لم يكتف وزير الدفاع الفرنسي السابق، جيرار لونغي، بالقذارة ''ذراع الشرف'' التي كشفتها كاميرات قناة ''بوبليك سينا''، وهو يردّ على وزير المجاهدين محمد شريف عباس، الذي طلب اعتذارا صريحا من فرنسا للجزائريين على جرائمها الاستعمارية، بل قال، بكل وقاحة، والجزائريون يحتفلون بالذكرى ال58 لثورة أول نوفمبر الخالدة، بأنه ''لا يجب على فرنسا أن تخجل من وجودها في الجزائر خلال الفترة الاستعمارية. على كل حال هذا رأيي''. وهو ما يعني أنه يزكّي جرائم النازية التي ارتكبها الجيش الفرنسي ضد الجزائريين، طيلة تلك الحقبة المظلمة والظالمة. ومع سبق الإصرار، أعلن وزير الدفاع السابق تمسّكه بفعلته القبيحة، التي كانت مقصودة ولم تكن مجرد هفوة، بحيث قال، في تصريح لصحيفة ''ليكسبريس''، بأن ''إعادة التاريخ، بعد 182 سنة، لا يسمح بالمضيّ قدما''. وهي دعوة منه إلى الجزائريين للتنكّر لماضيهم التاريخي والقفز عليه، إن كانوا يحرصون على بناء علاقات بين البلدين. أبعد من ذلك أشار جيرار لونغي، المتشبّع بالفكر الكولونيالي: ''أتمنى علاقة هادئة بين فرنساوالجزائر. لكن هذا يبدو من المستحيل، إذا كنا في كل مرة نلتقي نعيد إجراء محاكمة لحالة الاستعمار''، أي أن وزير ساركوزي للدفاع يطلب من الجزائريين طيّ الصفحة كليا، والتخليّ عن محاسبة فرنسا الاستعمارية عن جرائمها طيلة 132 سنة، التي قال عنها المؤرّخون بأنها ارتكبت فيها جرائم ضد الإنسانية في حقّ الجزائريين من قبل جنرالات فرنسا وجنودها. ولم يتملّك الخجل نائب الاتحاد من أجل الأغلبية الشعبية، بل أخذته العزة بالإثم إلى درجة جعلته يقول بأنه ''لا يوجد إلا الناس عديمو الشخصية من لا يتفاعلون مع هذه الأمور''، وهو سلوك يعبّر عن حنين إلى ''الجزائر الفرنسية''. وتكشف هذه القذارة لأحد وزراء ساركوزي أن اليمين في فرنسا يريد، بكل الوسائل، ''نسف'' التحضيرات الجارية لزيارة الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، الرسمية إلى الجزائر، الذي بادر بخطوة الاعتراف بالقمع الدموي للجزائريين في أحداث 17 أكتوبر 1961 بفرنسا، ودعا أول أمس، في برقية تهنئة للرئيس بوتفليقة بمناسبة عيد الثورة، لإقامة حوار سياسي ''مفتوح'' و''بنّاء'' مع الجزائر في هذه السنة، التي تصادف إحياء الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، معربا، كما يقول، عن ''ارتياحي للحيوية المتجدّدة لعلاقاتنا التي تنعكس من خلال المجالات المتعدّدة التي يتعاون فيها بلدانا''. واعتبر الرئيس الفرنسي، يقول، أن ''الزيارات الوزارية الأخيرة المتبادلة بين بلدينا، وكذا آفاق زيارة الدولة المقبلة، التي سأجريها إلى الجزائر، تندرج ضمن الطموح الأكيد للتوجّه نحو المستقبل، بغية توطيد صداقة مستديمة بين وطنينا''. وزير المجاهدين يتحدّث عن عدم تحقيق حلم الشهداء بوتفليقة يتلقّى التهاني بمناسبة أول نوفمبر تلقّى رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، بقصر الشعب بالجزائر العاصمة، التهاني بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال58 لاندلاع ثورة أول نوفمبر 1954 المجيدة، من الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة، السيد علي كافي، في غياب، على غير العادة، الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، الذي وافته المنية يوم 6 أكتوبر الفارط. كما تلقّى رئيس الجمهورية التهاني من مسؤولين سامين في الدولة وكبار ضباط الجيش الوطني الشعبي وأعضاء الحكومة وشخصيات تاريخية ووطنية، ومن مجاهدين ومجاهدات، وكذا من ممثّلي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني وإطارات الأمة، إلى جانب وجوه ثقافية وعلمية ورياضية معروفة، وممثلين عن السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر. وأكّد وزير المجاهدين، السيد محمد الشريف عباس، بالمناسبة، أن الجزائر قطعت، منذ استرجاع السيادة الوطنية في 1962، أشواطا ''كبيرة جدا'' في مسيرة البناء والتشييد. وأشار الوزير، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، على هامش حفل تقديم التهاني لرئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى ال58 لاندلاع ثورة أول نوفمبر 54 بقصر الشعب، إلى أنه ''لا يمكننا أن نقول إننا بلغنا الهدف الذي كان يحلم به الشهداء، ألا وهو بناء دولة عظيمة وكبيرة وقوية، بكل ما تحمله الكلمة من معان''. وأوضح أن الجزائريين ''يحتفلون بهذا اليوم وهم شامخو الرؤوس، والجزائر في مصاف الدول المحترمة التي لها مكانتها في العالم''. مصدر مأذون من وزارة الخارجية يردّ على وزير الدفاع الفرنسي السابق ''لنترك جيرار لونغي في مزبلة عصابات الجمهورية'' قال مسؤول جزائري رفيع، ردا على الإشارة القبيحة لوزير الدفاع الفرنسي السابق، جيرار لونغي، على قناة ''بوبليك سينا'' التلفزيونية، بأن ''هذه الإشارة العار هي سمة مميزة لهذا الشخص، صاحب الحنين ل''الجزائر الفرنسية''، سيئة الجانب وفاشية. إننا كجزائريين فخورون وأحرار. لا يمكن إلا أن يجد لدينا الشجب والازدراء، إنه لا يستحق أكثر من ذلك. لنتركه إذن في بيئته الطبيعية: في مزبلة عصابات الجمهورية''. عبد الرحمن بلعياط عضو المكتب السياسي للأفالان ''لونغي من الذين لا ينظّفون من الفكر الاستعماري'' قال عبد الرحمن بلعياط، ردا على الإشارة القبيحة لوزير الدفاع الفرنسي السابق، جيرار لونغي، بأن ''من يتصرّف هكذا، يدل على عجزه الذهني والسياسي''. ولم يتفاجأ بلعياط من ذلك، لأن جيرار لونغي، كما أوضح، يعتبر من الذين لا ينظّفون من الفكر الاستعماري والحنين إلى الجزائرية الفرنسية''. وذكر بلعياط، في تصريح ل''الخبر''، أن مثل هذه الأمور ''لا تُسمن ولا تُغني من جوع، ولا تمسح عن فرنسا جرائمها الاستعمارية. ومن يعتقد، مثل لونغي، بأن الاستعمار يستحق الثواب فنتمنى له أن يُستعمر ويُذيق شعبه هذه المصيبة''. وبالنسبة لعضو المكتب السياسي للأفالان فإن ''الجواب قدّمه الرئيس فرانسوا هولاند إلى جيرار لونغي وأمثاله، عندما اعترف بمجازر 17 أكتوبر، وهي شجاعة أدبية وسياسية، لكنها غير كافية لتغفر مصائب الاستعمار، لكنها تعطينا أملا بأن من يتعامل معنا عليه ألا يستمر في مواقف لونغي..''. الأمين العام لمنظمة أبناء الشهداء الطيب الهواري ''الاستعمار تلميذ غبي ويبقى غبيا'' أعربت المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء عن تنديدها، بشدّة، واستنكارها لما صدر من تصرّفات غير أخلاقية عن وزير الدفاع الفرنسي السابق، جيرار لونغي. وقال الطيب الهواري، في تصريح ل''الخبر''، بأن الاستعمار تلميذ غبي ويبقى غبيا بتصرّفاته وحقده على هذا الشعب الأبيّ وثورته العظيمة التي أعطته درسا. ولم يهضم هذا الانهزام الذي كبّده إياه شهداؤنا البواسل ومجاهدونا الأشاوس. على فرنسا، آجلا أو عاجلا، أن تعترف، طال الزمن أو قصر. وسنسعى، جيلا بعد جيل، حتى لو بقي جزائري واحد فوق هذه الأرض، إلى مطالبة فرنسا بالاعتراف والتعويض عن جرائمها النكراء في الجزائر''. رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جان بيار بيل مستاء لما قام به ''لونغي يساهم في الحفاظ على حرب الذاكرة'' أعرب رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، الاشتراكي جان بيار بيل، أمس، في بيان له، عن استيائه بعد الإجراء الفظّ والمهين الذي وجّهه جيرار لونغي إلى السلطات الجزائرية. ويرى جان بيار بيل بأن هذه اللفتة من وزير سابق ''لا يمكنها إلا أن تساهم في الحفاظ على حرب الذاكرة''، في الوقت الذي سيزور الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، في أوائل شهر ديسمبر المقبل، الجزائر.