شكل التغيير الخلفية الرئيسية للدرس الثاني الحسني الذي ترأسه العاهل المغربي الملك محمد السادس، مرفوقا بالأمير مولاي رشيد والأمير مولاي اسماعيل، عشية اليوم الاثنين، بقصر الرياض بالمشور السعيد بالرباط. وقد ألقى هذا الدرس، بين يدي العاهل المغربي، الأستاذ رضوان السيد، أستاذ الدراسات الاسلامية بالجامعة اللبنانية، وتناول فيه بالدرس والتحليل موضوع: "شواهد التغيير ومشاهده في القرآن الكريم" انطلاقا من قول الله تعالى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". واستشهد المحاضر بتعبيرات من القرآن الكريم تحث على التغيير، وقال إن "التغيير الذي يحدث في النفس، أي من داخل الفرد أو الافراد، يمكن أن يكون من الأفضل الى الأحسن أو يكون في الاتجاه المعاكس من السيئ الى الأسوء، وبالتالي يصبح التغيير لدى الجماعة فكرة أو قيمة بالغة التأثير". وأوضح أن الأمر يتعلق بعملية "تغيير داخلية تؤثر في تصرفات الأفراد ثم تتحول لتصبح دافعا للتغيير الاجتماعي الشامل"، مبرزا في هذا الصدد أن "الإيمان هو الذي يؤسس للتغيير". و يرى المحاضر ان "الإيمان عملية سعي وجهاد مستمرين داخل النفس الانسانية"، مستشهدا في هذا الصدد بعدد من الآيات القرآنية الكريمة التي تتحدث عن سمات المؤمنين، الافراد والجماعات، التي تشمل عباداتهم وسلوكاتهم وأخلاقهم ونواياهم الحسنة. وفي رأي، الأستاذ رضوان السيد، فإن الأمر يحتاج إلى "جهاد نفسي مستمر ومعاناة لكي يحدث التغيير ويستقر ويتطور ثم ينتشر"، واوضح في هذا الصدد ان "الانسان يظل معرضا لارتكاب الأخطاء والانتكاسات، بيد أن التوبة كفيلة بإصلاح العقل". وعبر عن اعتقاده بأن الإيمان "يتطلب في النفس حضور العديد من القيم أو المصطلحات المفاتيح، في عملية التغيير والتحول والانتقال إلى عالم الايمان"، وهي قيم تحدد رؤية المؤمن للعالم وتتمثل في "المساواة والكرامة والرحمة والعدالة والتعارف والخير العام". ولم يفت المحاضر أن يتحدث عن ظواهر الصراع بين الدين والدولة منذ ستينيات القرن الماضي، معتبرا أن "الزمن الجديد" يتسم بكونه "زمن حركات التغيير العربي"، مشيرا إلى زخم حركات الشباب في هذا الصدد، مبرزا أن من عناوين التغيير الرئيسية استعادة المسألة القيمية الأولوية، حيث الأهداف المعلنة لحركات التغيير تكمن في الكرامة والحرية والعدالة، وهي قيم عريقة في الموروث الفكري والثقافي والديني للأمة. و في ختام الدرس، خلص المحاضر إلى القول إن "المغرب العظيم كان رائدا في مرحلة الكفاح ضد الاستعمار بالتوحد الذي انطلق وانتصر بين الإمامة والجماعة"، حسب قوله، مشيدا بالمغرب اليوم كرائد في "تلاقي القيادة والجمهور على تحقيق التغيير في ظل قيم الحرية والكرامة والعدالة".