برّأت محكمة الجنايات بمجلس قضاء الجزائر، مساء أمس، إطارات الشركة الوطنية للملاحة البحرية ''كنان'' المتابعين بتهمة غرق سفينة بشار العام .2004 ولم تتقبل عائلات الضحايا الحكم، الذي أزال صفة المسؤولية عن الإطارات في الوقت الذي راح فيه ضحية هذه الحادثة 16 بحارا. كانت الساعة تشير إلى الرابعة مساء عندما استأنف رئيس محكمة الجنايات المحاكمة بعد 6 ساعات من المداولة القانونية، في اليوم الخامس من النظر في القضية. ومع أولى إجابة بالأغلبية للمحكمة والتي كانت ''لا'' بالنسبة للمتهم الرئيسي في القضية الرئيس المدير العام السابق للشركة علي كوديل، تعالت صيحات الحضور، وهدد رئيس الجلسة بإخلاء القاعة في حال استمرار نفس الفوضى. وتتابعت الأسئلة المتعلقة بالمسؤولية في وفاة البحارة، والتي كانت ''بدون موضوع''، ومع السؤال ال96 كانت كل الإجابات بإدانة المتهمين ''لا'' بالأغلبية؟ وبرّأت المحكمة حضوريا نهائيا المتهمين من جناية وضع سفينة في حالة سيئة وغير مجهزة بكفاية تحت تصرف الربان، وتهمة إبحار سفينة انقضى سند أمنها، ما أسفر عن فقدان السفينة ووفاة 16 عنصرا من طاقمها المكون من 18 شخصا. على أن تتحمل الخزينة العمومية المصاريف القضائية. وامتزجت بعدها دموع الفرحة بدموع الأمل، بالنسبة لعائلات الضحايا، الذين فتحت المحكمة المجال لهم في الدعوى المدنية. وقال محامي أحد الضحايا، بأن ''القانون يكفل لنا رغم النطق بحكم البراءة من طرف محكمة الجنايات طلب التعويض''. وتقدم المحامون بطلبات للمحكمة عن العجز والمرض والوفاة. لكن دفاع شركة ''كنان'' رفض الطلبات، وقال بأن ''الشركة سددت في وقت سابق، أي بعد صدور الحكم الأول في ,2006 وأنه لا يمكن طلب تعويض آخر''. وتابع ''المسؤولية الآن لا تتحملها الشركة، وبإمكاننا نحن أن نطالب باسترجاع المبالغ''. أما عائلات الضحايا، فكانت في وضع جد مؤثر، حيث قالت سيدة ''نريد أن تحدد لنا العدالة المسؤول عما حدث، وأن نتابعه حتى أمام محكمة لاهاي، لأننا فقدنا فلذة أكبادنا''. وتابعت ''إنهم يستهزئون بنا، والحكم لا يتقبله أي عقل، بعد 6 سنوات من السجن يطلق سراحهم، وإن كان الضحايا 18 شخصا، فأنا أضيف لهم 6 إطارات أيضا''. وكان دفاع المتهمين تمسك ببراءة موكليهم، مؤكدين بأن ''المسؤولية لا يتحمّلها عدد من الإطارات بل رئيس الحكومة وقتها أحمد أويحيى ووزير النقل الراحل مغلاوي''. وأوضح دفاع المتهمين في تصريحهم ل''الخبر'' عن سعادتهم بالحكم الصادر، والذي يعد انتصارا للعدالة الجزائرية. وقال المحامي زبير علوش ''لقد احترمت العدالة كل الإجراءات، واستمعت لكل الأطراف، واقتنعت في الأخير ببراءة المتهمين''. أما المحامي خالد بورايو الذي اغرورقت عيناه بالدموع فصرح ''إنه حكم رائع، وعندما تنظر المحكمة بمثل هذه الأحكام فمعناها أن الدولة تسترجع مصداقيتها''. في حين أشار المحامي مقران آيت العربي إلى أن ''الحكم الصادر بعد أربعة أيام من المحاكمة مكن من النطق بالحكم الأصح، لأن المتهمين أبرياء ويجب عليهم العودة إلى حياتهم الطبيعية''. في حين أكد المحامي علي مزيان قائلا: ''الحكم يرد الاعتبار للعدالة الجزائرية، وأنا مسرور به ليس كدفاع ولكن كمواطن تنطق العدالة باسمه، ولهذا أنا افتخر بالحكم''. يشار إلى أن النيابة العامة كانت التمست، يوم الجمعة، السجن المؤبد ضد 5 متهمين في القضية، فيما طالبت بسنتين سجنا نافذا في حق المتهم السادس. كما أن اليوم الأخير شهد تجنيد حوالي 30 شرطيا لتأطير الجلسة، بسبب العدد الكبير من الحضور في القاعة، التي طوي بها الملف الذي أسال الكثير من الحبر.