يتراءى من التصريحات المتوالية للديبلوماسي الأميركي كريستوفر روس أنه بصدد إعداد تقرير سيقدمه لمجلس الأمن في 28 نوفمبر. وقال إن ذلك التقرير سيكون نتيجة قراءته لتجربة خمس سنوات من "المفاوضات" الفاشلة. إذ أجريت كما قال 4 جولات من الاتصالات في عهد سلفه، و9 جولات أشرف عليها بنفسه، دون التوصل إلى شيء ملموس. ومعلوم أن محور تلك الاتصالات كان هو البحث عن "حل سياسي دائم وعادل متفاوض فيه ومقبول من الطرفين". وكانت مادة الحوار هي مشروع الحكم الذاتي. والربط بين الفشل والمقترح المغربي قد يوحي بأن روس بصدد تحضير شيء جديد. والواقع أن المقترح متوقف منذ 2004. فلا المغرب طبقه، ولا الجزائر ساعدت على تقدم التفاوض بشأنه. بينما تكتفي دول "فريق الأصدقاء" بأن تكرر في كل سنة أنها ترى في مقترح المغرب مقترحا جديا وواقعيا يصلح أساسا للتفاوض. وتنص تقارير الأممالمتحدة وتوصياتها على أن ذلك يندرج في تطبيق القرارت الدولية التي يتحقق بها تقرير المصير "لشعب الصحراء الغربية ". إذن يوجه القمح دائما إلى عين الرحى. أي أن هناك خطا مرسوما تدور فيه مساعي الأممالمتحدة. وهو ما يعرف بالمشروعية الدولية. وفيها دار مخطط التسوية الذي أعده دي كويليار، ثم المقترحات التي أعدها بيكر، والآن ومنذ 2004 " الحل السياسي الدائم والعادل ". ولعلنا نوجد في مرحلة جديدة. أو هذا هو قرار السيد روس. وقد كرر طيلة جولته أن المرحلة الأخيرة شكلت مسلسلا فاشلا. وهو ما دعاه إلى تنظيم جولته في المنطقة على نحو يشعر الأطراف المعنية والمهتمة بأنه لابد من شيء عملي على الأرض. وليس في وسعه أن يستنبط شيئا خارج المرجعية الأممية التي تتألف من "التوصيات الدولية". وحينما نطق بعبارات ربما تدل على ما يفكر فيه، تحدث عن "معاناة " الأسر الصحراوية المشتتة. ولهذا فهو يركز على حقوق الإنسان، لأنه ربما يرى أن توسيع صلاحيات المينورسو هو الوسيلة التي يمكن أن تؤدي إلى تمديد مهمة "الوساطة" وإطالة حياة الملف بدلا من تصفيته، بالذهاب قدما نحو الحل الواقعي الوحيد الممكن. إذن يمكن أن نستنتج أولا أن الرجل يحضر لتحرك جديد. وأن هذا التحرك ربما يستهدف " التخفيف من معاناة اللاجئين ". ويبقى في المحبرة أدب غزير عن القضية الصحراوية فيه ما يشنف أسماع كل أصناف السامعين. وهو لم يكتف بالاستماع إلى "الطرفين" بل وسع اتصالاته كما قلنا لتشمل كل الأطراف في المنطقة والدول المهتمة في "فريق الأصدقاء". أي أن التحرك الجديد الذي هو بصدد الإعداد له سيكون حائزا لتوافق إجمالي للدول التي تحرر تقارير بان كي موون. - وبما أن الأمر يبدو قريبا، تفصلنا عنه ثلاثة أسابيع، ( 28 نوفمبر) فإن المغرب يجب ألا يفاجأ. ويجب أن يتولى هو المبادرة، ولا يتركها لروس أو لغيره. وهذا ما حرصت على قوله في برنامج " وجهت نظر " للزميل العوني يوم عيد المسيرة، وعبرت عن جملة نقاط اقترحت أن تشكل جوهر تحركنا. وأرى أنه يجب أن تحشد فرق البحث وتعبئة الجهود من أجل إعداد خطة تهدف إلى أن تفرض على جميع الأطراف التفكير - بالأولوية – في مشروع الحكم الذاتي، المقترح على الأممالمتحدة، والمتطابق مع الجهوية الموسعة التي ينص عليها الدستور. - ويجب بالتالي إيقاف العبث بالمساطر الدولية الذي يتم على صعيد الأممالمتحدة، والحال أن المادة 12 من ميثاق الأممالمتحدة تحرم على أي جهاز في المنظمة أن يشتغل بملف يمسكه مجلس الأمن، وهو الحال الذي توجد فيه مسألة الصحراء منذ 1988. من المعروف أن ملف الصحراء هو من تلك الملفات التي تفتح لكي لا تقفل. ويطيب للدول الكبرى أن تستعمل الملف المذكور لابتزاز المغرب تارة و الجزائر تارة أخرى، ولانتزاع صفقات وتنازلات في كل اتجاه، بعد ما أصبح الملف يشكل منجما غنيا بإفراز توترات من كل نوع. وبكل تأكيد فإن الولاياتالمتحدة وفرنسا وإسبانيا تستخدم كل الإمكانات التي يحتضنها هذا المنجم. - يجب أن يتوقف هذا السيل من اللجان الزائرة والبعثات التي تقوم بسياحة فاخرة على حساب المغرب لإعداد تقارير تبرر بها مئات الدولارات التي تنفق عليها تلك اللجان والبعثات. فما أن استقبلنا الهيومن رايت وتش، حتى زارنا المقرر الأممي عن التعذيب. وهاهو الكلام يتردد الآن عن زيارة سيقوم بها المقرر الأممي عن حرية التعبير، الذي سيحدد موعد مداهمتنا في الوقت الذي سيحلو له. وكل هذه البعثات تركز النظر على الأقاليم الجنوبية بوجه خاص. فهل نسمح بأن تبقى أرض المغرب مستباحة لأن لوبيات معينة قررت تنشيط هذا النوع من السياحة، كما كانت تصنع وفود كانت تاتينا من كنارياس. - يجب أن نفرض على الأممالمتحدة أن تشغل مساطيرها المتعلقة بإحصاء اللاجئين الموجودين في تيندوف، بمقابلات فردية مع اللاجئين، وبدون حضور ممثلين من البوليزاريو ولا من الجزائريين. هكذا طبقت المسطرة في كل أنحاء العالم إلا في تيندوف. وقد آن الأوان لأن يرتفع هذا الاستثناء. نحن نطالب بهذا مند 1999 فلماذا نسمح بتأجيل تطبيق ملتمس المغرب الذي يتطابق كلية مع لوائح الأممالمتحدة. - كما يجب أن نحاصر الدول المانحة والهيئات الإنسانية بشأن الأموال التي تغدقها على البوليزاريو ونطرح السؤال عن مصير الأموال التي تتلقاها البوليزاريو. وهل يسمح لتلك بأن تذهب إلى مشروع لبناء البرلمان في تيفاريتي، ولتنظيم استعراضات عسكرية حاشدة لتسلية السينمائيين الإسبان في السفاري الذي ينظم بانتظام إلى رابوني وما جاورها. يجب ألا ننتظر تقرير روس. يجب أن نسترجع المبادرة فيما يخص مصيرنا ونترك للغير أن يقوموا هم بردود الفعل. ويجب فعلا أن تحتل القضية الصحراوية مرتبة الأولوية، بدلا من الخزغبلات التي تملأ الحياة الوطنية بالتلاعب بالخريطة السياسية، وبدلا من البهلوانيات التي تترك جانبا الأمور الحيوية التي تمس مصير الشعب المغربي، لتتركز على تمييع الحياة الوطنية. 6 نوفمبر 2012