هنأ مجلس إدارة صندوق النقد الدولي الجزائر على أداءاتها الاقتصادية المتواصلة بالرغم "من الظرف الخارجي الصعب"، مسجلا من جهة أخرى تبعية الاقتصاد لقطاع المحروقات الذي قد يواجه تراجعا محتملا في أسعار البترول. وفي المذكرة الإعلامية التي نشرت يوم الجمعة بعد اجتماعه المنعقد يوم 16 جانفي في إطار التقييم السنوي للدول الأعضاء، يتوقع مجلس إدارة صندوق النقد الدولي أن يبلغ نمو الناتج الداخلي الخام للجزائر 4ر3 بالمائة خلال 2013 مقابل 5ر2 بالمائة خلال 2012، وهذا بفضل ارتفاع الطلب الداخلي وانتعاش قطاع المحروقات. ومن المتوقع أيضا أن تبلغ احتياطات الصرف على غرار السنوات الماضية مستويات مرضية خلال 2013، في حين يبقى مستوى المديونية الخارجية ضعيفا. وأكد أعضاء مجلس إدارة مؤسسة بروتن وودز على ضرورة مباشرة إصلاحات واسعة لتنويع الاقتصاد وتحسين جو الأعمال والتنافسية ورفع الإنتاجية والنمو الاقتصادي خارج المحروقات. وبعد أن أشاد بالانخفاض المتواصل لنسب البطالة التي تراجعت من 30 بالمائة خلال سنة 2000 إلى 10 بالمائة خلال سنة 2011، دعا صندوق النقد الدولي إلى بذل المزيد من الجهود لدفع النمو وتخفيض البطالة إلى مستويات أدنى. وكان صندوق النقد الدولي والبنك العالمي قد أشادا نهاية ديسمبر الماضي بواشنطن في إطار تقييماتهما الدورية للاقتصاد الجزائري خلال سنة 2012 بوضعية الاقتصاد الكلي للجزائر، مع الإشارة إلى ضرورة تنويع الاقتصاد من أجل ضمان نمو مستديم وخفض نسبة البطالة في أوساط الشباب. وحسب آخر معطيات صندوق النقد الدولي سيبلغ فائض الحساب الجاري 2ر8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، في حين تبقى احتياطات الصرف "جد معتبرة" (حوالي 187مليار دولار خلال شهر جوان) وتبقى الديون الخارجية "جد محدودة" كما بلغ احتياطي صندوق ضبط العائدات نسبة 26 بالمائة. إلا أن صندوق النقد الدولي اعتبر أن هشاشة أسعار المحروقات تزايدت، موضحا أن سعر النفط الذي يضمن توازن المالية العمومية استقر في 121 دولارا سنة 2012. ونفس الاستنتاج استخلصه البنك العالمي الذي أوضح أن ارتفاع النفقات وزيادة عجز الميزانية في الجزائر "لن يكون لها الحظ الوافر في أن تكون مدعمة، إلا في حال ما إذا بقيت أسعار النفط في المستوى التي هي عليه حاليا". كما أشار صندوق النقد الدولي إلى أن النمو سيواصل على المدى المتوسط ارتفاعه عن طريق الاستثمارات العمومية وبرنامج شركة سوناطراك للاستثمار. وكان الصندوق قد أشار في تقريره حول الآفاق الاقتصادية العالمية الذي صدر بمناسبة اجتماعاته السنوية التي جرت في أكتوبر بطوكيو (اليابان) إلى أن نسبة البطالة شهدت تراجعا متتاليا في الجزائر من 10 بالمائة في 2011 إلى 9.7 بالمائة سنة 2012، متوقعا تراجعا إلى 9.3 بالمائة سنة 2013، أما فيما يخص التضخم فاعتبر صندوق النقد الدولي أنه سينتقل من 8.4 بالمائة في 2012 إلى 5 بالمائة في 2013 مقابل 4.5 بالمائة في 2011. وأشار التقرير الى أن التضخم في الجزائر يعد ضعيفا بالمقارنة مع معدل دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي حدده الصندوق بنسبة 10.4 بالمائة في 2012 و9.1 بالمائة في 2013 مقابل 9.7 بالمائة في 2011، وفي توقعاته الخاصة بمنطقة المغرب العربي يتوقع صندوق النقد الدولي نسبة نمو بمعدل 19 بالمائة في 2012 لاسيما بفضل استئناف إنتاج النفط في ليبيا وب6 بالمائة في 2013. ويشير تقرير صندوق النقد الدولي إلى أن المصاريف العمومية الهامة المبذولة في أغلبية الدول المصدرة للنفط دعمت النمو القوي، مؤكدا أن المخاوف السياسية والتغيرات الاقتصادية المسجلة عقب الأزمات الاجتماعية والسياسية في بعض الدول العربية وكذا تباطؤ النمو في أهم الدول الشريكة التجارية، لا سيما الأوروبية وفي بعض حالات النزاعات الداخلية تعد من ضمن العوامل التي أدت إلى "ضعف معتبر للنشاط الاقتصادي". وبخصوص تصنيف 2012 للبلدان من حيث المديونية واحتياطات الصرف صنف صندوق النقد الدولي الجزائر ضمن البلدان ال20 الأقل مديونية بمنطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا وثاني بلد يتوفر على احتياطات رسمية للصرف بعد العربية السعودية مع توقعات اختتام سنة 2012 بحوالي 200 مليار دولار.