يولي صاحب الجلالة الملك محمد السادس، منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين، رعاية خاصة للنهوض بالمشهد الثقافي المغربي، باعتباره محورا أساسيا في استراتيجيات التنمية المستدامة بالمغرب، خاصة لمسألة تشجيع الإبداع والمعرفة وحماية الحقوق الثقافية وتعزيز الحوار بين الحضارات والأديان. وشكل الحفاظ على الموروث المادي واللامادي بالمملكة، وتثمين الهوية المغربية ورموزها اللغوية والثقافية والحضارية، خيارا يعكس الإرادة في الدفاع عن قيم التعدد الثقافي، من خلال القيام بمجموعة من المبادرات التي ترسخ مكانة المملكة كأرض للثقافة المتعددة المشارب. ويبقى إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وإدماج اللغة الأمازيغية في البرامج التعليمية، إضافة إلى إطلاق قناة تلفزية أمازيغية، من المكتسبات والمنجزات التي تكرس التنوع الثقافي، وتميز المغرب الذي تشكل فيه الثقافة الأمازيغية مكونا أساسيا. كما أن المملكة أكدت انخراطها في النهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من خلال إطلاق مشروع للجهوية يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات والإسهامات الثقافية لكل جهة. وفضلا عن ذلك، جعل المغرب من الثقافة ركيزة أساسية لتحقيق التقدم والازدهار، حيث يتجلى هذا الاهتمام في تكريم رموز الثقافة وتشجيع الإبداع والتفوق في مختلف تجلياته ومجالاته وتحفيز الفنانين وحثهم على المزيد من العطاء. ولتشجيع القراءة كان صاحب الجلالة الملك محمد السادس قد أشرف على تدشين مجموعة من المشاريع التي تروم النهوض بالمشهد الثقافي، من بينها المبنى الجديد للمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، وهو الحدث الذي شكل لحظة تاريخية بامتياز. فهذا الفضاء الذي يحتضن يوميا العديد من الراغبين في البحث والتواصل، يعد قيمة ثقافية تعكس الأهمية التي يوليها صاحب الجلالة للعلم والمعرفة والثقافة المغربية في عمقها الحضاري وانفتاحها على الآخر. وإضافة إلى ذلك، شملت العناية والاهتمام بالعمل الثقافي، عددا من البنيات التحتية، حيث تم ترميم عدد من المآثر والمتاحف بعدد من المدن وإعادة تأهيل بنيات الاستقبال، كما تم تعزيز دعم الحماية الاجتماعية للفنانين وتنظيم مهرجانات جديدة وإقامة المعارض. هكذا شهدت الساحة الثقافية المغربية مؤخرا تطورا مهما في مجالات الأدب والموسيقى و السينما والفنون التشكيلية، تمثل على الخصوص في تزايد عدد وجودة الأفلام المغربية التي يتم إنتاجها في السنة، وفي تعدد المعارض الفردية والجماعية، وظهور أسماء فنية جديدة شابة تكونت في المعاهد الفنية بالمغرب أو في الخارج، وإحداث أروقة فنية جديدة في عدة مدن مغربية تحتضن أعمالهم. ويحتضن المغرب أيضا تظاهرات فنية متنوعة بمختلف المدن أصبح لها دور إيجابي في فتح المجال أمام المواهب الشابة وتقريب الجمهور من آخر الإنتاجات الفنية، والتعرف على تراث كل جهة من جهات المملكة، حيث تمتاز كل واحدة منها بخصوصية المدينة التي تحتضنها، فتضفي عليها طابعها وثقافتها وعادات ساكنتها. ويبقى الطابع العام لهذه المواعيد الفنية هو كونها تظاهرات للاحتفاء بالحياة والفن والإبداع والتواصل والانفتاح على الآخر، من خلال استضافة أشهر الفنانين العرب والدوليين من مطربين ومبدعين ومثقفين. ونظرا للتطورات التي يشهدها المجال الثقافي في مختلف دول العالم، قام المغرب في السنوات الأخيرة بإبرام اتفاقيات تعاون جديدة مع عدد من الدول، تأخذ بعين الاعتبار التطورات والمتغيرات الدولية وتتماشى والتطورات التي تشهدها المجالات الثقافية والتربوية والفنية والإعلامية. كل هذه المجهودات المبذولة والاهتمام الكبير الذي يوليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في سبيل إنعاش الساحة الثقافية بالمغرب، جعلت من المملكة فضاء للإبداع وقبلة سنوية للمفكرين والمثقفين والفنانين من مختلف دول العالم، ومن شتى المشارب والمذاهب والديانات والحضارات.