تعتبر الفنانة المغربية كريمة الصقلي أن الفن رسالة إنسانية سامية تلقي مسؤولية كبيرة على عاتق الفنان٬ لأنها تخاطب الأحاسيس والقلوب بغض النظر عن جنسياتها وثقافاتها. وأوضحت الصقلي٬ في حديث لوكالة الأنباء المغربية بواشنطن، أن ثقل المسؤولية الفنية يكمن أولا تجاه الوطن من خلال نوعية الإبداعات التي يقدمها الفنان٬ والتي ينبغي أن ترتقي بوجدان وأخلاق أبناء وطنه٬ ثم تجاه العالم باعتبار أن الفن لغة عالمية لا تحتاج إلى مترجم٬ لأنها تخاطب القلوب والأحاسيس والمشاعر. وأكدت الصقلي أن الفنان مدعو للعمل جاهدا كي يكون فنه أداة تأخذ بيد المتلقي الى آفاق فكرية وثقافية وإبداعية راقية وسامية٬ كي يضطلع الفن بوظيفته الأساسية المتمثلة في تنوير عقول عشاقه ومحبيه. وإيمانا منها بأن الفن لا موطن له٬ لم تخف كريمة الصقلي إعجابها الكبير بالإقبال المنقطع النظير الذي لمسته خلال جولتها الفنية الأخيرة بالولايات المتحدةالأمريكية٬ لدى تلاميذ وطلاب عدد من المدارس الأمريكية٬ خصوصا من العرب الأمريكيين٬ على الفن العربي٬ واهتمامهم بالثقافة الموسيقية العربية. وخلال هذه الجولة الفنية٬ التي قادتها إلى كل من فيلادلفيا وبوسطن وواشنطن بدعوة من مؤسسة البستان للثقافة المقيمة بفيلاديلفيا٬ ألقت كريمة الصقلي عددا من المحاضرات عبارة عن ماستير كلاس بجامعتي بنسيلفانيا وبوسطن حول الموشح المغربي الأندلسي المعاصر٬ حيث قدمت أغنية "يا ليل طل" للراحل عبد القادر الراشدي كنموذج. وأكدت كريمة الصقلي أن فرحة عارمة غمرتها عندما فاجأها تلاميذها خلال هذه الجولة بترديد موشح "يا ليل طل" بشكل جيد٬ يعكس مدى إعجابهم واستمتاعهم بهذا الفن الجميل٬ الذي تسرب إلى وجدانهم وغذى أحاسيسهم المرهفة. وتقول "أسمهان المغرب"٬ كما يحلو للبعض مناداتها٬ إن الفن لا حدود له٬ وبهذه الصفة يمكنه أن يضطلع بأدوار هامة في التقريب بين المجتمعات٬ وحل النزاعات والخلافات بين الدول٬ ونشر المحبة والوئام٬ معتبرة أن ما تفرقه السياسة قد يجمعه الفن. وهذا ما لمسته عن قرب الفنانة المغربية المتألقة عندما وقفت على خشبة متحف سميثسونيان بواشنطن دي سي٬ حيث أحيت في ختام جولتها الأمريكية٬ حفلا فنيا ساهرا قدمت فيه باقة من أعمالها الخاصة المغربية العربية والصوفية٬ إلى جانب الموشحات العربية المشرقية٬ رفقة التخت الموسيقي العربي٬ تحت إدارة حانا خوري. واستطاعت كريمة الصقلي أن تحلق على مدى ساعتين من الزمن بالجماهير الغفيرة التي تقاطرت على متحف سميثسونيان٬ عاليا في سماء عالم الفن العربي الأصيل. وكان للأغاني الطربية التي أدتها بصوتها العذب الصافي وقع كبير على الجماهير الأمريكية والأجنبية وكذا أفراد الجالية المغربية المقيمة بالولايات المتحدة٬ التي تفاعلت بشكل رائع مع إبداعات الفنانة المغربية. وتستلهم كريمة الصقلي من نصوص التراث القديم والأغنية العصرية مادة ثرية تنعش عبرها الخزانة الموسيقية العربية٬ فضلا عن اشتغالها على تنويع الأغنية المغربية وتحديثها من خلال إضفاء لمسة فنية متميزة يمتزج فيها صوتها العذب بشكل راق مع الآلات الموسيقية والألحان الجميلة. وسطع نجمها سنة 1999 بعد أدائها لأغاني الراحلة اسمهان في عدد من المهرجانات المحلية والعربية والدولية وبدار الأوبرا. كما رافقت كبار العازفين والمطربين مثل نصير شامة٬ ولطفي بوشناق٬ ومارسيل خليفة٬ والملحن وعازف العود المغربي سعيد الشرايبي الذي كونت برفقته ثنائيا مبدعا٬ ومن أشهر أغنياتها "أغار" وهي قصيدة للشاعر السعودي محي الدين خوجة وألحان المطرب المغربي نعمان الحلو. هكذا استطاعت كريمة الصقلي٬ التي يمكن اعتبارها امرأة من زمن الالتزام٬ أن تشق طريقها بسلاسة وهدوء٬ بعيدا عن أضواء الكاميرا والكليبات العصرية٬ إلى قلوب جميع المغاربة والعرب من عشاق الطرب والفن الأصيل٬ لترسخ اسمها عن جدارة واستحقاق في سجلات الأغنية العربية الأصيلة. *تعليق الصورة: المطربة المغربية كريمة الصقلي.