"الشرق الاوسط" القاهرة: خالد محمود بينما بدأ رئيس المجلس الانتقالي الليبي المستشار مصطفى عبد الجليل، أول زيارة رسمية له إلى الجزائر أمس وتستغرق يومين، بدأ رئيس الحكومة المؤقتة، الدكتور عبد الرحيم الكيب، زيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة. وقال أعضاء في المجلس الوطني الانتقالي الليبي ل«الشرق الأوسط»، إنهم يسعون للإطاحة بالحكومة المؤقتة وتنصيب حكومة بديلة قبل الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها قبل نهاية شهر يونيو (حزيران) المقبل. وأكد عبد الرزاق العرادي، عضو المجلس الانتقالي الليبي في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، وجود تحرك فعلى لإقالة حكومة الكيب التي قال إنها أخفقت في القيام بأي إنجازات ملموسة على أرض الواقع. ويعتبر العرادي أحد الأعضاء المقربين من رئيس المجلس الانتقالي الذي يتولى السلطة في ليبيا بعد الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي ومقتله في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. واعتاد العرادي الانفراد بنشر كثير من أخبار وكواليس المجلس الانتقالي عبر صفحته الاجتماعية على «فيس بوك» و«تويتر» على نحو دفع بعض النشطاء الليبيين إلى التساؤل حول الدور الذي يقوم به في ظل وجود ناطقين رسميين باسم المجلس الانتقالي، وحكومته المؤقتة التي تم تشكيلها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. لكن مصادر في المجلس الانتقالي نفت ل«الشرق الأوسط» تبني المستشار عبد الجليل أي تحرك لعزل الحكومة الحالية، وفي المقابل، اعتبرت مصادر حكومية ليبية مقربة من الكيب أن هذه المعلومات مجرد محاولة للإساءة إلى الحكومة وإرباكها. وأوضحت المصادر ذاتها أن هذه ليست المرة الأولى التي يسعى فيها البعض إلى الغمز من قناة الحكومة عبر تسريبات وصفتها بأنها مضرة بالحياة السياسية في البلاد، مشيرة إلى أنه ليس معقولا أن تتم إقالة الحكومة التي حظي رئيسها بغالبية أصوات أعضاء المجلس لدى تعيينه بوصفه أول رئيس حكومة في مرحلة ما بعد القذافي. وكانت قناة « ليبيا الأحرار» التلفزيونية المحسوبة على المجلس الانتقالي قد كشفت النقاب عن أن 54 من أعضاء المجلس الانتقالي وقعوا مذكرة للمطالبة بإعفاء الكيب من منصبه. ونقلت عن مصادر لم تفصح عنها أن الحسم بشأن المذكرة سيتم غدا الثلاثاء، مشيرة إلى سعي المستشار عبد الجليل لتكليف الدكتور علي الترهوني، وزير المالية الأسبق، برئاسة الوزراء. وجاءت هذه التطورات في وقت بدأ فيه الكيب زيارة إلى دولة الإمارات العربية على رأس وفد حكومي يضم نائبه الثالث ووزراء الخارجية والكهرباء والعمل والمالية والاتصالات والاقتصاد بالإضافة إلى اللواء يوسف المنقوش، رئيس أركان الجيش الليبي. وكان الدكتور الكيب قد اعتبر في تصريحات لقناة محلية مساء أول من أمس أن هدف حكومته الحالي مصلحة المواطن الليبي واستقراره وأمنه، والانتقال بالوطن من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة حيث يسود الأمن والاستقرار. ووصف فترة وجود حكومته بأنها مرحلة انتقالية قصيرة، لافتا إلى أنها «مرحلة تأسيس، وإدارة أزمات.. إننا ورثنا عن النظام السابق جهازا إداريا ينقصه التدريب والتأهيل»، وأضاف أن «ليبيا تمتلك قدرات وطاقات شبابية هائلة ظهرت للعالم بعد الثورة، وانبهر بها وبقدرة هذا الشعب على تفعيل الإنتاج خاصة في مجال النفط»، موضحا أن «إنتاج النفط عاد إلى ما كان عليه في السابق؛ بل وصل الآن إلى 1.5 مليون برميل يوميا». وفى محاولة للرد على الانتقادات الموجهة إلى حكومته وضمنها البطء في التعامل مع الانفلات الأمني في بعض المدن الليبية، قال رئيس الوزراء المؤقت إن مسألة الأمن والأمان مسؤولية الجميع، ولا تخص الحكومة فقط، وزاد قائلا: «ورغم ذلك، فإن الحكومة تحركت بسرعة لتفعيل الأمن والأمان في كل ربوع ليبيا، خاصة سرعة الحركة التي تمت في الكفرة وسبها، والنتائج الباهرة التي تمت في هذا الشأن، وكذلك الحركة الأسرع التي تمت في منطقة زوارة ورقدالين والجميل". إلى ذلك، نفت مصادر ليبية ل«الشرق الأوسط» ما تردد عن احتمال عقد اجتماع سري بين أفراد عائلة القذافي الموجودين في الجزائر والمستشار عبد الجليل. ووضع بيان للرئاسة الجزائرية الزيارة في إطار تعزيز التشاور والتعاون بين ليبيا والجزائر والسبل الكفيلة بتطويرها وتدعيمها في مختلف المجالات بما يتماشى وتطلعات شعبي البلدين، مشيرا إلى أنه ستتم مناقشة القضايا التي شهدتها المنطقة مؤخرا. وقال الدكتور سعد الشلماني، الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الليبية، إن مباحثات عبد الجليل مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ستتناول العديد من الملفات ذات العلاقة بالتعاون الثنائي، ومن بينها التعاون الأمني وتأمين الحدود، باعتبار أن البلدين جاران ويرتبطان بتاريخ ومصالح مشتركة. وأشار، وفقا لوكالة الأنباء الليبية، إلى أن هذه الزيارة ستكون مناسبة للتشاور والتنسيق حيال العديد من القضايا بما فيها مكافحة الهجرة غير الشرعية والتهريب، بالإضافة إلى آخر التطورات في دول الجوار، والأحداث الأخيرة التي تشهدها المنطقة. وساد التوتر العلاقات بين الجزائر والثوار الليبيين منذ اندلاع الثورة الليبية ضد نظام العقيد معمر القذافي، فقد تأخرت الجزائر في الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي في ليبيا حتى نهاية سبتمبر( أيلول) الماضي، وقبلها كانت ضد تدخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) في الأزمة الليبية، وفي المقابل، اتهم المجلس الانتقالي الجزائر بدعم القذافي وإرسال مرتزقة للقتال إلى جانبه. كما وفرت الجزائر الملاذ لعائشة القذافي ابنة العقيد القذافي التي دعت منها إلى «الثورة على الحكم الجديد» في طرابلس، كما لجأ إلى الجزائر كل من محمد وهانيبال القذافي، وزوجة القذافي صفية، وعدد من أفراد أسرته، خاصة الأطفال.