أثارت قضية استوزار إمراة وحيدة في حكومة عبد الإله بنكيران، المزيد من النقاش حولها، من طرف بعض الإعلاميين والباحثين، معتبرين المسألة مؤشرا على "تراجع خطير بشأن مكتسبات النساء"،وفقا لما جاء على ألسنة ضيوف برنامج تلفزيوني ليلة أمس. وتساءل أحد المشاهدين في رسالة نصية، أثناء بث برنامج " مباشرة معكم"، على شاشة القناة التلفزيونية " الثانية":"كيف يمكن الحديث عن حكومة ديمقراطية بوزيرة واحدة؟" ورغم إثارة قضايا أخرى ، مثل "ظروف تشكيل الحكومة الجديدة، ومختلف المراحل التي مرت منها قبل تعيينها رسميا، والملفات الكبرى التي تنتظرها"،فإن موضوع المرأة ظل مثيرا لكثير من الكلام على ألسنة المشاركين في البرنامج. وذهب بعض المتدخلين إلى حد مطالبة رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، باتخاذ إجراءات تسمح باستدراك الأمر، بما يسمح بإنصاف المرأة وإعطائها مكانتها الجديرة بها،ضمن الفريق الحكومي الجديد، تفعيلا لمبدأ دستوري ينص على المناصفة. وقال عبد الحميد اجماهري، مدير تحرير يومية " الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" ، إن الحزب الذي أنقذ ماء الوجه،على حد تعبيره، هو " العدالة والتنمية"، الذي اختار إمراة واحدة كوزيرة، هي بسيمة حقاوي،متسائلا، ألم يكن بإمكان بنكيران أن يفرض على مكونات الأغلبية ترشيح أسماء نسوية حزبية لتقلد مناصب وزارية؟ ولاحظ أجماهري كيف تسوق النساء المغربيات الطائرات والبواخر، بكل كفاءة واقتدار، وفي المغرب قيادات نسوية كبرى، ومع ذلك لم يتم إسناد منصب لهن على رأس وزارة الصحة او السكن في الحكومة،على سبيل المثال، مشددا على أنه لايمكن أبدا تبخيس دور المرأة، فهي المعيار الحقيقي للحداثة والتطور. وكشف محمد الحجيوي، صحافي من يومية " بيان اليوم"، الناطقة بلسان "التقدم والاشتراكية"، أن هذا الحزب قدم ثلاث اقتراحات في هذا الشأن،بخصوص المرأة، مشيرا في تدخله، إلى كون الوزيرة الوحيدة من " العدالة والتنمية"، هو مؤشر إيجابي، بما يعني انفتاحه على المرأة. وتساءل الحجيوي بدوره:" كيف توجد حاليا في البرلمان 67 نائبة، من دون أن تكون إحداهن على رأس فريق نيابي؟ كما سجل أنه لحد الساعة لاتوجد أية شابة مغربية على رأس تنظيم من التنظيمات الشبابية. وطرحت نادية المريني،رئيسة تحرير مجلة أسبوعية اقتصادية، صادرة بالفرنسية، المسألة من وجهة نظرها الخاصة، مذكرة ببعض التجارب السابقة، حيث كانت بعض الأحزاب تلجأ إلى كفاءات نسوية غير منتمية سياسيا لها، وتلبسها الرداء الحزبي لتوزيرها، مشيرة في هذا السياق إلى نوال المتوكل، وزيرة الشباب والرياضة سابقا، بإسم حزب " الأحرار"، ونفس الشيء بالنسبة لأمينة بنخضراء، وزيرة الطاقة في الحكومة الأخيرة. واعتبر محمد حركات، مدير المركز الدولي للأبحاث، بدوره أن وجود إمراة واحدة فقط، ضمن فريق حكومي يتكون من 31 وزيرا، غير كاف على الإطلاق، ويطرح مسألة إنسانية على مستوى التواصل. وأوضح عبد العزيز القراقي، أستاذ العلوم السياسية، أن" المغرب دخل في دورة جديدة من دورات تجديد النخب السياسية والمواهب البشرية"،وهناك الكثير من الكفاءات النسائية التي تقود القطاعات الإنتاجية، بما يعادل كفاءات الذكور،" ولكن المشكل الحقيقي يكمن في التراكمات الثقافية." واستغرب أوسي موح لحسن،صحافي بيومية " الأحداث المغربية"، هذا التراجع في تعيين المرأة في مناصب وزارية، وقال إن هذا ربما يعكس ثقافة متجذرة في التنظيمات الحزبية،ويرتبط بثقافة المجتمع الذكوري. وعبر أوسي موح عن خشيته من أن يكون ذلك بداية لتراجعات عن العديد من المكتسبات الأخرى، مثل المرأة والحريات والفن ..وأشياء أخرى.