السكوري: جرمنا طرد وتنقيل المضربين .. والإضراب العام من حق النقابات    الإمارات ترفض تهجير الفلسطينيين    الجيش ينفصل عن المدرب هوبير فيلود    تواصل ارتفاع أسعار السمك يثير الجدل في المغرب    من تنظيم المجلس الجهوي لهيئة الموثقين بأكادير وكلميم والعيون .. يوم دراسي حول«صحة العقد التوثيقي بين الممارسة التوثيقية والعمل القضائي»    أحكام قضائية مشددة في قضية "أنستالينغو" في تونس.. تفاصيل الأحكام وأبرز المدانين    إطلاق نار في بروكسيل.. المهاجمون لا يزالون في حالة فرار (فيديو)    الوزير بركة من طنجة: الماء ركيزة الأمن الغذائي والطاقي ويحتاج إلى حكامة مندمجة لمواجهة التحديات    توقيف شاب بطنجة متلبسًا بحركات استعراضية خطيرة وحجز دراجات نارية مخالفة    حوض سبو: نسبة ملء السدود تبلغ 35 في المائة إلى غاية 4 فبراير    التاريخ والذاكرة.. عنف التحول ومخاضات التشكل    الراشيدي: الثقة في المؤسسات تتراجع.. ونصف المغاربة يريدون مكافحة الفساد    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يرحب باعتماد اللجنة العربية لحقوق الإنسان لتوصيات تقدم بها المغرب    معرض "أليوتيس" يروج للابتكار في قطاع الصيد ويعزز الشراكات الدولية    الكاف يكشف موعد ومكان قرعة ربع نهائي العصبة وكأس الكونفدرالية    مؤشر "مازي" يسجل تراجعا في تداولات بورصة الدار البيضاء    تهريب المخدرات يطيح بثلاثة أشخاص    الإضراب يشل النقل الحضري بوجدة    ستيني يُنهي حياته داخل منزله في مرتيل    اختفاء طفلين في طريقهما إلى سبتة من مدينة العرائش والمصالح الأمنية تواصل البحث    نقابات بالناظور تستجيب للإضراب الوطني احتجاجا على حكومة أخنوش    وفاة المغنية الشعبية غيثة الغرابي    غياب اللقاح بمركز باستور بطنجة يُثير استياء المعتمرين    مسؤول نقابي بتطوان: سنبقى في الشارع حتى يسقط هذا قانون الإضراب المشؤوم    مجلس النواب يصادق بالإجماع على مشروع قانون متعلق بالتنظيم القضائي    بلال الخنوس يتوج كأفضل موهبة لعام 2024    مجموعة إسبانية تعتزم افتتاح منتجع فاخر في طنجة    المعقول .. من اللامعقول السياسي عند تبون من خلال حواره! -2-    أخنوش يستعرض المؤشرات الاقتصادية والمالية للمغرب ويؤكد مواصلة الإصلاحات    جامعة عبد المالك السعدي تعزز البحث العلمي في مجال القنب الهندي باتفاقية جديدة مع الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المرتبطة بالنبتة    انحراف حافلة يخلف قتيلة ومصابين    رونالدو بعد بلوغ سن الأربعين: أنا أعظم لاعب في التاريخ    منصة "واتساب" تعلن عن تحديث جديد لتشات جي بي تي داخل تطبيقها    أجراس الحداثة البعدية في مواجهة منابر الحداثة    تأجيل أم إلغاء حفل حجيب بطنجة؟ والشركة المنظمة تواجه اتهامات بالنصب    كعكتي المفضلة .. فيلم يثير غضب نظام المرشد في إيران    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ماذا يعرف الأطباء عن أعراض وعلاج الاحتراق النفسي؟    أولمبيك آسفي يتمسك بمدربه أمين الكرمة بعد فترة توتر    بلقاسمي: ملعب الرباط سيدخل كتاب " غينيس"    ميلان يعلن تعاقده مع جواو فيلكس على سبيل الإعارة    تنقيط لا يليق بالحارس الرجاوي أنس الزنيتي في مباراته الأولى مع الوصل    أسعار الذهب ترتفع إلى مستوى تاريخي جديد    الرباط.. العرض ما قبل الأول لفيلم "الوصايا" لسناء عكرود    سياسات ترامب الحمائية هل ستؤدي إلى حرب تجارية جديدة؟    الولايات المتحدة.. مجلس الشيوخ يؤكد تعيين بام بوندي في منصب وزيرة العدل    بلغ عددهم 67.. فرق الإنقاذ تعثر على جثث جميع ضحايا تحطم طائرة واشنطن    ترامب يوقع على أمر تنفيذي بانسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان    خبراء يؤكدون أن جرعة واحدة من لقاح "بوحمرون" لا تكفي للحماية    الصحة العالمية : إطلاق أول تجربة لقاح ضد إيبولا في أوغندا    جولييت بينوش تترأس لجنة التحكيم في "مهرجان كان"    التقلبات الجوية الحادة تؤثر على الصحة العقلية للمراهقين    الرباط: تنصيب الأعضاء السبعة الجدد بأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إكرام عبدي "الشرق الاوسط": نسائم الإصلاح في الدستور المغربي الجديد
نشر في مغارب كم يوم 16 - 10 - 2011

عشنا ربيعا عربيا خصبا بامتياز، ونحن مقبلون على خريف عربي، خريف لن تشيخ فيه إرادة التغيير والإصلاح، ولن يبهت أفقه، بل سيبتهج بعرائه، عراء من كل أوراق الزيف والفساد والظلم.
ف«ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل»، هكذا تعودنا نحن العرب أن نتلمس كوى الضوء في عمق العتمة، ونتقاسم معا قطعة الشمس كل صباح وننهض من اكتمال الخراب.
والمغرب اخضوضر هو أيضا في هذا الربيع العربي بعد أن ورد وأشقاؤه العرب نبعا تونسيا رقراقا، ربيع أينعت فيه زهرة «الدستور الجديد» الذي صوت عليه المغاربة في استفتاء فاتح يوليو (تموز) الماضي، لينسج من مضامينه مهادا خصبا يلتئم فيه شمل الملك والشعب؛ دستور وجد فيه المواطن المغربي بيت أبي سفيان الآمن بعد أن ضاع كل أمن وأمل، دستور سيتلفع بأرديته المواطن المغربي في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) القادم، تاريخ انتخاب برلمان جديد، ومن أغلبيته سيتم بناء معمار حكومي ورئيس حكومة جديدة. لحظة تاريخية مهمة في تاريخ المغرب الحديث، لحظة سيبرهن فيها المواطن المغربي على قدرته على رسم المستقبل المغربي بملامح جديدة، كي يضع قطيعة مع الماضي، وكي يصنع زمنه الخاص دون أي وصاية أو إملاءات خارجية ويمسك التاريخ من ناصيته.
فشهور الاحتجاجات التي افترشها المواطن المغربي، والتي أسفرت عن دستور جديد، أبانت عن جرأة المواطن المغربي للكشف عن شروخ وتصدعات ذاته وجعل الآخر يعترف بذلك سعيا إلى ترميمها، تلك الاحتجاجات أشعلت تلك الجذوة الباردة والمنفية في سراديب الذات، كي تضرم الحياة في أوصال الآتي.
لذا، فالأحزاب والنخب السياسية في هذه المرحلة، مرحلة الاستعداد للانتخابات المقبلة، ووضع البرامج، وإحداث التحالفات، والاتفاق على العتبات واللائحة الوطنية والتقطيع الانتخابي، لا يمكن أن تغلق نوافذها وتسيج أجسادها بالمقاطعة لحسابات شخصية ضيقة ونزاعات سياسية، لا يمكن إطفاء جذوة التغيير بأفواه تقدس الظلام، لا يمكن سيادة نفس الخطابات والبرامج والوجوه السياسية المكرورة، لا يمكن العودة إلى الوراء واستنساخ تجربة الانتخابات التشريعية 2007 بنسبة مشاركة هزيلة تصل إلى 20 في المائة، لا يمكن استحضار أشباح من القرون الوسطى كي تعترض طريق أحلام شعب برمته وتمسك اللحظة بقبضة من اليأس والتشاؤم، لا يمكن لسدنة الإقطاع والفساد أن ينفثوا سمومهم في الخفاء، ولا يمكن أن تختلط نسائم الحرية والديمقراطية برائحة الزيف والفساد، لا يمكن الانخراط في اللحظة القادمة بأشباح الماضي وبأباطرة الفساد والنهب والظلم والاستبداد، لا بد من وضعهم في محكمة التاريخ، ولا يمكن لشباب 20 فبراير (شباط) الذين أشعلوا هذه اللحظة التاريخية بأصوات مصطلية بنبرات منتفضة ومتمردة وحارقة، أن يخلوا الساحة ويجهضوا اللحظة في أوج بهائها وتألقها، فالمغرب في حاجة لشبابه ونسائه ولكل مكونات المجتمع المدني لإنجاح هذه اللحظة، وللمضي قدما في مسيرة الإصلاح والتغيير التي انتهجها المغرب منذ سنة 1998 تاريخ تسلم حكومة التناوب للسلطة.
المرأة المغربية كانت أكثر ابتهاجا بالدستور الجديد؛ لكونها أكثر فئات المجتمع ظلما وحيفا، وبمجرد ما فاضت سماء الدستور الجديد بسحابتها المدرار على كل مكونات المجتمع دون استثناء، وهطلت بإصلاحات دستورية وسياسية واجتماعية وحقوقية واقتصادية، أينعت رؤوس النساء المغربيات، ليس لقطعها بل لتوسيع مشاركتها السياسية وحسن تمثيليتهن في المؤسسات المنتخبة، بحيث ينص الفصل 19 من الدستور الجديد على «تمتيع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية»، و«تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء»، «تحدث لهذه الغاية هيئة للمناصفة ومكافحة التمييز»، وإذا كان حلم «المناصفة» يظل أمرا صعبا في الوقت الراهن، فقد تم اقتسام السلطة مع الرجل عبر «اللائحة الوطنية» التي تنصفهن بعدما طفت التراكمات التاريخية والقهرية على معايير الكفاءة والاستحقاق، لائحة تظل إجراء مرحليا ومؤقتا يمنح للمرأة فرص ولوج المؤسسات التمثيلية في مجتمع ما زالت تتردد حتى بعض نسائه في الاندساس بجرأة للتصويت في صندوق الانتخابات الجماعية أو البرلمانية، وخصوصا إذا كان الاسم المرشح امرأة. لكن اقتسام هذه اللائحة مع الشباب، خلق نقاشا مغلوطا في وسائل الإعلام، وجعل المرأة المغربية في مواجهة مع الشباب الذين هم أبناؤها، والذين من المفروض انخراطهم في البناء الديمقراطي وإسهامهم في تفعيل مضامين الدستور الجديد، لكن مع تدبير آليات أخرى لضمان تمثيليتهم بعيدا عن «اللائحة الوطنية» كمكسب نسائي سوف تعض عليه النساء بالنواجذ ضمانا لتعزيزه وتحقيقه في أحسن الظروف.
هو إذن حراك مجتمعي عربي، حراك سيقود إلى إنسانية الإنسان دون منازع، تماما مثل الثورة الفرنسية، والإصلاحات الدينية في ألمانيا، والثورات العمالية والدستورية في بريطانيا... على اعتبار أن الإصلاح يصنعه التراكم، تصنعه التضحيات والمخاضات والإخفاقات والهزائم والإحباطات، ولا يتم بعصا سحرية أو بين عشية وضحاها بل على المدى المتوسط أو الطويل، لهذا فهو لا يحتاج إلى التسرع والهرولة بل الاحتكام إلى التروي والهدوء وإلى وعي نقدي صارم وسيادة منطق غرامشي يغلب تفاؤل الإرادة على تشاؤم الفكر، إصلاح يحتاج إلى شحذ كل الهمم وصيانة كل مكتسب في سيرورة الإصلاح والتغيير بالمحاسبة والمسؤولية والحوار والنقد والتوافق، فهذا أوان الشد فاشتدي زيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.