أكد وزير الداخلية المغربي محند العنصر، أنه لا يخرج عن القانون شبراً، وأن رجاله يماثلون في انضباطهم وحسن تعاملهم مع الشعب نظراءهم الأميركيين والفرنسيين. وفي حديث الى «الحياة»، أكد الرجل القوي في حكومة الإسلاميين الائتلافية في المغرب، أن بلاده مستعدة لدفع ثمن تحالفها القوي مع الخليجيين، خصوصاً إذا ما تعلق الأمر بأي هجوم إيراني أو تهديد أمني يتعرض له الخليج. ورأى أن البلايين التي أعلنت وسائل الإعلام أن العاهل المغربي عاد بها من الخليج ليست كذلك، بل هي قيمة مشاريع استثمارية تدارسها الفريقان بعناية، وأنها ليس «هبات»، مشيراً إلى أن الجولة التي قام بها الملك المغربي كانت توطيداً لعلاقات وثيقة بين المغرب وإخوته في الخليج، وأن الأموال الخليجية شاركت في مشاريع استثمارية حيوية من قبل في بلاده مثل الطرق والسياحة والعقار. وحول ملف انضمام المغرب إلى مجلس التعاون، أكد العنصر أن المغرب لم يتردد في قبول الدعوة الخليجية، ولكنه طلب تنفيذها بالتدريج، خشية أن يحرج نفسه أو تُحرج دول في المجلس كانت تتحفظ على العرض الذي قُدم له. وقال: «ما حصل هو أن المغرب عندما توصل لهذا العرض من الإخوة في دول الخليج، قدر هذا العرض حق قدره، وتفهم أن هذا يعني امتيازاً بالنسبة للمغرب وللمملكة الأردنية، ولكن سياسياً لا بد أن نفكر في الجدوى، فالمغرب ضمن اتحاد إقليمي آخر». وحول علاقة التقارب الخليجي والمغربي الجديد بالأزمة في سورية، قال العنصر ل«الحياة»: «أعتقد أن هذا الشعور في التقارب بين الخليج والمغرب كان حتى قبل الحرب في سورية والأحداث الأليمة التي تقع فيها، وربما كذلك ما وقع في مصر وليبيا وتونس. فما وقع في سورية لا شك في أن له تأثيراً، لكنه ليس الأساس، لأننا لا نريد أن يمتد عدم الاستقرار والحروب المنطلقة من خليط ديني وعرقي وسياسي محض إلى تلك المنطقة التي هي الآن مستقرة وآمنة، وتعطي صورة للنمو والتقدم العربي. وهنا نص الحوار: قبل أسبوع كان الملك محمد السادس قاد جولة قد تكون الأولى من نوعها له في منطقة الخليج، وهي جولة وصفتها الصحافة المغربية ب«الناجحة»، لماذا هي كذلك إذا صح هذا القول؟ - العلاقات بين المغرب والخليج ليست جديدة، وإنما هي قديمة وأخوية، وإن لم تكن تأخذ طابعاً رسمياً دائماً، فإن هناك دائماً زيارات متبادلة بين المغرب والخليج، لكن هذه المرة أعتقد أن الملك محمد السادس أراد أن يعطيها هذه الصبغة الرسمية، أولاً للرد على الزيارات الخليجية السابقة، خصوصاً من جانب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله عبدالعزيز الذي يعتبر المغرب بلده الثاني. وثانياً لأن هذه الزيارة جاءت في ظرف خاص من الناحية السياسية، نظراً لما يقع في سورية والمنطقة العربية، كما تأتي في ظرف خاص بالنسبة للمغرب أيضاً، بهدف إعطاء نفس جديد للعلاقات الاقتصادية بين المملكة المغربية ودول الخليج، وهي علاقات موجودة من قبل بطبيعة الحال عبر الوجود السعودي والإماراتي والقطري والكويتي، ولكن لا بد من إعادة التقويم والبحث عن وسائل جديدة لتقوية هذه الاستثمارات الخليجية في المغرب. هناك من يعطي للجولة المغربية بعداً آخر، فيراها تحولاً جديداً في الرؤية السياسية المغربية، إذ يقال إن المغرب كان في السابق يعتمد في تنميته وعلاقاته الاقتصادية على جيرانه الأوروبيين، ثم اكتشف بعد أزمة الكساد الأوروبية أن أشقاءه في المشرق أكثر استعداداً للوقوف بجانبه؟ - لا بد أن نقر بحقيقة في هذا الميدان هي أن المغرب منذ عقود يسعى إلى تنويع مصادره التنموية، ولكن صحيح أن الذي أشرت إليه مسار تاريخي، ففي وقت ما كانت فرنسا هي الركيزة الأساسية للتجارة المغربية استيراداً وتصديراً واستثمارات، ثم وقع التوسع مع دول أوروبية أخرى وأميركا، ولكن الحقيقة أن هذا التنوع مع الغرب لم يؤثر يوماً في العلاقة مع المشرق. صحيح وهذا نعترف به أنه حتى بعيداً عن الاستثمارات، كانت هناك إعانات من الإخوة في المشرق للمغرب بسخاء، عندما كان المغرب يمر بأزمة حرجة في الثمانينات والسبعينات في حالات معينة، فكانت هذه العلاقات قديمة، وتطورت تلك الخطوة من إعانات إلى مشاريع ذات جدوى للطرفين معاً. إذاً ما يقال بأن العلاقة بين الخليج والمغرب، هي «حب من طرف واحد» هو الخليج غير صحيح؟ - بالطبع غير صحيح، لأن المغرب إذا لم يكن موجوداً من الناحية الاقتصادية بسبب ظروفه التي لا تسمح له بالقيام بمثل ما يقوم به الخليجيون، فإن تعبيره عن حبه على الصعيد الاجتماعي والثقافي والعسكري والأمني والتدريبي موجود ولا يمكن أن ينكر. والخليجيون لديهم شواهد على ذلك، وحفظوا ذلك للمغرب كما أشار الأمير خالد بن سلطان مثلاً في كتابه «مقاتل من الصحراء» إلى دور خاص للمشاركة المغربية في حرب تحرير الكويت بكتيبة ذات خبرة واحتراف قتالي عال، ولكن على الصعيد الأمني، بما أنك وزير داخلية ماذا يمكنك أن تطرح لنا من أمثلة؟ - هناك تعاون وثيق وعميق في المجالات الأمنية من حيث تبادل التجارب والخبرات، سواء من المغرب أو من الخليج، هناك في الماضي والحاضر بعض رجال الأمن المغاربة ممن يقومون بالتدريب في الخليج في شؤون الأمن، والمغرب نظراً لقوته الأمنية يقوم بدور بارز على هذا الصعيد، وبين حين وآخر تكون هناك طلبات لتوظيف عناصر مغربية من مواطنين مغاربة في الميدانين الأمني والديني. بما أنك أثرت هذه الجزئية، ما حجم التنسيق بين السعودية والكويت في محاربة التطرف؟ - سياسات المغرب في هذا المجال واضحة، وهي منذ أن ظهر الإرهاب والمغرب يدين ويقاوم ويتصدى له، وهذا ما جعل المغرب في سنة 2003 يسن قانوناً خاصاً لمحاربة الإرهاب، الذي أثار انتقادات في ذلك الوقت، لأنه بشكل عام يخرج عن القاعدة العامة المألوفة، لكننا نؤمن بأن التطرف يجب أن يحارب بحزم وبوسائل قانونية خاصة، ومن هذا المنطلق فسياسة المغرب في هذا الإطار تتركز في تبادل المعلومات مع جميع الدول الصديقة، خصوصاً السعودية، لأن الإرهاب بالفعل لا وطن له ولا دين، فما يمكن أن نصاب به، يمكن أن تصاب به السعودية، والعكس صحيح، ولذلك فالسياسة الوقائية أهم من السياسة الجزرية، لأنه عندما تقع الحادثة، فإنها تكون وقعت بجميع إفرازاتها وأضرارها، ولهذا في إطار الوقاية الكل يعلم أن المخابرات والأخبار والتتبع ومعرفة التحركات مهتمة بذلك، خصوصاً أن الإرهاب أصبح شبكات ومجموعات موجودة في بلدان عدة. وفي هذا الميدان هناك تعاون وثيق بين المغرب والسعودية ودول أخرى في المشرق. البلايين التي عاد بها الملك محمد السادس من الخليج إذا ما اتفقنا على أنها استثمارات، ماذا يمكن أن تعود به على الخليج، حتى لا يقال إنها صدقات كما يتوهم البعض؟ - أعتقد أن الملك محمد السادس لم يعد من زيارته ببليونات ولا مئات الملايين، وإنما عاد بمشاريع ستدرس، قدمت للإخوة في السعودية في مجال الطاقة والفلاحة والصحة، وهي مشاريع مدروسة وجاهزة، ولكن يجب تقويمها من جانب المستثمرين في هذه الدول، ولا شك في أنه ستكون هناك اجتماعات ولقاءات حولها، بمعنى إذا لم تكن الجدوى الناتجة منها غير مقنعة للمستثمر، فإنه لن يدخل فيها. وهل لهذا الزخم الجديد من التعاطي السياسي بين المغرب والخليجي علاقة بشعور الفريقين بالخطر المحدق جراء الوضع في الإقليم وسورية؟ - أعتقد أن هذا الشعور في التقارب بين الخليج والمغرب، كان حتى قبل الحرب في سورية والأحداث الأليمة التي تقع فيها، وربما كذلك ما وقع في مصر وليبيا وتونس. فما وقع في سورية لا شك في أن له تأثيراً، لكنه ليس الأساس، لأننا لا نريد أن يمتد عدم الاستقرار والحروب المنطلقة من خليط ديني وعرقي وسياسي محض إلى تلك المنطقة التي هي الآن مستقرة وآمنة، وتعطي صورة للنمو والتقدم العربي، وهذا يؤدي إلى تقوية الروابط والشعور بضرورة التقارب أكثر وفهم الوضع أكثر. ولكن هل أنتم بالفعل تشعرون بخطورة ما يجري في سورية بالمستوى الذي يشعر به الخليج، بمعنى أن رؤيتكم على رغم البعد الجغرافي متوازية مع الرؤية الخليجية للثورة في سورية، لدرجة أنه لو تم الاتفاق على قوة عربية مقاتلة لشارك فيها المغرب مثلاً؟ - لا، هذا لم يناقش، ولكن كيفما كان، فنحن على مستوى التفكير نفسه مع الخليجيين، على رغم بعد المغرب الجغرافي، ولكن عندما نرى أن الأمور لم تستقر بعد في ليبيا ولا في تونس ولو بأقل حدة، فلا بد أن نفكر في هذا كله، ولا بد أن يوضع حد لهذه الحرب في سورية بسرعة، فمع الأسف وصلت الأمور إلى حد لم يبق معه مجال للتفاوض أو المصالحة، وهو ما كنا نسعى للوصول إليه مبكراً، أما بعد تفاقم الأمر إلى هذا المستوى، فإن ما يجري قد يفجر سورية والدول المجاورة لها، ولهذا أعتقد أن الإحساس بخطر ما يمكن أن يؤدي إليه عدم استقرار المنطقة ضروري، فنحن نشعر بالخطر، ولا بد من تبادل وجهات النظر وتوحيد المواقف، وهذا حاصل. تحدث المصريون وهم الدولة العربية الأكبر عن أن أمن الخليج خط أحمر، خصوصاً في ما يتعلق بالتهديدات الإيرانية، بالنسبة لكم وأنتم الحليف العسكري الأهم للخليج بعد مصر عربياً، كيف تنظرون إلى الخطر الإيراني على الخليج كما يروّج؟ - المغرب دائماً إلى جانب دول الخليج في ما يتعلق بمشكلاتهم مع إيران، وهذا عبر عنه المغرب عندما وقعت مشكلة بين البحرين، وكذلك الإمارات مع إيران. كان المغرب سباقاً، وربما دفع ثمن تلك المواقف غالياً بعض الأحيان، لأن هناك من لا يتفهم. ولكن هذا يأتي من روح التضامن والتوافق بين المغرب والخليج، وأيضاً جراء المخاطر التي قد تطرأ على تلك المنطقة إذا ما وقع لا قدر الله أي انفجار فيها، لهذا نحن بالطبع لا يمكن أن نتدخل في شؤون دول الخليج، لكن مشكلتنا مع إيران قائمة، وهي تشجيع التشيع في المغرب وكذلك بعض الأفعال، ولا ننسى أن مشكلة التطرف الأساسية، أحببنا أم كرهنا، هي مرتبطة بالصراعات الدينية والطائفية، فالمغرب ولله الحمد لم يكن يعرف هذه الحروب الطائفية، فنحن لا نريد تغلغلاً لهذه الطريقة على طريقة مآرب دولة مثل إيران. في ما يتصل بعلاقة المغرب بالخليج، هل سيكون هناك أي امتياز للعمال المغاربة، بعد خطوات التفاهم القائمة والتطور الجديد في العلاقة، خصوصاً أن الخليج يستقدم سنوياً مئات الآلاف من الأجانب، والمغرب يعاني من تصاعد أرقام البطالة فيه؟ - هذا ما نسعى إليه، لأنه لا يمكن أن نفكر في الإدماج أو نحوه، ولا يكون الوضع مميزاً للمواطن المغربي، صحيح نحن نقر بأن علاقتنا مع الخليج حتى قبل هذه المرحلة كانت مميزة ونوعية، ولكننا نطمح لأن يعطى المواطن المغربي امتيازاً في دول الخليج، بدرجة قريبة لمواطني الدول نفسها. العرب في الدول المغاربية اعتبروا آباء ما سمي بالثورة، فكان التوانسة الذين أسقطوا ابن علي المثل الأعلى لكل الذين ثاروا على أنظمتهم حتى اليوم، بالنسبة لكم في المغرب، كيف تنظرون إلى هذا التحول، بعين الإعجاب أم التخوف من استحقاقاته؟ - هذا السؤال سيدخلنا إلى حديث فلسفي، وجميع الثورات والتغييرات تقع في بعض الأحيان بسبب حادثة عابرة لم يتم التفكير فيها، ولدي اليقين بأن المواطن التونسي الذي أحرق نفسه لم يكن يفكر هو أو غيره في إحداث ثورة، لكن كيفما كان الحال فإن الذي يجب أن نراه هو أن هذه الثورات إذا صح أن نسميها ثورات لها إيجابيات وسلبيات. ومن إيجابياتها أنها كانت نوعاً من الصدمة، التي أيقظت بعض الأنظمة التي كانت إما خارجة عن السياق أو لها منظور آخر، وهذا ما حدث مع إزالة ابن علي والقذافي وحسني مبارك وعلي عبدالله صالح. ولكن يجب ألا ندع تلك الإيجابيات تغطي على السلبيات التي نعيشها، وهذا في نظري طبيعي لأن في جميع الثورات، عندما تقع مصادفة هكذا، لا يفكر القائمون عليها في كيفية تدبير ما بعدها، وربما هذا الذي حصل، ولذلك نرى بعض الدول لم تستقر بعد، واقتصادها تأثر كثيراً، وحياة مواطنيها تعرضت للأزمة، وهذا لا يعني أنه يجب الرجوع إلى ما كان عليه الوضع. وماذا عن المغرب؟ - المغرب ولله الحمد بطبيعة نظامه والإصلاحات التي بدأت فيه منذ التسعينات وفي أواخر الثمانينات مع الملك الراحل، وتسارعت في هذه الألفية، ربما كل هذا ما جعل المغرب عندما وقع ما وقع في الشارع لم يكن مصدوماً مثل غيره في تونس وليبيا، إذ كان الأمر طبيعياً، فالاحتجاجات في الشارع كانت موجودة واعتيادية حتى قبل 2011، أضف إلى ذلك أن المغرب وقع منه الإصغاء والاستجابة بسرعة إلى عدد من المطالب التي كانت هي الأساس. على هذا رأى البعض أن المغرب اخترع «الوصفة» المنقذة من فيضان الثورات العربية؟ - بالفعل، فيما البعض لا يتفهم، ويرى أن الدولة لم تستجب للمطالب بما يكفي، ولكن نحن قناعتنا بأن الإصلاح لا يأتي إلا تدريجياً، لأنه إذا لم يتماش مع متطلبات المجتمع، فلا فائدة منه، ولكن هناك مجموعات لا يرضيها أي شيء، لأن لها منظوراً آخر وهو تغيير النظام كلية، ولكن الحمد لله أن هذا ليس منظور المغاربة، الذين عبّروا عن رفضهم له في الاستفتاء الأخير وفي جميع المناسبات، ولهذا أعتقد أن ما هو صعب في المنطقة العربية بأسرها هو كيف يتم استرجاع الاستقرار في الدول التي سقطت أنظمتها وعدم خلق الفوضى، وكيف يمكن أن نذهب إلى الإصلاحات. ولكن إيصال تلك الثورات الإسلاميين إلى السلطة ليس مما يقلق الأنظمة التي لم تحدث فيها الثورات؟ - وصول الإسلاميين إلى السلطة ليس مشكلة أبداً، وتجربة المغرب تطرح مثالاً في هذا، فالانتخابات الشفافة أتت بالإسلاميين في المقدمة، ولكن ليست لهم الأغلبية المطلقة، وبإمكان بقية الأحزاب الممثلة في البرلمان تكوين أغلبية من دون الإسلاميين. يذكر عدد من المحللين أنكم (حزب الحركة الشعبية) استخدمكم الإسلاميون لإنجاح مشروعهم في الحكم، على رغم أنكم حزب ليبرالي تختلف أيديولوجيته السياسية مع تلك التي ينطلق منها حليفكم اليوم في «العدالة والتنمية»، هل هذه ردة عن خط الحزب أم ماذا؟ - نحن شرعيون نؤمن بالدستور وبمساره للمغرب، وأردنا أن يكون التطبيق عملياً، فحزب العدالة والتنمية جاء الأول، ولا يمكن أن نحرم عليه موقعه في الانتخابات ولا حقه في تشكيل الحكومة، وبالفعل كان ممكناً أن نرفض نحن أو أي من الحلفاء الآخرين، ولكننا اعتبرنا أن هذه تجربة تطبق الدستور، وثانياً تجربة تمنحنا فرصة إبراز أن الإسلاميين ليسوا جميعاً متطرفين، وأن بوسعهم أن يكونوا حكاماً لهم مرجعية دينية مثل بعض الأحزاب في أوروبا، وبالنسبة للديموقراطية نحن نريد لهذه التجربة أن تنجح، حتى نزيل تلك الصورة القاتمة بأنه عندما يفوز فريق إسلامي في الانتخابات، فإنه سيكون سلفياً يقوّض مبادئ الديموقراطية والحريات العامة، فمشاركتنا من باب إنجاح التجربة، لكننا لا نقبل بأن تكون على حساب اختياراتنا الأساسية، طبعاً عندما تكون هناك حكومة تحالف، لا بد من بعض التنازلات، لكن ما هو من الثوابت لدينا مثل الدفاع عن اللغة والثقافة الأمازيغية والتنمية القروية لا نريد بتاتاً أي مساس به. نحن ليبراليون صحيح ونحن مشاركون حتى مع حزب شيوعي سابق، والآن هو أقرب ما يكون للاشتراكية، ومع حزب محافظ، ولكن نوعية التحالفات السياسية تفرض هذا، أضف إلى ذلك ولنكن صرحاء أن جميع الحكومات في العالم تطبق مبادئ الليبرالية في الحكم في السوق الحرة والمبادرة الحرة، بحسب قوة هذا التيار أو ذاك، ولكن الكل ذاهب في الاتجاه الليبرالي. يقال إن حقيبة وزارة الداخلية تحديداً كانت مشروطة من جانب الملك ألا تكون من الإسلاميين، هل هذا صحيح؟ - لا أعرف كيف يفكر الملك، لكنني لا أعتقد أن الإسلاميين ممنوعون من أية وزارة في الدولة، فهم يسيّرون وزارات العدل والمالية والخارجية وهي وزارات مهمة، وليس عندي أي دليل على أنهم ممنوعون من شيء. يتهم بعض الليبراليين في المشرق العربي تحديداً الإسلاميين بأنهم ديموقراطيون فقط لأجل الوصول إلى الحكم، ولكنهم عندما تكون الأمور في أيديهم لا يحترمون اللعبة الديموقراطية ما وسعهم ذلك، وأنت على رأس حزب ليبرالي حليف للإسلاميين، كيف وجدتهم؟ - خلال تسعة أشهر جمعتنا بهم في السلطة، فإنهم لا يقلون ديموقراطية عن أي حزب آخر اشتركنا معه في السلطة في وقت سابق. ولا أحدثك هنا إلا عن الواقع، ولكننا أمام حكومة مدتها خمس سنوات، علينا أن نراقب هل سيتغيّر الوضع أم لا، ولهذا قلت في البداية بين الأسباب التي دفعتنا للدخول في التحالف، محاولة إنجاح التجربة، وربما إعطاء برهان على أن حزباً ذا مرجعية إسلامية يمكن ألا تطغى مرجعيته تلك على تعامله مع الشأن العام، ولم لا؟