كشف الأمير الوطني السابق لما يسمّى بالجيش الإسلامي للإنقاذ، مدني مزراق، أن قيادة الحزب المحلّ على استعداد، إذا اقتضت ظروف الأمر الواقع، أن تمنح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فرصة جديدة، شرط أن يلتزم علنًا أمام الشعب الجزائري بإنقاذ البلاد من الأزمة الوطنية التي تعصف بها منذ عام 1992، وفق "أرضية وفاق وطني" تمثّل الحد الأدنى من المشترك الذي يُمكن أن يجمع بين جميع الجزائريين دون استثناء، وفي المقابل، أكّد قيادي الحزب المحظور أن اتصالات حثيثة في كافة الاتجاهات، تجري على نفس القاعدة، مع فريق المرشّح المنافس علي بن فليس، لكنّها لاتزال في بداياتها الأولى. صرّح مدني مزراق أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلّة ستدعم الرئيس المترشح، في حال ما ثبت أن مروره لعهدة رابعة هو "أمر واقع"، توافقت عليه أركان الدولة العميقة، لكنّ الرجل وضع شروطًا مبدئية لاتخاذ هكذا قرار، أهمّها أن يلتزم الرئيس في برنامجه العلني، بعيدا عن الصفقات السريّة، بوضع سكّة البلاد على الطريق الصحيح، ولن يتحقق ذلك من وجهة نظره، إلاّ عبر الذهاب بمشروع المصالحة الوطنية إلى مداها الأخير، وقبلها تعديل دستوري يؤسّس لدولة ديمقراطية حقيقية، مع استحداث منصب نائب للرئيس، يكون في مستوى ثقة الجزائريين، على شاكلة مولود حمروش، ليُشرف على تجسيد هذه الالتزامات الشفافة، وأضاف المعني في اتصال مع "الشروق" أنّ الباب لم يغلق بعدُ بهذا الصدد، لكنّه شدّد على أن عبد العزيز بوتفليقة لم يف بوعوده خلال ثلاث عهدات سابقة، مؤكّدا -مع احترامه الكبير للرجل- أن الأصلح له وللعباد هو أن ينسحب أصلاً من سباق الاستحقاق الرئاسي المرتقب، لأن قيادة الدولة -في تقديره- تتطلب قدرات عقلية وبدنية لا يتمتع بها الرئيس بسبب "المرض المُقعد"، وذهب أبعد من ذلك، حين اعتبر استمراره في الحكم، هو جزء من الأزمة والانسداد الذي تعيشه البلاد، على حدّ تعبيره. على صعيد آخر، أكّد مدني مزراق وجود اتصالات مكثفة مع رئيس الحكومة الأسبق، ورجالاته المقرّبين، بهدف التوصّل إلى "أرضية وفاق" تحقق إجماعًا بين أطراف الأزمة التي نجمت عن إجهاض المسار الانتخابي إثر تشريعيات 26 ديسمبر 1991، وقال في هذا السياق، "نحن ننتظر من يقدّم عرضًا يمكن أن يقود البلاد إلى شاطئ الأمان"، والذي لن يتوفّر من منظوره إلاّ بوضع ملفّ المصالحة الوطنية على الطاولة بكلّ وضوح وعلانيّة. وبخصوص التضارب في شأن تعهّد علي بن فليس بعودة "الفيس" للنشاط السياسي على الساحة الوطنيّة من عدمه، قال المتحدث ل"الشروق"، أن النقاش مفتوح حول ترقية المصالحة، لكن لم نصل حتى الآن إلى أرضية واضحة ونهائية، حتى وإن أبدى غريم بوتفليقة استعداده لتوضيح كلّ شيء، مؤكّدا أن قيادات الجبهة المحظورة ستقف إلى جانبه لو تعهّد أمام الجميع بتنفيذ هذه الالتزامات. وبشأن الرهان الحقيقي لقيادات الحزب المحلّ بين دعم بوتفليقة أو مساندة بن فليس، أوضح مزراق أنها تقف في الوقت الحالي على مسافة واحدة من المرشّحين، حتى يتبيّن مشروعاهما للمرحلة القادمة، لأنها تريد "كلمة رجال" أمام جميع الجزائريين، على حدّ وصفه. وفي حال، فشل هؤلاء في الوصول إلى أي اتفاق مع المرشحين، فقد أعلن القائد السابق ل"الأياس" أنّ الجبهة ستصدر "بيانًا تاريخيّا" للشعب الجزائري في حينه، من دون أن يقدّم أيّ تفاصيل حول مضامينه.