفي العصري، العربي والإسلامي ، بل والعالمي ، الملتزم بنصرة قيم التسامح والاعتدال، وترسيخ حوار الأديان والحضارات ، ونبذ صراع الجهالات ". وقال جلالته " إننا لنستحضر ، بكل تقدير ، التزامه بالاندماج المغاربي ، وما كان يربطه ، رحمه الله ، بالمملكة المغربية، من وشائج المودة والتقدير، لما كان يجد في رحابها الجامعية ، وأوساطها الثقافية ، من فضاء فسيح للتفاعل الفكري المثمر، والنقاش الحر البناء ". وقد ازداد محمد أركون عام 1928 ببلدة تاوريرت في تيزي وزو بمنطقة القبائل الكبرى بالجزائر. وبعد أن أكمل دراسته الثانوية في وهران، تابع محمد أركون تعليمه الجامعي بكلية الفلسفة في الجزائر قبل أن ينتقل إلى السوربون في باريس، حيث واصل دراسته. وقد ترك الراحل ، مكتبة واسعة من المؤلفات من بينها " الإسلام : أصالة وممارسة" و "تاريخية الفكر العربي الإسلامي ، أو نقد العقل الإسلامي" و "الفكر الإسلامي : قراءة علمية" و "الإسلام : الأخلاق والسياسة" و " من الإجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي" و "الإسلام أوروبا الغرب ، رهانات المعنى وإرادات الهيمنة" ، و "نزعة الأنسنة في الفكر العربي" ، و " قضايا في نقد العقل الديني ، كيف نفهم الإسلام اليوم" .